توقيت القاهرة المحلي 06:33:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معادلة مختلفة في اليمن

  مصر اليوم -

معادلة مختلفة في اليمن

بقلم خيرالله خيرالله

لا شك أن الشرعية ستكون في وضع أفضل في المفاوضات التي ستستضيفها الكويت في ظل تبدل عميق في المعادلة القائمة منذ بدأت 'عاصفة الحزم'، التي حالت دون تحول اليمن إلى مستعمرة إيرانية.

كان منتظرا الإقدام على تعديل في هرم السلطة في اليمن. لم يكن طبيعيا أن يكون على رأس السلطة شخصان (عبدربّه منصور هادي وخالد بحّاح) هناك تناحر يومي بينهما. كذلك لم يكن ممكنا إبقاء الشمال غائبا عن تركيبة السلطة. ولكن، هل كان لا بدّ من الإتيان بالفريق علي محسن صالح الأحمر، بحسناته وسيئاته، والذي لديه صلة قربى بعلي عبدالله صالح، وابن قريته في مديرية سنحان، ليكون نائبا لرئيس الجمهورية؟
يعتبر علي محسن صالح، القريب من الإخوان المسلمين والسلفيين، والعدو اللدود للرئيس السابق، العنوان الأساسي للتغيير الذي حصل، وهو تغيير استبق انعقاد جولة جديدة من المفاوضات بين اليمنيين في الكويت، بإشراف من الأمم المتحدة.

كلّ ما في الأمر أن المفاوضات التي ستدور في الكويت في غاية الأهمّية. وهذا يستوجب، في طبيعة الحال، أن يكون لدى الشرعية فريق متماسك يمثّل كل اليمن. لذلك، لم يكن مقبولا أن يكون هناك غياب للشمال وللزيود، على الرغم من أن علي محسن صالح زَيْديّ بالولادة فقط، لكنّه تحول إلى إخواني وسلفي لاحقا، وسعى إلى أن يخلف علي عبدالله صالح.. أو أن يكون في الموقع الذي كان فيه بين 1978 و2004، أي الرجل القويّ في البلد، عندما بدأت الحروب مع الحوثيين على خلفية التوريث في اليمن. كان علي محسن صالح يعتبر نفسه الخليفة الطبيعي لعلي عبدالله صالح وذلك قبل أن تطفو نغمة خلافة أحمد علي عبدالله صالح لوالده في مرحلة معيّنة.


قبل بروز نجم أحمد علي عبدالله صالح، كان علي محسن صالح الرجل الثاني في الدولة، أقلّه من الناحية الواقعية. كان يعتبر نفسه المؤهل للحلول مكان علي عبدالله صالح أو لأن يكون في الموقع نفسه متى خلف الشيخ حميد عبدالله بن حسين الأحمر علي عبدالله صالح. لا بد من الإشارة مرة أخرى إلى أن لا علاقة قربى عائلية لعلي محسن صالح بآل الأحمر، زعماء حاشد، أقوى القبائل اليمنية، سابقا. هناك علاقة قربى وطيدة بينه وبين علي عبدالله صالح، فيما آل الأحمر، وهم من عمران، شيء آخر كليا.

لا يمكن تجاهل أهمّية علي محسن صالح الأحمر ودوره في اليمن. لا شك أن اختياره نائبا للرئيس يشير إلى وجود نيّة في سدّ فراغ بقي قائما منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء في أيلول – سبتمبر من العام 2014 وتوصّلهم إلى “اتفاق السلم والشراكة” الذي كان بمثابة استسلام لإيران. وقتذاك، سارع الأمين العام لـ“حزب الله” حسن نصرالله إلى الإشادة بـ“اتفاق السلم والشراكة” الذي باركته الأمم المتحدة، للأسف، عبر جمال بنعمر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وقتذاك. عكس كلام نصرالله مدى ارتياح إيران لوضع الحوثيين يدهم على صنعاء.

كان لا بدّ من سدّ فراغ معيّن في الوفد الرسمي الذي يمثل الشرعية في اليمن، وذلك قبل جولة المفاوضات بين الأطراف اليمنية في الكويت. لم يكن معقولا أن تبقى الشرعية مقتصرة على ممثلي الجنوب، علما أن لا شيء يؤكّد أنّ علي محسن صالح يمكن أن يشكّل وزنا في الشمال باستثناء أنه كان ولا يزال رجلا لديه نفوذه بين بعض القبائل وفي أوساط عسكرية. تكمن مشكلة علي محسن صالح في أنّ لديه عداوات كثيرة في الشمال منذ كان قائدا للفرقة الأولى/مدرّع، كما كانت تسمّى، والتي كانت رأس الحربة في الحروب الست مع الحوثيين بين 2004 وبداية 2010، وهي حروب كانت في جانب منها حروبا بينه وبين علي عبدالله صالح لم يكن هناك من يريد أن يحسمها بأي شكل من الأشكال.

سيكون وفد الشرعية في مفاوضات الكويت في وضع أفضل، بوجود الأحمر أو بدونه، خصوصا في حال نجحت المفاوضات التي يجريها الوفد الحوثي في الرياض. وكان الأمير محمد بن سلمان، وليّ وليّ العهد السعودي، أكّد حصول هذه المفاوضات مشيرا إلى “تقدّم كبير”، مضيفا “نحن نضغط في اتجاه ترجمة هذه الفرصة على الأرض، لكنّنا جاهزون في حال انتكست الأمور”.

إذا كان مطلوبا اختصار الوضع اليمني بعبارة واحدة، كلّ ما يمكن قوله إن مفاوضات الكويت تشكّل فرصة لوضع الأسس لتسوية تأخذ في الاعتبار الحاجة إلى صيغة جديدة لليمن في غياب القدرة على العودة إلى ما كان عليه البلد سابقا، أي أن يكون بلدا محكوما من المركز الذي اسمه صنعاء.

ما لا بدّ من تذكّره أن الكويت لم تكن يوما بعيدة عن اليمن أو غريبة عنه. حتّى عندما كان اليمن يمنين، كانت الكويت على علاقة باليمن الجنوبي. تجاوزت كل الاعتبارات التي تدعو إلى مقاطعة هذا البلد وحاولت مساعدته قدر المستطاع. كانت الكويت وراء معظم المشاريع ذات الطابع المفيد في اليمن الجنوبي قبل الوحدة. بنت الكويت طرقات وأنفاقا وجسورا ومدارس ومستشفيات، حتّى عندما كانت معظم دول الخليج تقاطع الدولة الماركسية الوحيدة في العالم العربي.

في العام 1979، أي مباشرة بعد تولّي علي عبدالله صالح السلطة في الشمال، استضافت الكويت، إبان الحرب الباردة، مفاوضات بين الشمال والجنوب إثر اشتباكات حدودية بين بلدين مستقلين كادت تتحوّل إلى حرب شاملة بينهما. نجحت المجموعة العربية، وقتذاك، في منع اندلاع حريق كبير في اليمن.

في الواقع، نجحت الكويت وقتذاك، بدعم عربي سعودي وعراقي وسوري، في استيعاب الأزمة الخطيرة بين عدن وصنعاء في وقت كان الجنوب يعتقد أن علي عبدالله صالح سيكون لقمة سائغة، خصوصا أنّه لم تمض سوى أشهر قليلة على وصوله إلى الرئاسة.

تمتلك الكويت خبرة طويلة في اليمن. لا شكّ أن الشرعية ستكون في وضع أفضل في المفاوضات التي ستستضيفها الكويت في ظلّ تبدّل عميق في المعادلة القائمة منذ بدأت “عاصفة الحزم” التي حالت دون تحوّل اليمن إلى مستعمرة إيرانية. وهذا يشكّل بحدّ ذاته نجاحا كبيرا للمملكة العربية السعودية وقيادتها الجديدة وللملك سلمان بن عبدالعزيز شخصيا.

جديد المعادلة اليمنية أن علي محسن صالح صار جزءا من الشرعية في ظل الحاجة إلى عبدربّه منصور هادي بكل ما يرمز إليه من بقايا شرعية. هناك أيضا رئيس للوزراء من حضرموت هو أحمد عبيد بن دغر يمتلك بعض الخبرة السياسية، خصوصا أنه عمل في ظل الحزب الاشتراكي الذي حكم الجنوب حتّى العام 1990، كما تعاون في مرحلة لاحقة مع علي عبدالله صالح وحزبه “المؤتمر الشعبي العام”. بقي أن رفض نائب الرئيس السابق خالد بحاح للقرار سيكون عاملا مهما في تحديد مسار الأمور.

جديد المعادلة أيضا، وجود الوفد الحوثي في الرياض والحشد الكبير الذي استطاع علي عبدالله صالح جمعه في صنعاء قبل أيّام لإثبات أن العاصمة لا تزال تحت سيطرته أكثر بكثير مما هي تحت سيطرة الحوثيين.

هناك بكل بساطة معادلة مختلفة في اليمن. ليس صدفة انتقال الأطراف المعنية إلى الكويت بدل العودة إلى جنيف في ظل توازن جديد استطاعت السعودية فرضه. إنّه توازن عسكري وسياسي في آن، قد تكون الأطراف المعنية أخذت علما به بعدما تبيّن أن “عاصفة الحزم” لا يمكن أن تتوقف قبل بلوغ أهدافها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادلة مختلفة في اليمن معادلة مختلفة في اليمن



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 08:27 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

بعد تحوّل حرب غزّة.. إلى حرب "بيبي"

GMT 08:01 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

انتخابات الجزائر.. تبون في عالم خاص به!

GMT 11:14 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

لا حاجة إيرانية بعد... للاستعانة بابتسامة ظريف

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon