توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طهران: حتى أنت يا مالي!

  مصر اليوم -

طهران حتى أنت يا مالي

بقلم: مصطفى فحص

عندما كلف الرئيس الأميركي جو بايدن المفاوض الأميركي روب مالي بمهمة الملف الإيراني، تنفست طهران الصعداء، واعتبرت أن هذا التكليف فرصة ذهبية لعودة المياه إلى مجاريها بينها وبين الإدارة الجديدة، لكن مالي المعروف بـطروحاته الدبلوماسية لم يستطع إعطاء إيران ما يمكن التعويل عليه من أجل دفعها إلى الانخراط الكامل في عملية التفاوض، فمهما كانت صلاحياته التفاوضية إلا أنه لا يستطيع تخطي ما حددته الإدارة بأنها مستعدة لدراسة تخفيف بعض العقوبات فقط في حالة استئناف المفاوضات.
ففي تصريحاته الأخيرة قطع روب مالي الطريق على طهران في استخدام أوراقها الداخلية من أجل تسريع المفاوضات، عندما اعتبر أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية ليس لها أي تأثير على المفاوضات، لأن واشنطن تنطلق من اعتبارات الأمن القومي الأميركي. موقف مالي الرافض ربط المفاوضات بالانتخابات، ينزع ورقة تكتيكية من طهران كانت تستغلها دائماً مع الغربيين، عندما كانت تحذر من أن التشدد معها سيؤدي إلى خيارات متشددة داخلها، وأن هذا سيضعف الطرف المؤيد للحوار مع الغرب ويعزز من فرص الطرف المعارض ويقوي موقفه، إلا أن الخديعة الإيرانية التي استمرت لأربعة عقود في خداع المجتمع الدولي بأن نظامها يتميز بطبيعتين (دولة وثورة)، وصلت إلى نهايتها وبات الجميع يرفض الفصل بينهما بعدما استخدمها النظام الثنائي (روحاني وظريف) من أجل تمرير مآربه في الوقت الذي كانت مراكز صنع القرار الفعلي مستمرة في تنفيذ مشاريعها الاستراتيجية والتوسعية. كما أن الخديعة التي مارسها من يعرف نفسه بتيار الدولة، لدفع المجتمع الدولي منحه فرصاً إيجابية تحت ذريعة تعزيز موقفه داخل النظام باتت مكشوفة.
الأخطر على طهران ما جاء في كلام صديقها مالي، أن بلاده وإسرائيل تريدان تجنب الخلافات العلنية بشأن إيران كما حدث في حقبة باراك أوباما، وأن الإدارة الجديدة ملتزمة بالتشاور والشفافية مع تل أبيب، إذ قال «نحن لا نتفق دائماً لكن المحادثات مفتوحة للغاية وإيجابية بينما قد يكون لدينا تفسيرات ووجهات نظر مختلفة حول ما حدث في 2015 و2016 ولا يرغب أي منا في تكراره».
عملياً، في انتظار فرج أو انفراجة تفاوضية تبحث عنها طهران بإلحاح، لا تبدو واشنطن مستعجلة على تقديمها، وتمارس دبلوماسية متناقضة في تعاطيها مع ملف المفاوضات، فتارة تعبر عن استعدادها للجلوس إلى الطاولة وتارة أخرى تعبر عن عدم استعجالها، فحتى مالي نفسه قال في آخر تصريح له إن إدارته لن ترفع العقوبات بشكل أحادي عن طهران، فهذه التناقضات المحيرة لطهران تدفعها إلى الاعتقاد بأن مالي المسؤول عن ملف في البيت الأبيض يملك صلاحيات التفاوض ولا يملك الحق في اتخاذ القرار، فهو حتى الآن يعرض عليها التفاوض المباشر أو غير المباشر فقط بينما ترفض طهران عرض المفاوضات من أجل التفاوض فقط.
قبل تصريح مالي المحير لطهران طالب 140 مشرعاً من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إدارة بايدن بعدم رفع العقوبات، والعمل على التوصل إلى اتفاق شامل مع طهران يشمل إضافة إلى النووي مشروعها الباليستي، ويحد من مخاطر سلوكها المزعزع لاستقرار الشرق الأوسط. وهذا ما أثار حفيظة وزير خارجيتها جواد ظريف الذي رفض التطرق إلى صيغة أشمل للاتفاق.
أزمة طهران أنها كانت تراهن على الدبلوماسية الدولية من أجل دفع واشنطن إلى عودة غير مشروطة إلى الاتفاق، وعندما صدمت بعدم رغبة واشنطن في استعجال العودة، طرحت فكرة القيام بخطوات متزامنة، لكنها لم تلق صدى لا في واشنطن ولا في عواصم أوروبية، بل إنها تتعرض الآن لضغوط دولية من أجل عودتها إلى المفاوضات من دون شروط، حيث رمت الدول الأوروبية الكرة في ملعبها وحملتها مسؤولية خسارة فرصة متاحة للبدء بمفاوضات جدية يمكن أن تكون بدايتها قريبة لكن نتائجها بعيدة.
وعليه تشعر طهران بخيبة الأمل، فطعنات المسؤولين في الإدارة الأميركية الجديدة وحلفائها الأوروبيين تتزايد، وآخرها جاءت من الشخص الذي راهنت عليه وتوسمت به خيراً، فتصريحات روب مالي لا تختلف كثيراً عن موقف المتشددين في إدارة جو بايدن، فبالنسبة إلى طهران ما ذهب روب مالي إليه يمثل طعنة في جسد الملف النووي تشبه إلى حد ما الطعنة التي تلقاها القائد الروماني يوليوس قيصر من بروتوس المعروف بأنه أقرب المقربين إليه ودفعته إلى قول جملته الشهيرة «حتى أنت يا بروتوس». فمن بروتوس العظيم في نظر يوليوس قيصر إلى روب مالي العظيم في نظر طهران كانت الصدمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران حتى أنت يا مالي طهران حتى أنت يا مالي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon