توقيت القاهرة المحلي 20:21:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لو كانت إيران جدية في مكافحة الإرهاب

  مصر اليوم -

لو كانت إيران جدية في مكافحة الإرهاب

خيرالله خيرالله

آن أوان تسمية الأشياء بأسمائها. إن إيران، التي شجعت على ارتكاب كل أنواع الجرائم في لبنان، هي آخر من يحق له الكلام عن مكافحة الإرهاب.

من سخرية القدر أن تتحدّث شخصية رسمية إيرانية من بيروت بالذات عن مكافحة الإرهاب. اختار علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الأمن والعلاقات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني (مجلس النواب)، مقر وزارة الخارجية اللبنانية لتأكيد أن إيران تحارب الإرهاب. الشيء الوحيد الأكيد في المشهد أن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، الذي لا تتجاوز معلوماته السياسية حدود قضاء البترون الذي خذله مرّتين متتاليتين في الانتخابات النيابية، هزّ برأسه مؤيّدا كلام بروجردي. لا يؤيد الطرح الإيراني في شأن الإرهاب سوى الذين لا يعرفون شيئا عن إيران ولا عن حقيقة دورها في استغلال ما هو أسوأ من الإرهاب، أي الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية!
يعيش اللبنانيون في حال من البؤس والقحط السياسي تجعلهم عاجزين عن أكثر من قول كلمة حقّ في وجه الباطل. وقد قال هذه الكلمة قبل أيام وزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب مروان حماده في مناسبة الذكرى الثالثة لاغتيال اللواء وسام الحسن على يد معروفة، بل معروفة أكثر من اللزوم.

أكثر من ذلك، يتعرّض اللبنانيون أيضا لكل أنواع الضغوط من أجل القبول بالأمر الواقع المذلّ الذي تسعى إيران إلى فرضه عليهم بقوّة السلاح غير الشرعي المذهبي الموجه إلى صدورهم العارية.

جاء رئيس لجنة الأمن في البرلمان الإيراني إلى بيروت بعد زيارة لدمشق، من أجل تكريس لبنان رهينة لدى المشروع التوسّعي الذي تقوده بلاده في المنطقة. جاء ليخيف اللبنانيين لا ليطمئنهم. جاء لتبرير التدخّل العسكري الروسي في سوريا بحجة من النوع المضحك – المبكي. قال بروجردي “إنّ التدخّل العسكري الروسي في سوريا أتى ليسدّ الفراغ الذي خلفته أميركا بسبب عدم جديّتها في مكافحة الإرهاب”. نعم، إن أميركا، خصوصا إدارة باراك أوباما، غير جدّية في مكافحة الإرهاب. لكنّ سبب عدم جديتها يعود أوّلا وأخيرا إلى وقوفها موقف المتفرّج حيال أمريْن مهمّيْن.

يتمثّل الأمر الأوّل في السماح لبشّار الأسد برمي شعبه بالبراميل المتفجّرة بعد موافقتها على تجريد النظام السوري من السلاح الكيميائي. لم يقل لنا السيد بروجردي ما الفارق بين الإرهاب الذي يمارس عن طريق البراميل المتفجّرة، وذلك الذي يمارس بواسطة السلاح الكيميائي؟

أمّا الأمر الثاني، فيتمثّل في السكوت الأميركي عن الإرهاب الروسي. لم يقصف الروس حتّى اللحظة سوى المعارضة السورية التي تمثّل الشعب السوري المظلوم الذي يسعى إلى استعادة بعض من كرامته لا أكثر.


تغاضت روسيا عن “داعش” بشكل شبه تام، وركّزت على “الجيش الحر” في مناطق محدّدة. تمارس روسيا في الواقع إرهابا من نوع متطوّر يخدم النظام العلوي الذي يرفضه الشعب السوري رفضا كاملا ليس من منطلق أنه نظام طائفي فحسب، بل من منطلق أنه لا يؤمن سوى بلغة واحدة، هي لغة القتل أيضا.

ما يُفترض بأي شخصية رسمية إيرانية أن تعرفه أوّلا أن اللبنانيين ليسوا من نوعية النائب المسيحي ميشال عون وما شابهه من موظّفين صغار لدى الميليشيا المذهبية المسمّاة “حزب الله”. يعرف اللبنانيون أن الجدّية في مكافحة الإرهاب تبدأ بالتوقف عن دعم نظام، مثل النظام السوري، يذبح شعبه يوميا بكلّ أنواع الأسلحة المتوفرة لديه. يفعل ذلك معتمدا على إيران وروسيا. لا يمكن لمن يدعم النظام السوري أن يكون ضدّ الإرهاب. من يدعم هذا النظام هو في طبيعة الحال حليف للإرهاب ولـ”داعش” بالذات. النظام السوري و”داعش” وجهان لعملة واحدة، نظرا إلى أن كلا منهما يعتمد على الآخر لتبرير وحشيته.

يعرف اللبنانيون، أكثر ما يعرفون، أنه لو كانت إيران جدّية في مكافحة الإرهاب، لما سلطت عليهم ميليشيا مذهبية. هذه الميليشيا تمنعهم من انتخاب رئيس جديد للجمهورية بحجة أن لبنان يجب أن يبقى رهينة لدى طهران، التي تفتخر بسيطرتها على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. ألم يحن الوقت لإطلاق سراح لبنان بدل الإصرار على تعريضه لكلّ أنواع المخاطر، بما في ذلك تدمير مؤسساته الواحدة تلو الأخرى؟

آن أوان تسمية الأشياء بأسمائها. إن إيران، التي شجعت على ارتكاب كلّ أنواع الجرائم في لبنان، هي آخر من يحقّ له الكلام عن مكافحة الإرهاب. اللبنانيون والسوريون والعراقيون واليمنيون والبحرينيون والكويتيون، على سبيل المثال وليس الحصر، شهود على ذلك. من يدعم “حزب الله” في لبنان وسوريا، لا يستطيع التنديد بالإرهاب. الحزب الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني يشارك في قتل الشعب السوري. قبل ذلك، من الثابت أن الحزب متّهم بالوقوف وراء سلسلة من الجرائم استهدفت اللبنانيين الشرفاء.

الحزب متّهم بمحاولة اغتيال مروان حماده وبطرس حرب ومي شدياق وإلياس المرّ. الحزب متهم باغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني ووليد عيدو وبيار أمين الجميّل وأنطوان غانم ووسام عيد ووسام الحسن ومحمّد شطح.

اللبنانيون يعرفون ذلك ويشيرون على وجه الخصوص إلى رفض “حزب الله” تسليم المتهمين باغتيال رفيق الحريري الذي ارتكب جريمة إعادة الحياة إلى بيروت وإعادة وضع لبنان على خريطة المنطقة والعالم، وبشّر بثقافة الحياة بديلا من ثقافة الموت…

لا يحتاج اللبنانيون إلى نصائح وتوجيهات من إيران. كلّ ما يريدونه منها أن تكفّ شرها عنهم لا أكثر ولا أقلّ. فلبنان قادر على مواجهة التطورات التي تشهدها المنطقة في حال سمحت إيران لمؤسساته بالعمل بشكل طبيعي. في مقدّمة هذه المؤسسات تأتي رئاسة الجمهورية التي تمثّل رأس الدولة. متى تسمح إيران بالأفعال، وليس بالكلام الصادر عن بروجردي وغيره، بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، يصبح في الإمكان القول إن تغيّرا حصل في طهران نتيجة توصلها إلى اتفاق في شأن الملف النووي مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا.

في غياب رئيس الجمهورية، ستبقى الشكوك محيطة بإيران وسياستها ودورها في التدمير ونشر البؤس، أقلّه بالنسبة إلى لبنان. رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. الواضح أن إيران غير قادرة على الإقدام على مثل هذه الخطوة، بل غير مستعدة لها. لماذا؟ لأن إيران لا تراهن سوى على مزيد من الخراب في لبنان وغير لبنان، خصوصا في سوريا والعراق والبحرين واليمن.

على من يبحث عن دليل على ذلك العودة قليلا جدا إلى الخلف، خصوصا إلى المرحلة التي تلت التدخل الروسي في سوريا. لم تعترض إيران بأي شكل على التنسيق الروسي – الإسرائيلي في سوريا. التنسيق قائم في العمق وعلى أعلى مستوى بين الجانبيْن. أين الحقيقة وأين الكذب في المواقف الإيرانية المعلنة… أم أن الحرب على الشعب السوري، الذي صار نصفه مهجّرا، تبرّر حتّى إشراك اسرائيل في هذه الحرب؟

يبدو أنّ الحرب على الجيش السوري تبرّر أيضا الكلام عن “عدم الجدّية الأميركية”، كما فعل علاء الدين بروجردي ويفعل كثيرون غيره من المدّعين محاربة إسرائيل.. حتّى آخر فلسطيني وسوري ولبناني!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو كانت إيران جدية في مكافحة الإرهاب لو كانت إيران جدية في مكافحة الإرهاب



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon