توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان... بوابة روسيا لتعويم الأسد

  مصر اليوم -

لبنان بوابة روسيا لتعويم الأسد

بقلم - مصطفى فحص

في موسكو عزف وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل على وتر الطموحات الإمبراطورية الروسية، أثناء اجتماعه مع مهندس عودة موسكو الخشنة إلى الساحة الدولية نظيره الروسي سيرغي لافروف، المنشغل بإعادة استقطاب الجماعات الإثنية والدينية المقيمة ضمن ما كان يُعرف سابقاً بالمجال الحيوي السوفياتي الممتد من الفضاء الإسلامي جنوب روسيا حتى المياه الدافئة شرق البحر المتوسط، فقد استغل باسيل المؤتمر الصحافي المشترك مع لافروف وكرر دعوته لروسيا العظمى إلى القيام بدورها التاريخي في حماية الأقليات الدينية.

في موسكو حاول باسيل نفض الغبار عن بعض من تفاصيل معاهدة «كيتشوك كاينارجي» التي عقدت بين الإمبراطوريتين الروسية والعثمانية في يوليو (تموز) 1774، وانتزعت فيها بطرسبورغ من إسطنبول الحق في رعاية شؤون المسيحيين الأرثوذكس الذين يعيشون في الولايات العثمانية، فقد شرّعت الهزيمة العثمانية في حرب البلقان في القرن الثامن العشر التدخل الروسي المباشر في الشؤون الداخلية للسلطنة العثمانية، وتطور هذا التدخل بعدما طالب رهبان في الكنيسة الروسية الإمبراطورة الروسية كاترين الثانية بالتدخل ليس فقط في البلقان؛ بل في بسط النفوذ على الأماكن المقدسة المسيحية في فلسطين، والتي أسست لاحقاً لـ«المسألة الشرقية». فمن جادة سمالنسكيا حيث موقع وزارة الخارجية الروسية وسط العاصمة موسكو، أعاد جبران باسيل عقارب الزمن إلى معسكر «كيتشوك كاينارجي» الذي عقدت فيه الاتفاقية الروسية - العثمانية في بلغاريا، محاولاً إغراء الروس بأن معسكراتهم الجديدة في سوريا تحتاج إلى سياسيين لبنانيين من دعاة حلف الأقليات، وليس إلى رهبان أرثوذكس من أجل إعادة فرض النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، حيث من الطبيعي أن تتقاطع السياسة الخارجية الروسية حول سوريا مع بعض القوى السياسية اللبنانية التي كانت تدور في فلك النظام السوري في زمن الوصاية على لبنان، خصوصاً في قضية إعادة تعويم النظام من البوابة اللبنانية، حيث تتمسك هذه القوى التي يمثل وزير الخارجية جبران باسيل أحد أركانها بضرورة التطبيع الكامل مع نظام الأسد.

وفي الاعتبارات الروسية تُعدّ الدعوة إلى التطبيع مع دمشق في صلب مصالح موسكو التي تحاول استغلال إصرار الأطراف اللبنانية على هذا الموقف، بهدف تحويل لبنان إلى مثال حي لبعض الدول العربية والأوروبية في إمكانية إعادة علاقات غير مشروطة بتطورات العملية السياسية، باعتبار أن النظام السوري خرج منتصراً في الحرب على الإرهاب وفقاً للتوصيف الروسي، أما في أدبيات حلفائه اللبنانيين فإن رغباتهم تدفعهم إلى القول إن النظام عاد أقوى مما كان.

في المؤتمر الصحافي المشترك بين باسيل ولافروف عبّر الأخير عن امتعاض بلاده من الشروط الأميركية الأوروبية في ربط إعادة الإعمار بالعملية السياسية، التي يصبح نجاحها شرطاً لعودة النازحين واللاجئين السوريين إلى مناطقهم، وهي معادلة تعرقل رغبات الوزير باسيل المطالب بعودة سريعة وآمنة للنازحين من دون ربطهم بالحل السياسي، ووفقاً للعرض الروسي الذي حدد نحو 75 منطقة آمنة في سوريا يمكن العودة إليها، وقد وضعت موسكو آلية حسابية لعودة السوريين تقوم على طرح عدد سكان المناطق الآمنة سنة 2010 من عدد السكان في 2018 من أجل تحديد الدفعة الأولى من العائدين.

وعليه؛ فإن الوزير باسيل المقتنع بانتصار خيارات محوره السياسية في سوريا يُلمح إلى جعل لبنان منصة لإعادة إعمار سوريا وإلى أن التعاون الاستراتيجي بين لبنان وروسيا ضروري لهذه الغاية، ولكن على ما يبدو أنه غاب عن بال الوزيرين أن خزائنهما خالية، وأن إعمار سوريا يحتاج إلى دول غنية؛ تستطيع في لحظة معينة أن تفرض شروطها السياسية على موسكو وبيروت مهما كان الحضور الروسي أو اللبناني طاغياً على الجغرافيا السورية. فحتى الآن لم تقتنع الأطراف المُصرّة على بقاء الأسد والتطبيع معه، بأن الدول القادرة على الاستثمار في سوريا ليست جمعيات خيرية ستقدم للقوى اللبنانية الموالية للأسد هدايا سياسية مكافأة لها على ضلوعها السياسي والعسكري في تحويل الأغلبية السورية إلى أقلية، جرّاء تغطيتها عمليات القتل الجماعي والتهجير الممنهج الذي نفذه نظام الأسد بإشراف ومساعدة روسية وإيرانية.

وعليه، لا يمكن لبنانياً الرهان على موسكو من أجل الالتفاف على المطالب بإعادة العلاقات الرسمية مع دمشق، والتواصل مع الروس من أجل تجنب الاتصال المباشر مع النظام، فموسكو الوصية على نظام الأسد تحولت إلى قبلة للمسؤولين اللبنانيين الباحثين عن وصاية دائمة، وهي تدفعهم للضغط من أجل التطبيع الرسمي اللبناني مع الأسد، باعتبار أن النظام استعاد عافيته في الداخل وهو يحتاج إلى خطوة خارجية، ومن خلال البوابة اللبنانية يستعيد الأسد دوره الإقليمي، وتعيد موسكو من جديد إنتاج «المسألة الشرقية».

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بوابة روسيا لتعويم الأسد لبنان بوابة روسيا لتعويم الأسد



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon