توقيت القاهرة المحلي 17:46:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان... حكومة السترة

  مصر اليوم -

لبنان حكومة السترة

بقلم: مصطفى فحص

ما بعد التكليف وعشية التأليف وقاب قوسين أو أدنى من منحها الثقة، وعلى بُعد من احتمال سقوطها أو إسقاطها، أو مواجهة موجة ثانية من غضب أو انتفاضة أو ثورة، أو انفجار جديد وانهيار مديد، لن يُبقي حجراً ولا بشراً... صورة الحكومة المروّجة لن تمحو صور الدمار، ولن تعيد اللبنانيين الذين هاجروا، أو تُقنع آخرين بتأجيل رحيلهم، بعدما بات الواقع الوحيد عودة وجوه قديمة بصورة جديدة.
لا جديد في بيروت إلا سلطة عاجزة عن ترميم ما تبقى من الدولة ومؤسساتها، فاكتفت بترميم صورتها، بعد ما أصابها من شوائب وندوب تركتها «انتفاضة تشرين» على وجهها، لذلك التم أصحابها على تضميد جراحهم، وطي صفحة خلافاتهم، واستعادة ثوب فصّلوه على مقاسهم، نزعه عنهم اللبنانيون في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. لم يكن ذلك الثوب إلا لستر فسادهم، وإخفاقاتهم، ومساوماتهم، فقد ستر ما ابتلوا به من معاصٍ طوال 3 عقود.
تستعد حكومة العهد الرابعة أو حكومة الحريري الثالثة، لتصفير مناكفات أهل السلطة، وتوزيع المهام بالتراضي (فلا يموت الذئب ولا تفنى الغنم) تحت وطأة ملفات داخلية ثقيلة، ومفاوضات حدودية صعبة، وظروف إقليمية معقدة، ومرحلة انتقالية أميركية دفعتهم إلى استعادة تموضعهم والحفاظ على أماكنهم، بانتظار أن تنجلي نتائج الانتخابات وتتضح صورة الإدارة الجديدة في البيت الأبيض.
عملياً نجح «حزب الله» في إدارة خلافات بين شركائه في السلطة، لم يتخل عن تحالفه العميق مع الرئيس ميشال عون، وترك لحليفه في الثنائية نبيه بري إعادة تسمية الحريري. فما بين سقوطه تحت ضغط الشارع وإعادة تكليفه، تمكن «حزب الله» من تعطيل هجوم الانتفاضة ولو مؤقتاً، وسدد لها ضربة سياسية برفضه المطلق المرشح الأقرب إلى معاييرها نواف سلام، وتحت ضغط «انفجار 4 أغسطس (آب)» التف على مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون وأزاح عن كاهله عبء تكليف مصطفى أديب والشروط الفرنسية التي تبناها، ومهد الطريق أمام الحريري الذي أبدى استعداده المسبق لتفهم شروط «حزب الله»؛ وفي مقدمتها إبقاء وزارة المالية أولاً بيد الثنائية، وتسمية الوزراء الشيعة كافة ثانياً، والتفاهم مع ميشال عون، والالتزام بشروط «الحزب» قبل الدخول في أي مفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
فعلياً بعد التكليف كرّس «حزب الله» سيطرته على السلطة، وحمايته أركانها كافة، فلولاه لسقطوا بالضربة القاضية، وأدى قبوله بالذهاب إلى مفاوضات الترسيم إلى إبعاد شبح العقوبات عن رموزها، ومارس دور الوسيط في رأب الصدع بين أجنحتها، وأعطى الضمانات لكل طرف في الحصول على مطالبه، فبات «حزب الله» بموقع الحزب القائد للدولة والأمة، في ذروة الشبه بينه وبين النظام الإيراني حيث موقع المرشد ومعه «الحرس الثوري» يمتلكان شرعية ثورية ما فوق الدولة والدستور، وفيما تتصارع أجنحة السلطة من معتدلين وإصلاحيين ومحافظين على إدارة المؤسسة الرسمية، يبقى لـ«الحرس» دور اختيار هذه الإدارة وفقاً لحاجات الداخل وتقديرات الخارج، وهذا ما طبقه الحزب في حكومة حسان دياب سابقاً وسعد الحريري حالياً.
في الوقت الذي انتظر فيه اللبنانيون حكومة إنقاذية، اختارت المنظومة الحاكمة حكومة تنقذها أو تؤخر سقوطها، وتحفظ ماء وجهها بعد انكشافها داخلياً وخارجياً، لكنها مصرة على ممارسة الإنكار لدرجة الانفصام، واعتقادها أن بإمكانها ممارسة الخداع الذي احترفته لسنوات في تضليل المجتمعين العربي والدولي من خلال إيهامهما بجديتها في اختيار الوزراء، ففي خديعة البحث عن اختصاصيين أو مستقلين أو تكنوقراط حزبيين، يعلق الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت والناشط في «انتفاضة تشرين» سامر فرنجية على مدونته بأن «هذا ليس مهماً، لم يعد هناك دور لهذه الخبريّات إلا إضفاء بعض الجدية على ما هو عملية صورية؛ عملية تخصّ نادي السياسيين اللبنانيين وجنون عظمتهم»، فالحقيقة أنهم سيختارون من يستر على ما ارتكبوه...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان حكومة السترة لبنان حكومة السترة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon