توقيت القاهرة المحلي 13:02:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة

  مصر اليوم -

موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة

بقلم: مصطفى فحص

لم تتردد النخب الروسية السياسية والإعلامية في الربط ما بين المظاهرات التي جرت في 65 مدينة ضد سلطة الكرملين، ودعا إليها المعارض ألكسي نافالني، وبين وصول الحزب الديمقراطي إلى السلطة في واشنطن، واتهمت الخارجية الروسية، السفارة الأميركية في موسكو، بالتحريض على الفوضى، وفي إدارة المظاهرات، وتم استدعاء السفير الأميركي في موسكو جون سالفان، لإبلاغه برسالة الامتعاض الروسية من تدخل السفارة في الشؤون الداخلية. عملياً لا يمكن الفصل بين الاتهامات الروسية لواشنطن، وطبيعة العلاقة المقبلة ما بين البيت الأبيض والكرملين، حيث يتوجَّس الأخير من العقيدة السياسية للمقيم الجديد في البيت الأبيض وما تحمله من رواسب الحرب الباردة، وإعادة اعتبار روسيا تهديداً أساسياً للولايات المتحدة.
بعد نهاية الحرب الباردة، حافظت إدارتا كلينتون وبوش الابن على منهجية استراتيجية موحدة في العلاقة مع موسكو، واستمرت النخب السياسية الأميركية بشقيها الجمهوري والديمقراطي في مواجهة الخطر الروسي بالمنهجية ذاتها التي واجهت بها الخطر السوفياتي، ولكن مع سياسة الانكفاء المفرط التي تبنَّاها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، تشجعت موسكو على التحرك من أجل ملء الفراغ على الساحة الدولية، حيث وجد الكرملين الفرصة المناسبة لإعادة هيبة الدولة الكبرى، وإعادة النفوذ الروسي إلى ما كان يعرف بالمجال الحيوي السوفياتي، وتوسَّعت طموحات روسيا الأوروآسيوية مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، واندفعت إلى استعادة موقعها الأوروبي، مستفيدة من الانكماش في العلاقات الاستراتيجية بين ضفتي الأطلسي وتردي العلاقة ما بين إدارة ترمب والأوروبيين.

 

يعي الكرملين جيداً أنه سيواجه في السنوات المقبلة إدارة أميركية تختلف معاييرها، ليس فقط عن الـ12 سنة السابقة، بل حتى عن معايير كلينتون وبوش الابن، لذلك يتهيأ للتعاطي مع رئيس أميركي ينتمي في سلوكه وأدبياته لمرحلة الحرب البادرة، ولا يبدو لموسكو أن بايدن قد بدل انطباعاته عنها منذ أن زارها أول مرة في سبعينات القرن الماضي، والتقى قادة سوفياتيين كباراً، حينها كان من أبرزهم أندريه غروميكو، وحتى عندما زارها آخر مرة سنة 2011 والتقى الرئيس فلاديمير بوتين، كانت عقيدة السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي واضحة في نقاشاته مع الجانب الروسي، وأصرَّ على تذكيرهم بأنه يمثل الدولة المنتصرة بالحرب الباردة التي يحق لها فرض هيمنتها على العالم، فقد لاحظ الروس في تلك الزيارة غياب الكيمياء بين الزعيمين حتى في نقاشاتهما، خصوصاً ما قاله لبوتين في ختام زيارته «إنني أنظر في عينيك ولا أعتقد أن روحاً لديك».
مما لا شك فيه أنَّ العلاقة الفاترة بين الرئيسين (بوتين وبادين) ستؤثر نوعاً ما على العلاقة ما بين البلدين، لكنها لن تصل إلى مستوى الصدام، لكن واشنطن ستحاول فرض شروطها على موسكو، والوقوف بوجه طموحاتها التوسعية، وستعزز حضورها على حدودها الأوروبية في بيلاروسيا وأوكرانيا، حيث يتهيأ الروس لمواجهة مع وزير خارجية بادين، أنطوني بلينكن، الذي دعا سابقاً إلى تسليح كييف في مواجهة الجماعة الانفصالية شرق أوكرانيا، المدعومة من موسكو، وإلى توسيع دور الناتو في جمهوريات أوروبا الشرقية والبلطيق، كما ترجح موسكو أن يقود بلينكن سياسة خارجية محافظة تعيد التوتر بين البلدين، خصوصاً في سوريا، حيث استخدم بلينكن أول مرة بشكل رسمي توصيف «الهولوكوست» على ما يجري في سوريا، وموقفه المتشدد من النظام السوري واتهام موسكو وطهران بتغطية ارتكاباته ضد الشعب السوري.
في عام 2018، نشر الرئيس بايدن مقالاً في مجلة «الشؤون الخارجية» بعنوان «كيفية الوقوف في وجه الكرملين... الدفاع عن الديمقراطية ضد أعدائها»، دعا فيه إلى تشديد العقوبات ضد روسيا، وإلى تعزيز القوة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، ودعم الديمقراطية، والدفاع عن حق الدول ذات السيادة في «اختيار تحالفاتها الدفاعية»، ورفض القول بأن أي قوة لها «مجال مصالح». ففي سياق صراع المصالح من المرجح أن تعتمد إدارة بادين بالتوافق مع مؤسسات صنع القرار الأميركي، خصوصاً في مجلس الشيوخ، سياسة متشددة في التعامل مع تصرفات موسكو على الصعيدين الداخلي، فيما يتعلق بالمعارضة وملفات حقوق الإنسان، والخارجي وله علاقة بمعاقبة موسكو على وقوفها إلى جانب أنظمة ديكتاتورية ضد شعوبها، والتخطيط لحصارها جيوسياسياً بهدف عزلها.
وعليه فإن احتمالات الانفراجة في العلاقة بين البلدين تتضاءل نتيجة حذر روسي ومخاوف مشروعة من مخططات أميركية مع الأوروبيين تهدف إلى تقويض نظامها في السنوات المقبلة كضرورة استراتيجية ضمن الاستعدادات الغربية لمواجهة الصين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة موسكو وواشنطن والتوترات المقبلة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon