توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان... حكومة العهد الأخيرة

  مصر اليوم -

لبنان حكومة العهد الأخيرة

بقلم: مصطفى فحص

يمارس «حزب الله» بصفته الحزب الحاكم، حوكمة سياسية على السلطة بفرعيها (موالاة ومعارضة) ويضع شروطه عليها، فكونه اللاعب السياسي الأقوى، استطاع تحديد أحجام الفاعلين وأدوارهم في صفوف الموالاة من جهة، ومن جهة أخرى تمكن من وضع سقف لمستوى المعارضة. فهو لا يسمح باستقواء كامل لطرف على الآخر في الحكم، ولا يعطي من يرغب في إظهار معارضته فرصة لتبرئة ساحته من ارتكابات العقود الأخيرة. ففي خطابه الأخير بدا الأمين العام للحزب حسن نصر الله غير متقبل حتى لفكرة المعارضة أو الاعتراض وطالب من يريد ممارستها ضد حكومة يقودها مع حلفائه بالحياد، وقال في خطابه إن «المناخ الذي أثير في الأسبوعين الماضيين نتيجة حركة السفيرة الأميركية في البلد اعتبر البعض أن معركة إسقاط الحكومة بدأت، وما سمعناه من تصريحات لعدد من القيادات السياسية أنّ المناخ مغاير، أعتقد أنّ المناخ عند القوى السياسية لا يزال أنه يجب إعطاء الوقت للحكومة، إذا ثمة إمكانية للتعاون فبالحد الأدنى من الحياد».
رغم فرضها حكومة اللون الواحد على اللبنانيين، وعدم استجابتها للشروط التي وضعتها انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، ترفض سلطة العهد ممثلة (بـ«حزب الله» والتيار العوني) تحمل أعباء الأزمة المالية والاقتصادية لوحدها، وقد جاءت دعوة رئيس الجمهورية لقادة الكتل النيابية إلى لقاء وصفه بالوطني في بعبدا (القصر الجمهوري) من أجل عرض خطة الإصلاح المالي والاقتصادي بهدف تأمين مظلة «وطنية» لتغطية سياسات حكومة العهد الأولى، ونجح «حزب الله» في تأمين نصاب لقاء بعبدا المزمع انعقاده اليوم (الأربعاء)، بعدما أكد زعماء الكتل والأحزاب، خصوصاً تلك التي كانت تتصرف كمعارضة (حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي)، تلبية هذه الدعوة عبر ممثلين لهم، فالعهد في هذه المرحلة يحتاج إلى إظهار توافق عام يمنح حكومته مزيداً من الوقت بانتظار انفراجة إقليمية قد تساعده محلياً.
إلا أن هذا التوافق الهش الذي فرضه «حزب الله» على جميع الفرقاء لا يمكن أن يؤمّن حماية دائمة لحكومة مهددة بموجة ثانية من المظاهرات من المتوقع أن تكون أعنف، إضافة إلى تمرد سياسي جاء هذه المرة من جهة تيار المستقبل بزعامة الرئيس سعد الحريري الذي أعلنت كتلته مقاطعة لقاء بعبدا وصوّبت سياسياً لأول مرة على رئيس الجمهورية واتهمته بتخطي دستور الطائف ومحاولة فرض نظام رئاسي من جديد، ورأت الكتلة في بيانها أنه «لا فائدة من التشاور حول خطة الإصلاح بعد إقرارها والتقدم على أساسها بطلب مساعدة من صندوق النقد».
من الواضح أن «حزب الله» يبذل جهداً سياسياً ومعنوياً من أجل تعويم حكومة حسان دياب وتغطية خطته الاقتصادية، ويرفض حشرها بمهلة المائة يوم كمبرر للدعوة إلى إسقاطها، إلا أن هذه التغطية ستضعه مباشرة بوجه الانتفاضة المُصرة على عدم منح الحكومة الثقة والسلطة الفرصة، لكن الحزب الذي يعرف مخاطر الاشتباك مع الشارع يدرك جيداً أن هذه الحكومة أقصى ما يمكن أن يحققه سياسياً، وأنها قد تكون آخر حكومة للعهد، ومن بعدها سيخضع الجميع لشروط داخلية وخارجية من الممكن أن تؤدي إلى إعادة تركيب السلطة في لبنان.
ساعات قليلة تفصل بين لقاء بعبدا وجلسة البرلمان العراقي المخصصة لمنح حكومة مصطفى الكاظمي الثقة، وإذا نجح الكاظمي في تخطي عقد البرلمان سيكون العهد أمام تحدي التجربة العراقية، فالثابت عراقياً أن ما بعد حكومة عادل عبد المهدي ليس كما قبلها، سينطبق أيضاً على حكومة حسان دياب لبنانياً، ويدرك الجميع أن ما بعدها سيختلف كلياً عما قبلها، حيث تتصاعد المخاوف لدى المتمسكين بها من أنها قد تكون آخر حكومة تمثل المنظومة الحاكمة بشقّيها (موالاةً ومعارضة) وليس العهد فقط.
فليس مستبعداً أن تفشل هذه المنظومة في فرض شروطها من جديد كما فشلت الكتل العراقية في تعطيل تكليف الكاظمي تشكيل الحكومة ثم رضخت للأمر الواقع نظراً للظروف الداخلية والخارجية التي قلّصت فرص مناورتها، ودفعتها إلى القبول بالكاظمي الذي جاء من خارج صندوقها السياسي تحت وطأة ضغوط اقتصادية وشعبية ودولية تتشابه بشكل كبير مع الأوضاع اللبنانية، حيث يظهر حرص «حزب الله» على وجود الأطراف كافة إلى جانب العهد حتى لا يكون وحيداً في مواجهة الداخل، خصوصاً انتفاضة 17 أكتوبر. أما خارجياً فيراوغ «حزب الله» من أجل تجنب شروط الخارج، خصوصاً تلك التي من المحتمل أن يضعها صندوق النقد الدولي مع المجتمع الدولي الذي فقد ثقته بالطبقة السياسية اللبنانية، ما قد يفتح الطريق أمام تكليف على غرار مصطفى الكاظمي في لبنان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان حكومة العهد الأخيرة لبنان حكومة العهد الأخيرة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon