توقيت القاهرة المحلي 05:05:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كليوباترا سوداء (2)

  مصر اليوم -

كليوباترا سوداء 2

بقلم: دكتور زاهي حواس

 مازال عرض مسلسل عن كليوباترا على قناة نتفلكس يثير استياء العديد من الشخصيات في كثير من بلاد العالم، خاصة أن هذا تزييف للتاريخ، فالملكة كليوباترا مقدونية ولم تكن سمراء البشرة.

اكتشفت أن الذي أنتج مسلسل كليوباترا الذي عرض على قناة نتفلكس جادا سميث «Jada Smith» وهى زوجة الممثل الشهير ويل سميث «Well Smith»، وقد قابلت الاثنين في عام ٢٠٠٦ عندما اختارتنى مجلة التايمز كواحد من أهم مائة شخصية مؤثرة في العالم، وأقاموا احتفالا ضخما في «Lincoln Center» وقد كنت لا أود أن احضر الاحتفال ولكن عمر الشريف أقنعنى بضرورة الحضور، وعلى العشاء تصادف أن جلست على نفس المنضدة التي يوجد عليها ويل «Well» وزوجته جادا «Jada» واتفقا معى على زيارة مصر، وفعلا قام ويل بزيارة مصر مع العائلة والأصدقاء بعد ١١ سنة من المقابلة ولم تحضر جادا. أما الممثلة التي قامت بدور كليوباترا فهى «Adele James».

لا تزال كليوباترا هي الملكة الساحرة، ولا يزال العلماء يحاولون البحث عن مقبرتها، لكن أهم قصة عن البحث عن هذه المقبرة حدثت منذ حوالى 12 عاما عندما جاءت لمقابلتى الدكتورة كاثلين مارتينيز من جمهورية الدومنيكان، وأشارت إلى أنها تعتقد أن مقبرة كليوباترا ومارك أنتونى توجد داخل معبديقع على بعد حوالى 35 كم غرب مدينة الإسكندرية وهو معبدتابوزيريس ماجنا. ويعود تاريخ هذا المعبدإلى عصر الملك بطلميوس الرابع. وقد بُنى هذا المعبدتخليدًا للإلهة إيزيس؛ لذا أرادت كليوباترا أن تتصل بالإلهة إيزيس والتى تعتبر أهم إلهة مصرية استطاعت أن تغزو العالم القديم.

.. وعندما حدثتنى كاثلين مارتينيز عن مقبرة كليوباترا، سرح بى خيالى إلى فترة شبابى وأنا طالب بجامعة الإسكندرية، حين كان أستاذى الراحل العظيم فوزى الفخرانى، وهو من أهم أساتذة الآثار في العصرين اليونانى- الرومانى. وكان له العديد من الأبحاث عن مقبرة الإسكندر الأكبر، ولكن عندما سألته: أين دُفنت الملكة كليوباترا؟، كان الفخرانى دائمًا يختصر الإجابة. وقال لى: اذهب إلى منطقة السلسلة، وانظر داخل البحر. وعرفت بعد ذلك أن كليوباترا قد بنت لنفسها قصرًا في هذا المكان. وبنت، بجوار القصر، مقبرة لها، ولكن ليس لدينا أي دليل على أنها قد دُفنت داخل هذه المقبرة.

وعندما قمت بتصوير البرنامج الشهير لقناة «History»، والذى كان يُطلق عليه مطاردة المومياوات، قابلت أثريًا يونانيًا وقد استخرج من المياه عمودًا من داخل قصر الملكة كليوباترا. بعدها وجدت أن التعاون مع السيدة كاثلين سوف يكون المرة الأولى التي يتم فيها البحث عن مقبرة كليوباترا؛ فشكلت بعثة مصرية، وبدأنا الحفائر داخل هذا المعبدوالتى لا تزال مستمرة إلى الآن.

ولعله من المهم أن أسرد عليكم هذه القصة قبل أن أشرح ما عثرنا عليه داخل هذا المعبد. لقد سافرت إلى مدينة باليرمو في صقلية لإلقاء محاضرة عامة حضرها الآلاف من الإيطاليين. وبعد المحاضرة، جاء سؤال الصحفيين عن الملكة كليوباترا. وقلت إننا نبحث عن مقبرتها. وشرحت كل خطوات الحفائر. وقلت إن هذه المقبرة لو كُشفت، سوف تكون مهمة جدًا؛ لأنها سوف تقرب بين الشعب الإيطالى والشعب المصرى، خاصة لأن قيصر ومارك أنطونى من روما قد وقعا في غرام الملكة الساحرة كليوباترا. وكانت المفاجأة في اليوم التالى وهى أن صحفية إيطالية قد كتبت في الصفحة الأولى أننى قد كشفت عن مقبرة كليوباترا، ولكننى كتبت وكذبت الخبر، ورغم ذلك نقلت صحف أخرى في أمريكا الجنوبية هذا الخبر.

كانت حياة هذه الملكة مليئة بالإنجازات التي لم تتسم بالطابع المحلى فقط، ولكنها تخطته إلى العالمية. وعلى الرغم من تنقلها في العديد من عواصم العالم، فإنها اتخذت من الإسكندرية مقرًا دائمًا لها تدير منه أمرها، وتنظم خططها، وتستقبل فيها سفراء روما وغيرهم، لتكون متابعة كل أحداث العالم حيث تعددت ميادين نشاطها السياسى. ولم يشهد التاريخ امرأة استخدمت أنوثتها بهذه القوة وهذه المهارة كما استخدمتها ملكة مصر الجديدة كليوباترا؛ فحين اعتلت العرش بعد وفاة والدها كانت مصر دولة ضعيفة لا حول لها ولا قوة فقدت جميع ممتلكاتها لروما، ولم يكن يستقر لها ملك إلا باعتراف روما ووجود جيش رومانى يسانده في الإسكندرية. وفى المقابل كانت روما تتقاضى الثمن. ووسط تلك الحالة السياسية المتردية لمصر، خرجت كليوباترا بذكائها وجمالها وجرأتها لتقتحم معترك الحياة السياسية العالمية لتواجه بنفسها أقوى دولة في العالم.

وكانت كليوباترا تشبه تلك الملكات والأميرات المقدونيات من حيث قوة الإرادة والرغبة في الحكم والكبرياء، وجمعت ما بين نشاط الرجال وقوتهم وجمال الأنثى وصفاء الذهن.

ويقول المؤرخ بلوتارخ عنها إنها كانت على النقيض من أجدادها الذين لم يتعلموا لغة رعاياهم، فلم تتعلم كليوباترا اللغة المصرية فحسب، بل تعلمت الآرامية والعبرية والعربية والفارسية والإثيوبية والصومالية. وعلى الرغم من أنها لم تكن مصرية بل كانت مقدونية متأغرقة، فإنها تأثرت بالبيئة المصرية حيث كانت ترتدى ثياب الإلهة المصرية القديمة إيزيس وتحمل شاراتها.

وعلى الرغم من أن الدافع في سياستها في مصر كان المجد الشخصى أكثر منه سعادة الشعب، فإن المصريين لم يكرهوها. أما الرومان فكرهوها واحتقروها ونعتوها بالمصرية والملكة الغانية، وفاقت شهرتها شهرة ملوك وملكات الفراعنة.

وفى بداية حكمها نجحت كليوباترا وأصحاب النفوذ في البلاط في حفظ السلام في الإسكندرية، على الرغم من وجود جنود جابينوس المرتزقة الذين لم يعتبروا أنفسهم جنودًا في الجيش الرومانى واتخذوا لأنفسهم زوجات واستقروا في الإسكندرية. ولم تكن علاقتهم جيدة مع أهل البلاد. وفى نفس الوقت كان قيصر السابع يتقدم نحو إيطاليا وكان بومبى يفتقر إلى الجنود حيث لم تكن لديه سوى ثلاث فرق لمواجهة جيش القيصر؛ لذا دعا بومبى السناتو إلى مغادرة إيطاليا وانسحب نحو الجنوب واضطر في النهاية إلى مغادرة إيطاليا. وهنا يفكر بومبى في مصر ليطلب العون منها حيث كان له دور أساسى في إعادة بطلميوس الثانى عشر «الزمار» إلى مصر.

وبعد المعركة، توجه بومبى إلى مصر لاجئًا. وعندما وصل إلى «بوليزيون»، بعث برسالة إلى الملك يخبره بوصوله ويذكره بالعلاقة بينه وبين أبيه. وبعد أن تشاور الملك الصغير مع مستشاريه، أخذ برأى معلمه «ثيودتوس» بأن ينصبوا فخًا لبومبى، ثم يقتلوه تقربًا إلى قيصر، فقاموا بإرسال مركب صغير ليحضر بومبى ويخرجه من البحر. وعلى الرغم من ارتياب بومبى وشكه، فإنه ركب المركب الصغير وما هي إلا لحظات، وقام الرجال بطعنه من الخلف، وقطعوا رأسه، وأُلقيت جثته عارية على الشاطئ، ثم قاموا بحرقها.

وقبل هذا، كانت كليوباترا قد فرت إلى الحدود الشرقية بعد أن اتهمها الأوصياء على الحكم برغبتها في الانفراد بالحكم دون أخيها البالغ من العمر عشر سنوات، وجمعت جيشًا، وتأهبت لغزو الإسكندرية.

كليوباترا.... وقيصر

ووصل قيصر إلى الإسكندرية بعد أيام من مقتل بومبى. ويقول المؤرخون إنه عندما رأى رأس بومبى، بكاه. وبعد ذلك، دعا قيصر كلا من كليوباترا وبطلميوس للتحكيم. وأبدت كليوباترا رغبتها في إطاعة أوامر قيصر. وسرحت جيشها. أما أخوها، فلم يسرح جيشه. وكانت كليوباترا وقتها خارج الإسكندرية، ولم تكن تستطيع دخولها بعد أن أعلن أخوها ورجاله التمرد عليها. ويُقال إنها نفذت حيلة بارعة حيث استقلت قاربًا. ودخلت المدينة عن طريق البحر، يحملها رجل، وهى مختبئة داخل سجادة ملفوفة. وذهب بها إلى قيصر في الإسكندرية. وعندما بسط أمامه السجادة، خرجت منها كليوباترا ذات حسن وجمال يأخذ الألباب. ومن هذه البداية الغريبة، بدأت العلاقة بين كليوباترا وقيصر، ليست كعلاقة بين إمبراطور روما وملكة مصر، ولكن علاقة رجل بامرأة. وفى اليوم التالى، أرسل قيصر في طلب بطلميوس الصغير. وعندما رأى أخته، غضب وقذف بتاجه على الأرض. وجرى في الشوارع، يصرخ من الخيانة. وأعاد جنود قيصر الملك إلى القصر مرة أخرى، ولكن صرخاته أثارت الشعب الذي تجمهر خارج القصر. واضطر قيصر إلى الخروج إلى الشعب، ووعدهم بعقد مجلس عام من الشعب. وبعد بضعة أيام، دعا الشعب إلى الاجتماع في الجمنازيوم. وقرأ قيصر وصية أبيهما والتى كانت تقتضى بأن تحكم كليوباترا وأكبر أخويها، وبأن ترعى روما تنفيذ هذه الوصية، وبذلك أصبح لقيصر الحق في التدخل في هذا النزاع. وكان من الطبيعى أن يكون الحكم في صالح كليوباترا، فأصدر قرارًا بتوليها الحكم على أن يشاركها أخوها الحكم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كليوباترا سوداء 2 كليوباترا سوداء 2



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon