بقلم - زاهي حواس
نتحدث في هذا المقال عن محاور الأوراق العلمية المشاركة في المؤتمر العلمي للتراث المغمور بالمياه، الذي نظمته هيئة التراث بالمملكة العربية السعودية بمشاركة واسعة من خبراء وباحثين في مجال التراث الثقافي المغمور بالمياه ينتمون إلى أربع عشرة دولة حول العالم، اجتمعوا للتعريف بضرورة الحماية والتوعية بحفظ وصون التراث الثقافي المغمور تحت المياه، وذلك من خلال تكثيف أعمال البحث وبناء القدرات البحثية في علم الآثار المغمورة، الذي يعد من أحدث مجالات علم الآثار الواعدة، والذي بدأ بالفعل يفتح صفحات جديدة في تاريخ الأمم، ويضيف الكثير إلى معارفنا.
وقد أثارت فكري الجلسة الأولى التي ألقاها الدكتور عبد الله الزهراني مدير عام الآثار بهيئة التراث، الذي استعرض ما يحدث في المملكة من إنجازات هي بحق مثيرة للإعجاب، وقد بدأ الدكتور الزهراني بتوضيح أن الجزيرة العربية مرت بفترات متغيرة خلال حقبة ما قبل التاريخ (أي قبل أكثر من مليون سنة) من المناخ الجاف إلى الرطب، ونحو 15 ألف سنة مضت كانت فيها الجزيرة العربية خضراء على فترات مختلفة، حيث أظهر الحفر الغائر في بحيرة جافة في حائل أكثر من 30 متراً هذا التسلسل البيئي الطويل جداً. وأضاف الدكتور الزهراني أن الدراسات تؤكد وجود فترات متعددة من الهجرات البشرية نحو الجزيرة العربية وكان أقدمها قبل 400 ألف سنة وآخرها قبل 75 ألف سنة طبقاً للأبحاث المنفذة. وأضاف أن البعثة الأثرية التي عملت في هذه المناطق كشفت عن بحيرات جافة يمتد بعضها لأكثر من 30 كلم ومستوى الرواسب يصل لأكثر من كيلومتر واحد، وهي مملوءة بحفريات حيوانات مختلفة. وأشار الدكتور الزهراني إلى أن هناك نتائج لأبحاث علمية مشتركة أجراها علماء ومتخصصون في مجال الآثار من جميع دول العالم منذ أكثر من 50 عاماً عن اكتشافات أثرية للاستيطان البشري والهجرات نحو الجزيرة العربية والاستقرار بها من فترة ما قبل التاريخ وحتى العصور الإسلامية المتأخرة، وما زالت دلائلها واضحة للعيان إلى اليوم، وأضاف الدكتور الزهراني أن أول النشاطات الأثرية بدأ بأعمال مسح أثري محدود في عامي 1384 - 1385هـ نفذتها فرق سعودية بالتعاون مع خبرات أجنبية.