توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران... طوفان في بلاد المرشد

  مصر اليوم -

إيران طوفان في بلاد المرشد

بقلم:مصطفى فحص

توصيف الحالة الإيرانية لا يختلف عن توصيف الحالة السورية لذلك يجوز الاقتباس، والاقتباس هنا مشهدي بنكهة سينمائية تحولت إلى شاهد على الحاضر والمستقبل، فالصور والمشاهد التي يسجلها ويوزعها المحتجون الإيرانيون الهواة بهدف توثيق الطوفان في بلاد المرشد، هي بأهمية ما صوره ووثقه المخرج السوري الراحل عمر أميرالاي في فيلمه الشهير «طوفان في بلاد البعث»، ولأن البعث لم يعد احتكاراً عربياً أو شرق متوسطياً، فإن بعثاً إيرانياً احتكر لعقود الدولة والسلطة والثقافة والفن والرياضة، يبدو الآن عاجزاً عن احتكار الصورة وفرض النص وإخضاع الممثلين وانتقاء المخرجين.
في طوفان بلاد المرشد أكثر من مُخرج وممثل أعلنوا عصيانهم، رفضوا أن يكونوا شهود زور، ورياضيون كان صمتهم أبلغ رسالة وصلت إلى أذهان العالم، بأن النشيد الوطني لم يعد يمثل الأمة الإيرانية بل يمثل النظام، هُم كما المرأة التي رفضت أن يُفرض عليها غطاء الرأس الخميني والطالب الذي يرفض تقييد حريته، والعامل المضرب بسبب سوء المعيشة، هم كما الكردي والبلوشي والعربي واللري الذي يمارس ضده تمييز عرقي وطائفي ومناطقي، وهم كالفلاح الكرماني أو الخرساني أو القزويني الذي ضحى وصبر على القلة لكن سلطته لم تصبر على مطالبه القليلة بحياة كريمة، هم جميعهم يمثلون إيران الحاضرة التي خسرت حاضرها ومهددة بخسارة مستقبلها.
إيران الآن هي شُبان وشابات، طلاب وطالبات، فلاحون وفلاحات، عمال وعاملات، معلمون ومعلمات، فنانون وفنانات، آباء وأمهات، أعلنوا عصياناً أو تمرداً أو اعتراضاً بات كطوفان ليس بحجمه بل في معناه، كل شيء في إيران يعترض على النظام وأهله، باتت الأغلبية معارضة بوجه أقلية متحكمة، مستعدة أن تغامر وتقامر تضرب وتسفك الدماء ولكن غير مستعدة أن تسمع أو تتنازل بشجاعة، وكأن داء البعث قد تفشى في جسدها، فهي تعلم جيداً أن طبيعتها لا تقبل الإصلاح أو تقديم تنازلات أمام الشارع، فالإصلاح في الحالة البعثية، عربية كانت أم إيرانية، كمن يحفر قبره بيده.
لا يمكن للنظام أن يدافع عن شرعيته أو يحتفظ بمشروعيته من خلال إرسال جنوده المدججين بالسلاح إلى مدن وقرى فقيرة في كردستان وبلوشستان والأهواز، لا يمكن أن تقنع الإيراني مهما كانت قوميته أو طائفته أن يعيد منح النظام الإسلامي ثقته وهو يشرع قتله واضطهاده وقمعه، فحراس الوطن والدولة والثورة بنظره الآن حراس نظام يخوض حروباً في شوارع وأحياء وأزقة مهاباد وبيرانشهر وجوانرود وكرمنشاه وأرومبة وزاهدان وإذيج والأهواز ومعشور والمحمرة، فلا يمكن لنظام يطلق النار على المحتجين السلميين في ساحات وشوارع شيراز وتبريز ويزد وأصفهان وطهران أن يستعيد عافيته مجدداً، فما بين إصرار المحتجين وعناد النظام فإن إيران تنتقل من حافة الفوضى إلى تخوم الحرب الأهلية، ولعل التحذير الذي صدر عن نجل أحد الآباء المؤسسين للنظام الإسلامي «أحمد» ابن آية الله الراحل الشيخ حسين علي المنتظري بأن إيران أمام خطر الحرب الأهلية إذا استمر الوضع على ما هو عليه، أوضح تفسير للمشهد.
في الطوفان المستمر منذ قرابة ثلاثة أشهر يزداد المحتجون تماسكاً فيزداد النظام ارتباكاً... ارتباك دفعه إلى الرهان على سياسة فرّق تسُد وخلق نزاعات طبقية ومناطقية للتفرقة ما بين الشعوب الإيرانية لعله ينجح في فصل أو تفكيك مسارات الاحتجاجات، أو أنه إذا قام بقمع طرف بشدة وأخمد احتجاجاته بالقوة فإن أطرافاً أخرى ستعيد حساباتها، ولكن ما قاله الزعيم الروحي في بلوشستان ملا عبد الحميد إسماعيل زهي عن الكرد بأنهم تحملوا معاناة التمييز العرقي والضغوط الطائفية والفقر فهل من العدل الرد على احتجاجاتهم بالرصاص الحي، كفيل بحرق رهانات النظام.
عود على بدء، إلى الطوفان في بلاد المرشد إلى الراحل عمر أميرالاي وأقرانه الإيرانيين وهم كثر، فإن المشاهد التي يصورها المحتجون تكشف عما وصلت إليه الأوضاع في إيران في ظل حكم المرشد كما وثّق أميرالاي في طوفانه مأساة السوريين في ظل حكم الأسدين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران طوفان في بلاد المرشد إيران طوفان في بلاد المرشد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon