بقلم - زاهي حواس
بدأت البعثة المصرية العمل في وادي الملوك في عام 2009، ولم نكن نتوقع أن نعثر على شيء في وادي الملوك الغربي، ولكن كانت هناك ضرورة لكي تبدأ أول بعثة مصرية في العمل بالوادي الذي كان حكراً على البعثات الأجنبية! وسوف نعود إلى الوادي الشرقي في مقالات مقبلة بإذن الله. ولم يكن مقبولاً أن كل المقابر التي تم كشفها بوادي الملوك جاءت عن طريق البعثات الأجنبية ولم تعمل بعثة مصرية واحدة هناك من قبل! وقبل أن نتحدث عن الكشف الذي تم في هذا الوادي يجب أن نوضح بعض النقاط المهمة التي ساعدتنا في الكشف عن هذا الوادي الذي قلت عنه في بداية العمل إنه وادٍ شاق وعسير.
وقد وجدنا أن المقابر الملكية في الوادي الغربي، وخاصة مقبرة الملك «أمنحتب الثالث» - أول من اختار وادي الملوك الغربي - ومقبرة الملك «آي»، محفورتان في مستوى أعلى قليلاً من منسوب أرضية الوادي؛ وذلك نراه واضحاً أكثر في مقبرة «آي»؛ ومفهوم أن ذلك التصميم هو لحماية المقبرة من الفيضانات العاتية. كذلك نلاحظ أن المقابر أرقام (23. 24. 25) حفرت على مستوى 200 متر فوق مستوى سطح البحر، وكما قلنا من قبل إن القمم الهرمية الأربع التي تعلو الجبل ربما تكون هي سبب اختيار الوادي للدفن؛ على الرغم من أن المصري القديم قد قام بإسقاط بعضها عن عمد؛ وذلك لإخفاء مكان المقبرة، وسوف نجد ذلك واضحاً أعلى المقبرة التي تأخذ رقم (A) بالوادي الغربي.
وقد وجدنا أيضاً أن هناك بعض الأماكن التي يمكن أن يتم حفر مقبرة بها لتكون مخفية عن الأعين والتي توجد داخل الأفرع الصغيرة من الوادي وتكون محمية طبيعياً وبعيدة عن الأمطار، مثلما تم حفر مقبرة الملكة «حتشبسوت» بالوادي الشرقي في مكان فرعي من الوادي.
وعندما بدأنا الحفر في هذا الموقع قمنا بإزالة كميات ضخمة من الأحجار بالفرع السفلي من الوادي، بالإضافة إلى كميات أخرى من الرديم وبدأنا الحفر في منطقة تعلو الوادي السفلي ويجاورها حجرات خاصة بالحراسة ورؤساء العمال، واعتقدنا أن هذا المكان يمكن أن يكون مكاناً مثالياً لوجود مقبرة، أما المفاجأة فكانت العثور على أربع ودائع أساس في هذا المكان... هذه الودائع عبارة عن حفرات كبيرة داخلها كثير من الأواني الفخارية تعود إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة، وكذلك عثرنا داخل هذه الحفرات على سكاكين حادة كانت تستعمل عن طريق العمال وذلك لحفر الحوائط قبل رسمها، بالإضافة إلى وجود رؤوس لثيران داخل كل حفرة ودائع... وكان المصري القديم يقوم بعمل عدد أربع أو خمس حفرات لهذه الودائع بعد الانتهاء من حفر المقبرة؛ وقد عثر هيوارد كارتر عند مدخل مقبرة الملك «أمنحتب الثالث» على خمس ودائع.
وكانت هذه الودائع بمثابة إعلان أن المقبرة قد انتهى العمل فيها؛ أما الإعلان الخاص بالمعابد فكان الفرعون قبل أن يبني المعبد يقيم احتفالاً ضخماً يحضره الوزراء وبعض أفراد الشعب وتكون ليلة فخرية في حضور ومباركة الآلهة، وبعد ذلك يقومون بحفر حُفر داخلها الأواني والقرابين واللحوم، وذلك إشارة إلى إعلان البدء في بناء المعبد... أي أن هذه الودائع عبارة عن الدعاية والإعلان التي تتم بعد الانتهاء من أي مشروع حكومي، وهذه عادة فرعونية موجودة منذ آلاف السنين، وقد كان لهذا الكشف دلالة على وجود مقبرة في هذا المكان.
نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع