بقلم: زاهي حواس
عثر فريق سعودي دولي على دلائل لهجرات إلى الجزيرة العربية تعود إلى أكثر من 120 ألف سنة في صحراء النفود على أطراف منطقة تبوك. وتمثل تلك الدلائل أقدم وجود لمئات آثار لأقدام بشرية وحيوانية في المملكة العربية السعودية.
وقد نشرت هذا الكشف مجلة «Science Advance»، حيث أكد الفريق العلمي الذي قام بالمسح الأثري على وجود أدلة لهذه الهجرات في بحيرة جافة شمالي المملكة، وهذه النتائج العلمية تشير إلى أهمية وجود علاقة وثيقة بين تنقلات الإنسان والحيوان واستغلاله للمنطقة.
وقد أعلن الأمير بدر بن عبد الله وزير الثقافة في المملكة في مؤتمر صحافي عالمي عن هذا الكشف الأثري الذي يظهر تاريخ وحضارة المملكة المتوغلة في القدم، حيث إن هذا الكشف يشير إلى ترحال البشر وانتشارهم داخل الجزيرة العربية في أوقات كانت تلك الصحاري الحالية عبارة عن مزارع خصبة. وقد أوضح المقال العلمي المنشور إلى ظهور طبقات أقدام ضخمة متحجرة في رواسب بحيرة قديمة كما أشرنا من قبل في صحراء النفود، فلم يعثر على أقدام بشرية فحسب، بل أيضاً على أدلة لوجود حيوانات مثل الخيول والفيلة، وهو مظهر النشاط الإنساني بالجزيرة العربية واستعماله لهذه الأنواع من الحيوانات إما في التنقل أو الصيد.
وقد أعلن العلماء المشاركون من السعودية مع العديد من البعثات الدولية أن هذا الكشف يشير إلى انتشار الإنسان المعروف من أفريقيا إلى بلاد الشام، وأضافوا أيضاً أن حركات البشر والثدييات الكبيرة وأنماط استخدام مظاهر الطبيعة كانت جراء الأحوال الجوية الجافة ونضوب موارد المياه. ويدل هذا الكشف المهم الذي أعلن للعالم كله أن هناك جهوداً تتم حالياً من قبل وزارة الثقافة وهيئة التراث نحو تشجيع البعثات الأجنبية للعمل في العديد من المناطق الأثرية بالمملكة العربية السعودية. وقد كنت أتكلم مع المخرج الأميركي المعروف ليسلي جريف Leslie Greif الذي عمل معي في العديد من البرامج عن الآثار، ومنها برنامج مطاردة المومياوات الذي هز العالم كله، فقال لي إن الاكتشافات التي حدثت على الأراضي السعودية يمكن أن تثير العالم كله، وتظهر تاريخ المملكة العربية السعودية في عصر ما قبل الإسلام.