توقيت القاهرة المحلي 18:56:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصوت يعلو فوق صوت المعركة

  مصر اليوم -

الصوت يعلو فوق صوت المعركة

بقلم:مصطفى فحص

أغلق بنيامين نتنياهو أبواب التفاوض، ففتح اللبنانيون والفلسطينيون المقيمون فوق الأرض أبواب القلق على الحاضر والمستقبل. الأغلبية الساحقة منهم في غزة حيث لم يعد هناك مكان للحياة، ولبنانيون جنوبيون نزحوا من قراهم ومدنهم؛ إذ لم يعد هناك مكان آمن في جنوب لبنان. والأصعب أنهم قلقون بسبب قلَّة الأماكن التي ستؤويهم لأسباب كثيرة غنية عن التعريف؛ كونها واضحة في طبيعة القبائل اللبنانية المتناحرة، فحاضرهم بات محصوراً بين قذيفة تطلقها دبابة أو صاروخ من مسيّرة. أما مستقبلهم، فيبدو لهم كالمجهول المعلوم، فهم لا يعرفون متى تنتهي الحرب، ولكنهم أصبحوا أكثر تصوراً كيف ستنتهي، فهذه الحرب التي فرضها عليهم عدوُّهم بعد خطأ في حسابات ذويهم، ستترك ندوبها على وجوههم وأجسادهم، وعلى بيوتهم وأرزاقهم وبلادهم.

ندوب تشبه إلى حد بعيد تلك التي تركت أثرها العميق على دول ومجتمعات وجيوش كانت أكثر تماسكاً وحصانة منهم... شعوب كانت تنتظر النصر، فقدمت الغالي والنفيس من أجل تحقيقه، وأعطت أنظمتها أكثر مما أخذت، وأجَّلت الكلام إلى ما بعد الانتصار الموعود، فأصيبت بخيبة الأمل، بعدما اكتشفت أن أنظمتها خدعتها وخدعت نفسها. قبل 1967، كانت قلوب أغلب العرب وعقولهم مع القاهرة، وحتى خصومها أداروا وجوههم نحوها في لحظة التحدي، وارتضوا جميعاً، ولو البعض منهم على مضض، بمقولة «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».

الصدمة كانت أن العدو حسم المعركة بعدة أيام، فمنذ 5 يونيو (حزيران) سنة 1967 ونحن نعيد تدوير الهزيمة؛ نكابر ونسميها نكسة، كما سمينا هزيمتنا الأولى نكبة، وهي فاجعة، فيما اليوم نواجه خطر نكبة ونكسة جديدتين، ورؤوساً حامية تعيد المقولة ذاتها: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».

ولأن المواجهة شبه حتمية، ولأن الحشود واضحة، وفارق التوازن واضح أيضاً، ليس الآن، بل منذ حرب 1973، فأولئك الذين أطربهم الصوت الافتراضي للمعركة، انتبهوا وحذروا أنظمتهم من مناطحة الثور الأميركي، وفي هذا يقول الأستاذ حازم صاغية في وصف حالتنا اليوم: «تواجهنا الحقيقة التي لم تكن صحيحة كما هي صحيحة راهناً. فالفارق التقني يجعل التفكير بالعنف كحلّ للمعضلة الكبرى أقرب إلى انتحار مُعمّم، فحين نضيف الدعم الأميركي والغربي الهائل لإسرائيل يغدو الانتحار وصفاً لطيفاً لا يفي بالغرض».

مرة جديدة، وقد لا تكون الأخيرة، تستدرج إسرائيل مَن يريد مواجهتها إلى الأخطاء ذاتها التي ارتكبها مَن سبقهم؛ فوحدة الساحات أصابها ما أصاب وحدة الجبهات، فالحرب لم تعد على «حماس»، بل لتصفية القضية الفلسطينية، وحرب الإسناد لم تجبر العدو على التراجع، ولا عرض طهران بمقايضة ردها مقابل الهدنة كان له مكان على طاولة المفاوضات. هذه الحسابات السياسية والاستراتيجية تختلف بين مَن يقيم فوق الأرض ومَن يقيم تحتها، بالنسبة للذين تحتها فإن البقاء على قيد الحياة انتصار. أما نحن الذين فوقها فإننا على مشارف نكسة جديدة، كما 1967، ستترك ندوبها طويلاً، ليس فقط على أجسادنا، بل على أحلامنا وحريتنا وتحرير أوطاننا واستعادة الحق الفلسطيني، وعلى ذاكرتنا ولغتنا وثقافتنا، فمن «الطنطورية» لرضوى عاشور إلى «ثرثرة فوق النيل» لنجيب محفوظ، لعل روائياً لبنانياً سيكتب ذات يوم «ثرثرة فوق الليطاني».

نعم، الصوت يعلو فوق صوت المعركة، لأننا لا نريد أن نخسر ما تبقى من أوطاننا، وأن نخسر فلسطين إلى الأبد؛ فالأفضل لفلسطين تجنُّب مناطحة الثور الأميركي الهائج، فهو قد غضّ بصره عن المشاهد المنقولة مباشرة لفاجعة الإبادة الجماعية في غزة، والقتل والقمع اليومي في الضفة، والدمار والنزوح في جنوب لبنان، وأعطى حليفه الوحيد كل ما يريد، حتى يأخذ ما يريد، فقد أغلق بنيامين نتنياهو أبواب التفاوض وفتح أبواب...؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصوت يعلو فوق صوت المعركة الصوت يعلو فوق صوت المعركة



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 18:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية
  مصر اليوم - نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon