بقلم - زاهي حواس
بدأنا حفائر أول بعثة أثرية مصرية في وادي الملوك الشرقي - غرب مدينة الأقصر - وهو المكان الذي عثر به على مقبرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون». وقد دفن أشهر فراعنة الدولة الحديثة بهذا الوادي؛ وأهمهم الملك «تحتمس الثالث» والملكة «حتشبسوت» والملك «سيتي الأول» و«رمسيس الثاني» و«رمسيس السادس». بينما لم يدفن بالوادي الغربي غير اثنين فقط من الفراعنة وهما الملك «أمنحتب الثالث» والملك «آي»؛ بمعنى أصح لم يكتشف إلى الآن بالوادي الغربي غير هاتين المقبرتين. وقد بدأنا الحفائر في الوادي الشرقي في عام 2007م، وكشفنا أولاً عن الثكنات التي عاش فيها العمال الذين بنوا ونحتوا ولونوا المقابر بالوادي؛ وهي عبارة عن أكواخ عثر عليها أمام مقبرة الملك «توت عنخ آمون» مباشرة وقد كشف هيوارد كارتر عن بعض من هذه الأكواخ... وقد اتضح لنا أن العمال الذين كانوا يعملون بالمقابر كانوا يبيتون بالوادي الشرقي داخل هذه الأكواخ، أما العمال الذين عملوا في الوادي الغربي فكانوا يأتون من دير المدينة وهي مدينة العمال إلى الوادي الغربي في الصباح الباكر ويعودون في المساء، ومن الغريب أننا كشفنا عن العديد من الجرافيتي (الكتابات) الخاصة بالعمال؛ ومنها العديد من الجرافيتي المرسوم عليه رسومات لحيوانات! ولكن أهم ما عثرنا عليه فهو دفتر الحضور والانصراف الخاص بالعمال مثل ما يحدث اليوم في الهيئات والمصالح! فكان على العامل المصري القديم عندما يأتي للعمل أن يوقع بأول حرف من اسمه أمام رئيس العمال! وهذا أول دفتر للحضور والانصراف، أو بمعنى أصح أقدم دفتر يعثر عليه حتى الآن ويعود تاريخه إلى نحو خمسة آلاف عام. وقد كشفنا أن بعض العمال الذين يجلسون في الوادي بعد انتهاء العمل يفكر بعضهم في زوجته أو حبيبته، ولذلك وجدنا عاملاً يقوم برسم صورة محبوبته على قطعة من الحجر، ويبدو أنها كانت على شيء من البدانة؛ أو أن العامل لم يكن ماهراً في الرسم. وقد عثرنا أيضاً على بعض الألعاب التي كان العمال يمارسونها في أوقات فراغهم، حيث عثرنا على لوحة حجرية مقسمة إلى مربعات مثل لعبة تعرف في صعيد مصر بالسيجا... وقد عثرنا أيضاً على العديد من الجرافيتي الذي يظهر أن هناك مقابر كثيرة لم يعثر عليها بعد؛ وخاصة لأن الملوك كانوا يعطون أوامر بدفن بعض الأقارب مثل الملك «أمنحتب الثالث» الذي أمر بدفن حماة وحماته بوادي الملوك الشرقي وهما «يويا» و«تويا» وقد عثر على مقبرتهما نصف كاملة ويبدو أنه قرر ألا يدفن بجوارهم لذلك قرر أن يدفن بالوادي الغربي، بالإضافة إلى أن الملك «أمنحتب الثاني» قد أمر بأن تدفن الحيوانات الأليفة القريبة إلى قلبه بجوار مقبرته بوادي الملوك.
أما الجرافيتي الذي كشف فيظهر أن هناك العديد من الأشخاص الملكيين المدفونين بهذا المكان، وهناك منطقة هامة جداً يحتمل وجود مقبرة بها وهي منطقة تعلوها صخرة ضخمة قد يكون أسفلها مقبرة ملكية، وبخاصة لأننا نعرف أن هناك بعض الملوك الذين لم يعثر على مقابرهم حتى الآن، ومنهم مقبرة الملك «أمنحتب الأول»، ويعتقد أنها تقع خلف معبد الدير البحري لكي تكون أمام معبده الجنائزي، وكذلك مقبرة الملك «تحتمس الثاني» زوج الملكة «حتشبسوت»، وأخيراً مقبرة الملك «رمسيس الثامن» والتي لم يعثر عليها بعد... هل يمكن أن تحدث المعجزة وتعثر البعثة المصرية التي تعمل بوادي الملوك على إحدى هذه المقابر؟
نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع