توقيت القاهرة المحلي 20:12:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محور السياسة الإيرانية تجاه سوريا

  مصر اليوم -

محور السياسة الإيرانية تجاه سوريا

خيرالله خيرالله


ماذا تنفع التلال 'الشامخة' التي يسيطر عليها حزب الله في القلمون وغير القلمون في حين أن المعارك الحقيقية، هي تلك التي تدور في محيط دمشق وفي حوران حيث سقط اللواء 52.

جديد سوريا أنّ المجتمع الدولي، خصوصا الدول الأوروبية مثل بريطانيا وألمانيا، بات مقتنعا بأنّ نظام بشّار الأسد انتهى وأن شيئا ما ذا طابع دراماتيكي يمكن أن يحصل في أيّ لحظة.

تؤكّد ذلك الخطابات الأخيرة المتكرّرة للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، التي تعكس حالا من الهلع لدى الحزب ولدى إيران التي تعد بإرسال قوّات لنجدة النظام، فإذا بها تفكّر في حقيقة الأمر في كيفية العمل على تقسيم سوريا لا أكثر. هل مثل هذا المشروع قابل للتحقيق؟ هل لا يزال في الإمكان قيام الدولة العلوية؟ هذا هو محور السياسة الإيرانية تجاه سوريا هذه الأيّام.

لعلّ أهمّ ما في مسلسل الخطابات الأخيرة لحسن نصرالله ليس ما ورد فيها، بل ما لم يرد فيها. لا وجود لكلام عن وعد بـ”انتصار” في سوريا، بل عن حماية حدود لبنان. هل مهمّة الحزب حماية حدود لبنان، أم إنّها مهمّة الجيش اللبناني الذي يمثّل كلّ اللبنانيين؟
    
    

في أساس المشكلة كلّها تورّط الحزب في سوريا عسكريا بناء على طلب إيراني غير مدرك أن ما يشهده هذا البلد العربي المهمّ ثورة شعبية تمتدّ على كلّ مساحة البلد. إنّها ثورة لم يكن من بدّ منها في يوم من الأيّام.

كان “حزب الله” يستطيع الحديث عن “انتصار” بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان تنفيذا للقرار الرقم 425 الصادر عن مجلس الأمن في العام 1978. كان ذلك في مثل هذه الأيّام من العام 2000. ولأنّه كان في الإمكان الكلام وقتذاك عن انتصار، تصرّف الحزب بطريقة حضارية، إلى حدّ ما، في جنوب لبنان.

بغض النظر عن الظروف التي أحاطت بالانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في تلك الأيّام، فإنّ المواطن اللبناني لا يمكنه تجاهل تضحيات شبان بذلوا الدم من أجل تخليص الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي. لا يمكن إلاّ الإنحناء أمام تضحيات هؤلاء الشبّان وذلك على الرغم من كلّ التحفظات عن وجود “حزب الله” على الأرض اللبنانية بصفة كونه ميليشيا مذهبية تابعة لإيران التي تمتلك أجندة خاصة بها لا علاقة لها بمصلحة لبنان واللبنانيين.

كلّ ما بعد العام 2000 كان بحثا عن انتصارات وهمية، كانت في الواقع انتصارات على اللبنانيين لا أكثر ولا أقلّ. من اختراع قضية مزارع شبعا التي رفض النظام السوري الاعتراف بلبنانيّتها.. وصولا إلى التورط في الحرب التي يشنّها النظام السوري على شعبه من منطلق مذهبي بحت، كان كلاما كبيرا وكثيرا عن انتصارات. الكلام شيء. والواقع شيء آخر. مجرّد سؤال بسيط يختزل ما هو “حزب الله”. هل يُعتبر رفض تسليم المتّهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه انتصارا؟ هل يمكن وصف نتائج حرب صيف العام 2006 بالانتصار؟

نعم، كانت هناك في الماضي انتصارات على إسرائيل. لكنّ “حزب الله”، الذي سبق له أن احتكر المقاومة وحسم الوضع داخل الطائفة الشيعية الكريمة لمصلحته، انتقل باكرا، بعد سلسلة من المعارك خاضها مع حركة “أمل”، من المقاومة إلى محاولة الانتصار على اللبنانيين في الداخل اللبناني. كان ذلك في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.. قبل الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب.

جديد السنوات الأربع الأخيرة كان التورّط في سوريا. وأخطر ما في الأمر ليس الطابع المذهبي لهذا التورّط. هناك جانب آخر لا بدّ من التركيز عليه. يتمثّل هذا الجانب في احتقار “حزب الله” للسيادة الوطنية اللبنانية وما بقي منها وإرساله مقاتليه إلى سوريا من دون الأخذ في الاعتبار للحدود القائمة بين بلدين مستقلين يوجد تبادل للتمثيل الدبلوماسي بينهما!

هذه سابقة خطيرة على الصعيد الإقليمي، جعلت “داعش” يستخفّ بالحدود بين سوريا والعراق من منطلق أن الرابط المذهبي يعلو على كلّ ما عداه، بما في ذلك السيادة الوطنية للدول.

حسنا، ذهب “حزب الله” إلى سوريا في ظلّ حسابات إيرانية. في النهاية، الحزب لواء في “الحرس الثوري” الإيراني والأمين العام للحزب يقول صراحة إنّ مرجعيته هي الوليّ الفقيه في إيران وليس الدستور اللبناني. لا يترك حسن نصرالله مناسبة إلاّ ويؤكّد فيها ارتباط حزبه بمصلحة إيران أوّلا. وهذا ما يفسّر كلّ هذا الضيق لدى “حزب الله” من شعار “لبنان أوّلا” الذي رفعه أهل السنّة أخيرا.

لم يكن ذهاب “حزب الله” إلى سوريا مستغربا سوى لدى الذين لا يعرفون شيئا عن طبيعة الحزب وعن كونه استثمارا إيرانيا في لبنان. صار الحزب الآن استثمارا إيرانيا في لبنان وسوريا وحتّى في البحرين واليمن وربّما في دول عربية أخرى في المنطقة.

في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، سيتغيّر الوضع في سوريا. النظام الذي يدافع عنه “حزب الله” صار في مزبلة التاريخ. هذا عائد أوّلا وأخيرا إلى أن النظام، الذي تاجر بالسوريين واللبنانيين والفلسطينيين طوال نصف قرن تقريبا، مرفوض من شعبه. الكذبة التي اسمها النظام السوري طالت أكثر مما يجب بكثير..

باتت خطابات حسن نصرالله خالية من أيّ وعد بانتصار في سوريا. ماذا تنفع التلال “الشامخة” التي يسيطر عليها في القلمون وغير القلمون في حين أن المعارك الحقيقية، هي تلك التي تدور في محيط دمشق وفي حوران حيث سقط اللواء 52. هذه المعارك الحقيقية تقترب من الساحل السوري حيث الثقل السكّاني العلوي.

ماذا سيفعل “حزب الله” بعد طيّ صفحة النظام السوري نهائيا؟ إلى أين سيذهب لتحقيق انتصارات جديدة تضاف إلى انتصار تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان عبر أداته المسيحية المعروفة، أي النائب المسيحي ميشال عون؟

هناك سلسلة من الأسئلة تطرح نفسها، بل تفرض نفسها. من بين هذه الأسئلة سؤال متعلّق ببلدة عرسال التي لا تزال إيران تعتقد أنّها عقبة على طريق قيام دولة علوية ذات امتداد في الداخل اللبناني. من الطبيعي التساؤل كيف سيتعاطى الحزب مع هذه البلدة اللبنانية التي باتت في حماية الجيش اللبناني.

ما هو طبيعي أكثر التساؤل كيف سيتعاطى الحزب مع المعترضين على سلوكه داخل الطائفة الشيعية. اعترف حسن نصرالله أخيرا بوجود هؤلاء وبأهمّيتهم في المعادلة الوطنية وفي مشروع بناء دولة في لبنان. سمّاهم “شيعة السفارة”.

الأكيد أنّهم ليسوا شيعة السفارة الإيرانية ولا أيّ سفارة أخرى. لو كانوا كذلك، لكان في استطاعتهم التورّط في ذبح الشعب السوري وتعطيل الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان إلى ما لا نهاية.. من دون حسيب أو رقيب. من يحتاج إلى التأكد من ذلك، يستطيع بكلّ بساطة التمعّن في سلوك “حزب الله” الذي يعتبر الدولة اللبنانية دويلة داخل دولته، لمجرّد أنّه في حماية السفارة الإيرانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محور السياسة الإيرانية تجاه سوريا محور السياسة الإيرانية تجاه سوريا



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon