توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حقيقة معبد «ديبود» الذى أهداه «عبدالناصر» إلى إسبانيا

  مصر اليوم -

حقيقة معبد «ديبود» الذى أهداه «عبدالناصر» إلى إسبانيا

بقلم - زاهي حواس

كان من ملامح السنوات القليلة الماضية انتشار ما يعرف بوسائل التواصل الاجتماعى. وفى رأيى، إنها مفيدة للغاية؛ فقد قصرت المسافات، وقربت الناس البعيدة من بعضها البعض، غير أنها ساهمت فى خلق عزلة بين البشر القريبين وبعضهم البعض.

ويعتبر استخدام صفحات التواصل الاجتماعى جميلاً فى كل مكان، إلا فى مصر؛ لأن هناك من يستعمل هذه الصفحات بشكل خاطئ لإطلاق الشائعات أو النيل من رموزنا الحاليين والسابقين، حتى إنه، فى رأيهم، لم يعد هناك أى شىء جميل فى مصر الآن.

وآخر ما يشاع على صفحات التواصل ما يلى: «جمال عبدالناصر أهدى لإسبانيا عام 1968 معبدا فرعونيا كاملا وهو معبد «ديبود»، والذى كان فى النوبة فتم تفكيكه ونقله وإعادة تركيبه فى مدريد. الغريب فى فعلة ناصر أنه لم يتنازل فقط عن تحفة معمارية وتاريخية تعتبر من الآثار القليلة جدا فى العالم التى امتزج فيها التاريخ الفرعونى والنوبى والإغريقى والرومانى. إذ بنى المعبد على يد الكوشيين (مملكة النوبة والأسرة 25 من الفراعنة) ووسع فى عهد بطلميوس السادس والثامن والثانى عشر (العصر البطلمى من الملوك الإغريق) وزين أثناء حكم الإمبراطوريين الرومانيين أغسطس وتيبريوس. جريمة عبدالناصر تجاوزت ذلك إذ فرط فيما لا يملكه هو ولا حتى الشعب فى عهده، فذلك من ممتلكات المصريين فى كل العصور لا يستطيع جيل أن يتنازل عنها. انبهرت خلاص! أحب أعرفك كمان إن عبدالناصر وزع 5 معابد كاملة كانت فى النوبة على أصحابه بالإضافة إلى ديبود، أهدى لهولندا معبدا كاملا فى عام 1960 ولأمريكا معبد دندور سنة 1963، ولإيطاليا معبد الليسيه فى 1966 أما ألمانيا فكان نصيبها نصف معبد كلابشة عام 1970».

وهنا انتهى الكلام المكتوب الخاص بذلك الشخص غير العادل على إحدى صفحات التواصل الاجتماعى.

وأود أن أوضح أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر برىء تمامًا مما كتبه هذا الشخص غير المنصف لهذا الزعيم التاريخى. أما الحكاية، فقد بدأت عام 1959 عندما قاد الراحل العظيم د. ثروت عكاشة، وزير ثقافة مصر آنذاك، فكرة إنقاذ معابد النوبة قبل أن تغرق بعد اكتمال بناء السد العالى. واستطاع أن يقنع الرئيس جمال عبدالناصر بالفكرة وأن هناك ضرورة لمشاركة المجتمع الدولى فى هذا الإنقاذ. واستطاعت مصر أن تقنع منظمة اليونسكو العالمية بتبنى مشروع إنقاذ معابد النوبة.

ومن هذا المنطلق التاريخى الحاسم فى ذلك الوقت، أطلق الرئيس جمال عبدالناصر مقولته الشهيرة «إن آثار مصر لا تخص مصر فقط، بل تخص العالم كله». واستمرت اللجان تبحث الطرق الخاصة بالإنقاذ فى عام 1963. ولم تقتصر عملية الإنقاذ على معابد أبوسمبل فقط، بل شملت معابد النوبة كلها. وقد استطاعت مصر بقيادة الدكتور ثروت عكاشة أن تجعل كل الدول تشارك فى عملية الإنقاذ. وقد ساهمت الولايات المتحدة بأكبر مبلغ فى ذلك الوقت وهو 50 مليون دولار. وشاركت أيضًا إيطاليا وإسبانيا وهولندا وغيرها من الدول؛ ولذلك أقول لولا تعاون هذه الدول لكانت هذه المعابد كلها غارقة تحت مياه بحيرة ناصر.

وبدأت عمليات الإنقاذ بإشراف اليونسكو وكان هذا التعاون الدولى إشارة إلى أن العالم كله قد عرف أهمية الآثار المصرية. وكان يوم 22 سبتمبر عام 1968 من أهم الأيام فى تاريخ آثار مصر حيث تم الاحتفال بإنقاذ الآثار المصرية بفضل تعاون المجتمع الدولى. وقد وجدت اليونسكو ووزارة الثقافة أن هناك ضرورة لشكر هذه الدول على مساهمتها الكبيرة فى ذلك الإنقاذ؛ لذلك وافقت الحكومة المصرية على إهداء هذه الدول أجزاءً صغيرة من معابد صارت سفراء لمصر فى مدن هذه الدول المهمة.

وعلى الرغم من أننى ضد إهداء أية آثار لأى بلد أجنبى، فإن ما تم فى ذلك الوقت كان ضرورة لأن آثار النوبة كانت مهددة بالغرق تحت مياه بحيرة ناصر وكنا فى وقت لم نكن نملك فيه أى إمكانيات مادية لإنقاذ تمثال واحد من هذه الآثار، ولولا مساهمات المجتمع الدولى لكانت دموع كل المصريين تتحسر إلى الآن على ضياع كل هذه الكنوز الفريدة التى لا تقدر بثمن.

فهل بعد ذلك نظلم عبدالناصر، كما ظلمنا أغلب رؤساء مصر؟! ومازال البعض على صفحات التواصل الاجتماعى يظلم الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى لولا سيادته لكانت مصر تعيش فى بحر من الظلمات لا يعلم أحد غير الله سبحانه وتعالى متى كنا سوف نخرج منها.

وفى النهاية، أؤكد على أن ما يشيعه البعض ضد رموزنا وآثارنا عن عدم معرفة وإدراك غير مقبول جملة وتفصيلاً. إن ما يحدث من ظلم لمن خدم مصر ووضع مصر على خريطة التراث وإنقاذه حرام، ومن غير المقبول أن يتم تضليل الأجيال من المصريين التى لا تعرف حقيقة ما قام به جيل الآباء كى تصل إلينا آثارنا الغالية فى أفضل الأوضاع من حيث البقاء والحفظ.

وانتهز هذه الفرصة كى أرسل تحية لكل لمن ساهم فى مشروع إنقاذ آثار النوبة من المصريين، وغيرهم، وعلى رأسهم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ووزير ثقافته العظيم الدكتور ثروت عكاشة، والأثرى الكبير وأستاذ الأجيال أستاذنا الدكتور محمد جمال الدين مختار.

نقلًا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقيقة معبد «ديبود» الذى أهداه «عبدالناصر» إلى إسبانيا حقيقة معبد «ديبود» الذى أهداه «عبدالناصر» إلى إسبانيا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon