توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المفاوضات وتجزئة الملفات الإيرانية

  مصر اليوم -

المفاوضات وتجزئة الملفات الإيرانية

بقلم : مصطفى فحص

في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره الألماني هاكو ماس الذي زار العاصمة الإماراتية أبوظبي يوم الأحد الفائت، قبل توجهه إلى طهران في إطار مساعٍ أوروبية ودولية من أجل احتواء التوتر في منطقة الخليج العربي، شدّد وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، على ضرورة إشراك دول المنطقة في المفاوضات المقبلة مع إيران، وأكد ابن زايد «أن بلاده ترحب بجهود التهدئة في المنطقة، مشددة في الوقت ذاته على أن أي اتفاق مستقبلي مع إيران يجب أن يشمل دول المنطقة بحيث تكون طرفاً فيه».
مطالبة الإمارات بأن تكون دول المنطقة طرفاً في أي اتفاق مقبل مع إيران تهدف إلى تحذير المجتمع الدولي، وخصوصاً واشنطن من خطورة ارتكاب الهفوات نفسها التي ارتكبتها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إضافة إلى جهات أوروبية كانت طرفاً في المباحثات النووية التي سبقت الاتفاق النووي المعروف باتفاق (الدول 5+1) مع إيران. حيث يرى الصحافي الإيراني أمير طاهري في مقال نشرته «الشرق الأوسط» تحت عنوان «إيران والتزام الخطوط الوردية» أن فكرة الاتفاق 5+1 «ترمي إلى السماح لإيران بتجاهل قرارات مجلس الأمن الستة التي لا ترغب طهران في تنفيذها. كما تجاهل أوباما كذلك معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية عن طريق إعفاء إيران من تطبيق بنودها واستحداث ما اشتُهر عالمياً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة» أو «الاتفاق النووي الإيراني» الذي ينص صراحةً على أنه مصمَّم خصيصاً ليناسب الموقف الإيراني فحسب. فقد سمح سوء التقدير الأميركي لإيران بأن تطلق العنان لمشروعها التوسعي وإعلانها السيطرة على أربع عواصم عربية ومجاهرتها بأنها نجحت في تصدير نموذجها الثوري إلى هذه الدول، كما أنها نجحت في إبقاء مشروعها الصاروخي خارج بنود الاتفاق النووي.
في السابق تجاوبت طهران مع رغبات الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الذي سعى إلى الوصول لاتفاقية نووية يضعها في سجل إنجازاته قبل خروجه من البيت الأبيض، وتجاوباً مع رغبات أوباما اختزل الفريق الأميركي المفاوض الأزمة مع إيران في حظر امتلاكها للسلاح النووي فقط، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الأمن القومي لشركاء الولايات المتحدة التقليديين في الخليج العربي، الذين يعانون منذ 1979 من محاولات إيران زعزعة استقرار المنطقة، والتي تفاقمت بعد غزو العراق سنة 2003 نتيجة سوء الإدارة الأميركية للملف العراقي، الذي أدى إلى تغلغل إيراني دفع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، إلى ترتيب تفاهمات أمنية وسياسية مع طهران كانت أولوياتها سلامة القوات الأميركية مقابل عملية سياسية رسخت الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح دول الجوار الإقليمي.
حتى الآن لم تنجح طهران في تفكيك الشروط الأميركية للتفاوض، لم تتمكن من استدراج الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إجراء مفاوضات خاصة، تسعى من خلالها إلى تجزئة الملفات، وإقناعه بالبحث في الأولويات التفاوضية وجرّه مرة جديدة إلى المربع النووي بعيداً عن ملفات أخرى باتت تشكل خطراً استراتيجياً على استقرار منطقة الخليج لا يقل عن خطر امتلاكها للقدرات النووية، إلا أن فريق ترمب المفاوض لم يزل مصرّاً حتى الآن على تطبيق شروط وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الاثني عشر التي تشكل على النظام الإيراني خطراً وجودياً وتمس جوهره الثوري والتوسعي، حيث يواجه الفريق الإيراني المفاوض حزمة شروط أميركية غير قابلة للتجزئة مرتبط بعضها ببعض، بحيث تجعل طهران متوترة من تلبية أي واحد منها تجنباً للوقوع في فخ تدحرج المطالب على شكل حجارة الدومينو.
لسان حال دول مجلس التعاون يقول إننا لن نُلدغ من جُحر المفاوضات الإيرانية - الأميركية مرتين، الأولى في العراق والثانية في جنيف، لذلك من حق هذه الدول أن تكون طرفاً أساسياً حاضراً على طاولة المفاوضات المقبلة، بعدما أثبتت التجارب أن تجزئة الأخطار الإيرانية بما يتناسب مع مصالح الدول الغربية تؤدي إلى زيادة المصاعب الإقليمية في التعامل مع التمرد الإيراني، وهذا ما ترفضه طهران وتسعى إلى تجنبه حتى لا تضطر إلى تقديم تنازلات قاسية تجبرها على الامتثال لقواعد حسن الجوار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفاوضات وتجزئة الملفات الإيرانية المفاوضات وتجزئة الملفات الإيرانية



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon