هذا هو اللقب الذى أطلق على د. جلال السعيد عندما تولى مسؤولية محافظ القاهرة، وهو يعتقد أن أهم إنجازاته خلال كل مراحل حياته من رئيس جامعة الفيوم إلى محافظ الفيوم إلى تولى وزارة النقل مرتين، إلا أن منصب محافظ القاهرة هو الأقرب إلى قلبه. وقد وصلتنى مذكراته الشخصية بعنوان «سيرة جلال» التى نشرت عن طريق الهيئة المصرية العامة للكتاب، وأعتقد أن نشر هذا الكتاب هو إنجاز يُحسب لرئيس هيئة الكتاب النشط د. هيثم الحاج، لأن هذا الكتاب يُعتبر من الكتب المهمة جدًا التى يمكن أن تكون مرشدًا مهمًا للشباب لمعرفة الطرق التى يمكن أن يعبر بها الإنسان إلى النجاح.
ونجد أن كل دولة بالعالم فيها علماء وقدوة للشباب عدا مصر، فنحن نعمل جاهدين على أن نحطم كل ما هو جميل ولكن هذا الكتاب قد يقدم للعامة والشباب، بل والمثقفين، رجل استطاع أن يتولى العديد من المناصب المهمة وبتواضع شديد، يشرح لنا قصة حياته وكيف استطاع أن يخدم تراب مصر، وبعد ذلك يحدثنا عن عشقه وحبه لهذا البلد الجميل مصر، ولذلك فأنا أقدم لكم قصة نجاح من خلال هذه المذكرات المهمة.
وأنا شخصيًا عاصرت د. جلال فى العديد من مناصبه، خاصة وهو رئيس جامعة الفيوم عندما أراد التوسع بالجامعة وكان هناك أرض أثرية يجب حفرها أثريًا حتى يمكن أن يُقام بها مبانٍ جديدة للجامعة، وأيضًا وهو محافظ الفيوم عندما أراد أن يجعل بحيرة قارون من أهم المناطق السياحية ولكن المناطق المجاورة للبحيرة تحتوى على أهم مواقع ما قبل التاريخ فى مصر، ومن هنا بدأت أهم حضارة فى التاريخ، ولذلك فقد عقدنا العديد من الاجتماعات بمجلس الوزراء برئاسة د. أحمد نظيف، وتم إعداد مبالغ مالية وشكلت فريق عمل من الأثريين على مستوى عال لحفر هذا الموقع، وقمنا بعمل اكتشافات أثرية مهمة، ولذلك لم أستطع أن أقدم له خطابًا بالموافقة على استغلال الأرض وخاصة لأن مناطق الاستثمار السياحى يمكن أن تقام فى مواقع أخرى كثيرة ولكن من الصعب تعويض هذا الموقع الأثرى المهم، وأعتقد أن د. جلال قد تقبّل هذا الوضع دون أى مشاكل من قبل المحافظة. والحقيقة أن هذا الرجل قد يتفق عليه الجميع، لأنه رجل محترم ونظيف وتحس أنك أمام شخصية مثقفة ومتواضعة فى نفس الوقت.
وقد انضم إلى مجموعة الفرسان، بعد أن ترك العمل العام، ونحن مجموعة وطنية نعمل من أجل مصر، أى أننا نعشق مصر ونقف مع الدولة فى كل ما تقوم به من خير، ووجدت أن بعض الفرسان يقيمون اجتماعات مصغرة ودائمًا يتفق الجميع على أن يكون د. جلال ضمن هذه المجموعات الصغيرة، لأنه استطاع أيضًا أن يصل إلى قلوب كل الفرسان. وقد كان صديقى صلاح دياب يحدثنى تليفونيًا عن كُتاب المصرى اليوم، وقال إنه فوجئ بمقالات د. جلال السعيد فى المصرى اليوم وخاصة فى أسلوبه السهل الجميل وتناوله لقضايا مهمة جدا تمس المجتمع، وقد لمست فى كتاب «سيرة جلال» أن الأسلوب بديع وسهل وحاول أن يؤرخ فترة مهمة جدًا من تاريخ مصر، خاصة فترة الانفلات الأمنى الذى كان فيها محافظًا للقاهرة.
وقد حدد د. جلال أن مفتاح النجاح يتطلب الاستعداد العلمى والمهنى والأخلاقى والالتزام والعمل بجد وإخلاص وصدق مع النفس ومع الآخرين والقوة فى الحق والرشادة فى الفكر ومراعاة حُرمة المال العام واحترام التراث واحترام الآخرين، وأخيرًا التفانى فى حب الوطن والحفاظ على ترابه.
فى «سيرة جلال» تحدث عن صداقته مع خالد عبدالناصر، حيث إنهما كانا زميلين فى هندسة القاهرة وكان يذاكر مع خالد فى منزله بمنشية البكرى، وقد حدث أن خالد ترك د. جلال وحيدًا يذاكر فى الحجرة وفجأة فتح الباب وكان أمامه الرئيس جمال عبدالناصر، وأشار إلى أنه وجد الزعيم الذى له هيبة شديدة جدًا بطوله الهارع ونظراته الجادة وعيونه التى تلمع، أما رد الفعل للطالب هو أنه ظل يصفق وهو مذهول.
قد عرفنا أن هذا الرجل كان محبًا للقراءة منذ الصغر وكذلك من خلال صداقته بالفنان الراحل محمد عوض، كان يحضر العديد من المسرحيات، بالإضافة إلى مشاهدة الأفلام، وأعتقد أن كل هذا كان له الفضل فى بناء شخصية هذا الطالب، بالإضافة إلى أن والده قد علمه الصدق والأمانة والجدية فى العمل والحرص على المال العام، وقد كان لهذه العوامل أن أصبح مقاله فى المصرى اليوم من المقالات المهمة وقام بعمل إنجازات كثيرة فى كل المجالات والمناصب التى شغلها، وأعتقد أنه من القلائل الذى ترك المنصب وعاد إليه مرة أخرى، وكان ذلك فى وزارة النقل... وحدثنا عن زيارة السادات لإسرائيل عندما كان طالبًا يدرس فى كندا وكيف أن الكنديين اعتبروا كل مصرى هو سادات صغير. وأذكر أن زيارة السادات لإسرائيل كنت فى مطار شيكاغو متوجهًا لإلقاء محاضرة بمدينة بيلينجز فى مونتانا وقد تملكنى الخوف لأننا عشنا على ألا نعرف عدونا ولكن هذا الرجل العظيم السادات قد سجل اسمه بحروف من ذهب فى تاريخ مصر.
وقد حدثنا عن دراسته فى كندا وعمله فى الكويت. وقد تعرف على شخصين يعتبران من نجوم الفيوم، وهما د. صوفى أبوطالب، هذا الرجل العظيم الذى كان له الفضل فى إنشاء فرع لجامعة القاهرة بالفيوم، وكذلك الرجل العظيم الآخر د. يوسف والى، وهو من الرجال الذين أدوا خدمات عظيمة للوطن، وأنا شخصيًا أعتقد أن مصر لم تنجب مثل هذا الشخص فى أمانته وتواضعه وحبه للوطن ولم يدافع عن نفسه أمام سهام الحقد...
وقد حدثنا عن رؤساء الحكومات ومنهم من أغرق مصر وتمادى فى دلع ما يطلق عليهم الثوار وكانوا يحاصرون مجلس الوزراء، ولذلك استمرت حالة الفوضى التى عاشت فيها مصر، ورغم ذلك كان هناك رجال ورؤساء وزارات بعد الثورة قاموا بإنقاذ البلاد ومنهم الفريق أحمد شفيق والجنزورى والببلاوى.
حتى جاء الرئيس عبد الفتاح السيسى وقاد مصر إلى بر الأمان وأنقذ هذا الشعب العظيم من الإخوان. وقد تحدث عن إنجازاته فى كل مجال عمل فيه وسوف أترك القارئ لكى يقرأ ويعرف ماذا قدم د. جلال للوطن، ولكن هنا سوف أتحدث عن شخصين كانا قريبين من قلب د. جلال، وفى نفس الوقت هما قريبان إلى قلبى، وهما الوزيرة فايزة أبوالنجا التى لمعت فى كل مجال قامت بالعمل فيه، سواء سفيرة أو وزيرة أو مستشارة للرئيس، وأنا شخصيا أحترم هذه السيدة وأقدرها وكانت تحاول أن تعمل فى كل مجال من أجل مصر وأنا شخصيًا أفتقد الحديث مع هذه السيدة العظيمة نظرًا لحدوث بعض ضباب بسيط ولكن هذا لم يمنع أبدا فى أن أقول إن مصر سوف تذكر كل أعمال هذه السيدة العظيمة ووفاءها لكل أصدقائها.
والشخص الثانى الذى تحدث عنه هو المهندس إبراهيم محلب وهذا الرجل أشترك فى إنجازات عظيمة من عمل إنجازات فى شارع المعز ونقل تمثال رمسيس الثانى وأعماله فى وزارة الإسكان وما قام به أيضًا من أعمال عظيمة كرئيس لوزراء مصر... سيرة جلال تجربة عظيمة لرجل عظيم عمل فى صمت وقدم لمصر الكثير من الحب. هذه تجربة شخصية رائعة أقدمها لكل من يعشق مصر وترابها.