توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة وحروب الاستقلال

  مصر اليوم -

غزة وحروب الاستقلال

مصطفى فحص
بقلم -مصطفى فحص

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1988، أي قبل 35 عاماً، أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من العاصمة الجزائرية قيام دولة فلسطين، وما بين إعلان الاستقلال الفلسطيني وإعلان قيام دولة إسرائيل عقود من الصراع؛ بدأت بحرب (1948) التي انطلقت سنة 1947، واستمرت حتى 1949، قابلها حروب استقلال فلسطينية بدأت منذ إعلان الحركة الوطنية الفلسطينية عن انطلاق كفاحها المسلح سنة 1965، وهو مستمر إلى يومنا هذا. فالحرب في غزة أو على غزة واحدة من المواجهات الكبرى بعد حرب لبنان (1982) التي يخوضها الشعب الفلسطيني من أجل انتزاع استقلاله، والتي يخوض فيها الإسرائيلي أيضاً حرب استقلاله الثانية.

من الاستقلال وإليه، تدرك النخبة الإسرائيلية حجم التداعيات غير العسكرية للصفعة التي تلقتها في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على طبيعة الاجتماع والدولة، في كيان يسكنه هاجس وجودي وقلق منذ نشأته؛ فما حصل تستطيع أن ترد عليه تل أبيب عسكرياً، لكنها قد تفشل هذه المرة في احتواء هواجس مواطنيها وإعادة ترميم مبدأ الردع والأمان؛ فهي قبل الحرب كانت تعيش أزماتها الداخلية وانقسامات عمودية نتيجة تحولات في البيئة الاجتماعية، من الانقسام بين اليمين واليسار إلى مثالثة معقَّدة بين يسار أفل نجمه ويمين تقليدي غير قادر على تطوير خطابه ويمين متطرف صاعد يعتنق خطاباً مغالياً مكَّنه من توسيع استحواذه على المجتمع والدولة، وإحراج خصومه في اليمين التقليدي، وإخراج اليسار المؤسّس من المنافسة.

في الطريق إلى الاستقلال الثاني، يدرك اليمين الإسرائيلي المتطرف أن عليه أن يضحي من أجل انتزاعه، وهذا ما تم نقاشه سنة 2010 في أحد مراكز الدراسات بواشنطن بين خبراء استراتيجيين أميركيين وإسرائيليين حول دور هذا اليمين في أي نزاع عسكري خارجي قد يهدد سلامة الكيان، إلا أن الصدمة جاءت من الداخل، لذلك فإن تضحياته ستكون أكبر، ومكاسبه أقل. فاليسار الذي ضحى من أجل الاستقلال الأول نجح حتى سنة 1965 في نكران وجود حركة تحرر وطني فلسطيني، وهو في ذروة انتصاره أدرك ضرورة الاعتراف تدريجياً بالحقوق الفلسطينية (اتفاق أوسلو)، أما اليمين الحالي أمام معضلة صعبة، فحربه على غزة لن تحقق له النصر الذي يشتهيه، ولن تجنِّبه خسائر سياسية، إذا كان الحل النهائي مرتبطاً بقيام دولة فلسطينية.

في الطريق إلى الدولة، احتاج القيادي الحمساوي إسماعيل هنية 35 سنة كي يعترف للزعيم التاريخي للنضال الفلسطيني ياسر عرفات بواقعية «إعلان الجزائر»، والاعتراف بالقرارات الأممية، وتكلفة كبيرة بالأرواح والأملاك من أجل القبول بحل الدولتين، فشجاعة عرفات في الحرب والسلم كانت استثنائية؛ فهو عندما سُئل على ظهر السفينة بعد إجباره على الخروج من بيروت: «إلى أين؟»، قال: «إلى فلسطين»، التي وصلها عبر «أوسلو». هذه الواقعية العرفاتية مطلوبة الآن من «حماس» إذا كان همها وطنياً بأن تتصرف بواقعية سياسية كما تصرف أسلافها في حركة النضال الفلسطيني؛ فالعودة إلى البيت الوطني الفلسطيني ضرورة استباقية قبل إعلان إسرائيل انتصارها في حرب استقلالها الثانية.

في الطريق إلى الكفاح المُسلح وخيبة أمل «حماس» بحلفائها يمكن الاستعانة بما كتبه المفكر الفلسطيني الدكتور يزيد الصايغ في دراسة بعنوان «الكفاح المُسلح وتكوين الدولة الفلسطينية» بأن «الحركة الوطنية الفلسطينية التي تأسست بهدف محدد هـو تحرير فلسطين بواسـطة الكفاح المسـلح، أثبتـت عجزها، في الأعـوام المنصرمة، عـن تحرير أي جزء من ترابها الوطني بالقوة، وقبلت، في النهايــة، بتسوية أوسلو التفاوضية التي جاءت بنودها معارضة، عملياً، لجميع المبادئ والأهداف التي تبنَّتها طوال هذا الوقت».

شكَّل «اتفاق أوسلو» موطئ قدم لحركة النضال الفلسطيني وخطوة أساسية تجاه قيام دولتهم؛ دولة قدم الفلسطينيون تضحيات كبيرة من أجل انتزاع استقلالها، وهم الآن أمام تحدٍ كبير؛ بضرورة تحويل مأساتهم إلى فرصة بحجم تضحياتهم حتى لا يكسب عدوهم المواجهة الثانية كما كسبها قبل 75 سنة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة وحروب الاستقلال غزة وحروب الاستقلال



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon