بقلم : زاهي حواس
■ نعتذر لظهور اسم الرجل العظيم اللواء الوزير عبدالسلام المحجوب بالبنط الصغير، فكلنا نعرف قيمة هذا الرجل وما قدمه لمصر من خدمات جليلة فى مختلف المواقع، سواء عندما كان يعمل فى جهاز المخابرات أو حينما كان محافظاً أو وزيراً..
■ قمت بزيارة الأقصر هذا الأسبوع ودخلت منطقة وادى الملوك ومعبدى الأقصر والكرنك، وللأسف لم أشاهد سوى فوج أمريكى يتكون من 14 شخصا ألقيت عليهم محاضرة، وأثناء عودتى من الوادى نظرت إلى تمثالى ممنون اللذين يمثلان الملك أمنحتب الثالث. وقد حدث زلزال عنيف عام 200م تقريباً أصاب التمثالين بالتصدع وأصبحا يصدران صوتاً غريباً أشبه بالأنين يزداد فى فترة الفجر، لذلك أطلق الإغريق على هذين التمثالين اسم ممنون، ذلك البطل الأسطورى الذى قاد الإثيوبيين لكى يساعد أهل طروادة ويخلصهم من الحصار، فقام بطل الإغريق الأسطورى أخيليس بقتله، لذلك قامت أمه الربة إييوس ربة الفجر بطلب من الرب زيوس كبير المعبودات وهى تبكى بأن يميز ابنها عن بقية البشر، فكان صوته يأتى عند الفجر بينما كانت أمه تبكى عندما تسمع صوت ابنها، واعتُقد أن دموع الأم كانت هى قطرات الندى التى تنزل عند الفجر كما اعتُقد أن ذلك الصوت الذى يخرج من التمثالين هو أنين وبكاء أم البطل الأسطورى. أكتب هذه القصة لأننى أحسست بأن التماثيل تبكى وتئن حزناً على عدم وجود سائحين.
■ نال الكشف الذى أعلنه د. خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، اهتماماً عالمياً لم ينل مثله أى اكتشاف من قبل، فقد تم العثور فى سقارة على أكثر من مائة تابوت بداخلها مومياوات. وكنت أتحدث تلفونياً مع د. العنانى فقال لى إنه يجب أن نعطى وقتاً أكثر للسياحة لأنه فى الفترة الماضية قد أعطينا وقتاً أكثر للآثار، وربما قال له أحد العالمين فى مجال السياحة هذا الكلام، وأقول أنا للدكتور العنانى بأن الاكتشافات التى أعلنها سوف توفر ملايين الدولارات للدولة، كما ستكون سبباً مباشراً فى إنعاش السياحة بمصر، فندعو العالم كله لزيارة بلادنا وبالتالى ستعود شركات السياحة للعمل ويعود الدخل الوفير للعاملين فى هذا المجال.
■ نجلاء فتحى
هى فاطمة الزهراء حسين أحمد فتحى، من أجمل وأرق فنانات عرفتها السينما المصرية. وأنا شخصياً أشبهها بالفنانة الأمريكية الرقيقة فيفيان لى. نجلاء فتحى لها جمال مصقول بخلق رفيع قامت بأدوار رائعة فى السينما لا حصر لها. من مشاهير حى مصر الجديدة، وبدأت مسيرتها السينمائية فى مدينة الإسكندرية، حيث اكتشفها المنتج عدلى المولد وشجعها عبدالحليم حافظ على التمثيل. ونالت أول بطولة سينمائية لها عام 1968 فى فيلم «أفراح»، وبلغ عدد أفلامها طوال مشوارها الفنى نحو 80 فيلماً. تزوجت نجلاء فتحى من الإعلامى الراحل حمدى قنديل، وبعد وفاته اعتزلت الفن والحياة العامة تماماً، لذلك أصبحنا فى شوق جارف لها، فقد اشتقنا لابتسامتها الجميلة وصوتها المميز. وعندما ظهرت فى مقطع فيديو قصير لتهنئ أحد الفنانين اهتز العديد وهم يشاهدون ابتسامتها مرة أخرى، فعندما أطلّت فى هذا المقطع أظهرت أن الروح لا تشيخ. وقد حباها الله سبحانه وتعالى بجمال طبيعى، لذلك أصبح من المستحيل أن تأتى فنانة لكى تملأ فراغ غيابها عن الفن والسينما. ومازال الجمهور يتذكر بعضا من أدوارها الرائعة فى أعمال مثل «دمى ودموعى وابتسامتى» و«أحلام هند وكاميليا»، فى حين وصلت إلى أعماق كل مصرى فى «كونشرتو درب سعادة».
أذكر أن صديقى الراحل المخرج علاء كريم قدمها فى دور خادمة فى فيلم الجراج وهو من أعظم أدوارها، وقد حاولت هذا الأسبوع أن أعثر على هذا الفيلم عن طريق اليوتيوب كى أشاهد إبداعها مرة أخرى. استطاعت نجلاء فتحى أن تقدم ألواناً مختلفة فى أدوارها ما بين الأكشن والرومانسية والدراما، لذلك أصبحت من ألمع فنانات العصر الجميل الذى لن يتكرر. وكان من المفروض أن تقدم دوراً أمام النجم عمر الشريف، لكن لم يحالفها الحظ، ولك أن تسمع عن تلك القصة النادرة بأداء الرائع سمير صبرى.
حياة نجلاء فتحى عبارة عن لحظات من الحب والسعادة لا تخلو من الألم، فقد عرفت اللحظة المناسبة للاعتزال، لذلك تركت فى قلوبنا أجمل الذكريات.
نشتاق إليك أيتها العظيمة يا أجمل فنانات السينما المصرية، ونقدم لك وسام الامتنان.
■ إبراهيم عيسى
من أهم وأحدث إصدارات الكاتب والصحفى إبراهيم عيسى ذلك الكتاب الأخير الذى أحاول قراءته تلك الأيام وهو «كل الشهور يوليو». الكتاب يتكون من 600 صفحة ويتحدث عن بداية الثورة من يوليو 52 ولمدة ثلاثة شهور حتى إعلان الجمهورية. هذا الكتاب يظهر براعة هذا الكاتب الفذ الذى يعتمد على البحث والعلم والدراسة فى كل ما يكتبه، لذلك قدم لنا شهادة هامة فى قالب روائى لتلك الفترة الحرجة. ألف إبراهيم عيسى رواية أخرى رائعة وهى صاحب المقام، والتى تحولت إلى عمل سينمائى، ورغم أننى لم أقرأ تلك الرواية إلا أن الفنانة العظيمة يسرا حدثتنى عن الفيلم وقصته، ولعل أن فكرة الفيلم جديدة وجميلة أبدع كل من يسرا وآسر يس فى أن يقدما لنا من خلاله أداء فنياً رائعاً من إبداع قلم إبراهيم عيسى.
عندما بدأت الكتابة عن هذا المبدع العظيم وجدت صديقاً لى يقول إن إبراهيم عيسى هو نسخة جديدة من صلاح جاهين، لأنه شاعر ورسام ومؤلف وصحفى وروائى ومقدم برامج، أى أنه متعدد المواهب، فأشرت لصديقى هذا بأن لديه بعض المنطق فى رأيه، لكن فى حقيقة الأمر أن إبراهيم عيسى له بريق خاص ولم يقلد صلاح جاهين، فهو يعرف كيف ينتقى كلماته التى تخرج ولها رنين غريب فى الأذن لن تجد له مثيلا من أى مثقف آخر. قدم لنا عيسى سيناريوهات العديد من الأفلام كما قدم العديد من البرامج ذات الطراز الخاص، ففى أحد برامجه قام باستضافتى وكان يستمع جيداً حين أتحدث، وعندما يسأل هو تشعر بأن سؤاله له منطق وهدف دون تجريح لضيفه، ليس مثل بعض مقدمى البرامج التافهة. لذلك فهو من القلائل الذين إذا ما وجدته فى برنامج تليفزيونى أو محطة إذاعية صعب أن تتركه وتتجه لبرنامج آخر.
إبراهيم عيسى فارس نبيل، هاجم الرئيس مبارك أثناء حكمه وكان له عدة آراء سياسية قوية دفع ثمنها ودخل السجن، لكن الرئيس مبارك كان يعرف قيمته ووطنيته لذلك أصدر قراراً بالعفو عنه. وعندما نزل الرئيس مبارك من على جواده وتنحى عن الحكم لم يكتب إبراهيم عيسى كلمة واحدة تهاجم النظام السابق وتجرح رموزه. تخرج عيسى من مدرسة قدمت لنا عظماء الصحافة وهى مدرسة روزاليوسف، وقدم هو للصحافة العديد من الخبطات الصحفية التى اعتمدت على الحقائق دون مبالغة أو تزييف. إبراهيم عيسى شخصية محترمة من الصعب أن تتكرر، لذلك نقدم له وسام الامتنان