توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية

  مصر اليوم -

أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية

بقلم: دكتور زاهي حواس

لا يتوقف علم الآثار فقط عند دراسة اللقايا الأثرية أو آثار حياة البشر على الأرض في الماضي سواء كان الماضي القريب أو الضارب في القدم، ولكن هناك نوعاً من الدراسات يطلق عليها الإثنو أركيولوجي وتعنى بدراسة أنماط حياة المجتمعات الإنسانية من خلال الآثار والمنتجات المادية المستخدمة في النشاط البشري طبقاً للموقع الجغرافي والظروف البيئية للمكان. ولكيلا نصعب الأمور على القارئ غير المتخصص، نسلط الضوء على بحث نشر قبل أعوام مضت ضمن سلسلة دراسات أثرية بالمملكة العربية السعودية ويحمل الكتاب أو الدراسة رقم 19. الكتاب من تأليف الأستاذ الدكتور فهد بن علي الحسين بعنوان «الحرف والصناعات البحرية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية» وهي دراسة إثنو آركيولوجية توثق نمط حياة وأدوات مجتمع صيد الأسماك واللؤلؤ بالمنطقة الشرقية على الخليج العربي.
لقد أشرت قبل أكثر من عام إلى هذه الدراسة المهمة في هذا المكان نفسه وتحديداً في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021م. وكنت أعد النفس بنشر محطات مهمة من تلك الدراسة لكي يعلم بها كثير من المهتمين سواء المتخصصين أو غيرهم بعد الانتهاء من قراءتها. ولعل سبب ذلك الاهتمام رغم عدم معرفتي الشخصية بصاحبها ولم أتشرف يوماً بمقابلته هو احتياجنا لمثل تلك الدراسات التي ينأى للأسف كثير من الدارسين عن تناولها، نظراً للمشقة الكبيرة والوقت الطويل والجهد اللازم في تناولها والتي تستدعي السفر والمعايشة والإلمام بالمصادر بمختلف أنواعها. ورغم ذلك فإن مثل تلك الدراسات تمثل توثيقاً حياً ومثيراً لأنماط حياة وآثار مجتمعات إما اندثرت بالفعل أو على وشك الاندثار ودخولها طي النسيان بسبب العوامل التي تناولتها من قبل في مقالي المشار إليه سابقاً بعنوان «حرف وصناعات في طي النسيان».
قدم لنا الدكتور فهد بن علي الحسين دراسة متميزة وشيقة لمجتمع الصيادين بالمنطقة الشرقية وكذلك للحرفيين الذين صنعوا أدوات الصيد بمختلف أشكالها لتناسب طبيعة نوع الصيد سواء الأسماك أو اللؤلؤ، وكذلك عرفنا الدكتور فهد على الصناعات التي قامت على تلك الحرف.
لقد استطعت أخيراً بفضل الله وتوفيقه الانتهاء من قراءة هذا البحث الشيق الذي نقلني إلى مكان له طبيعته الجغرافية والبيئية شديدة الخصوصية لأعيش بين أناس لا يزالون يعيشون بيننا ويحافظون على مهن وصناعات توارثوها من أجيال سابقة، لكن بات يهددهم طابع الحياة المدنية الحديثة ومنتجاتها واقتصاديات العالم الحديث. ولم يعطلني كل هذا الوقت عن قراءة هذا البحث المثير سوى أعمال الحفائر والنشر العلمي الخاص بي وكذلك محاضراتي حول العالم والعدد الكبير من دراسات الدكتوراه التي أشرف عليها بعد فشلي الدائم والمستمر في الاعتذار عن عدم قبول الإشراف عليها رأفة بأبنائي الطلبة!
إن الدراسة الممتعة التي قدمها لنا الدكتور فهد، وهو أستاذ أكاديمي، تضعنا أمام معضلة تواجهنا وهي كيفية الحفاظ على صناعات وحرف نادرة من الاندثار، وفي الوقت ذاته تعويض أهلها بما يحفزهم على الاستمرار في نقل حرفهم وصناعاتهم من جيل إلى آخر؟ وهل يكفي تسجيل وتوثيق هذه الحرف والصناعات؟ وأي أنواع التسجيل العلمي يكفي ويرضينا عوضاً عن اندثار واختفاء مثل تلك الحرف والصناعات من حياتنا؟ أسئلة كثيرة لا تزال تبحث عن إجابات، لكن يبقى أن نعرف أننا عندما نتحدث عن حرف وصناعات نادرة فإننا نتحدث عن نمط حياة ومعيشة سكان مجتمع كامل يحيا ويعيش بثقافة تلك الحرف والصناعات القائمة عليها التي تؤثر في ثقافته وفي عاداته وتقاليده ومفردات حياته اليومية، والتي تحتاج أيضاً إلى التسجيل والتوثيق. في النهاية نحن نتحدث عن جزء من الذاكرة الإنسانية وحياة الناس على الأرض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية أهمية الدراسات الإثنوآركيولوجية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon