بقلم : زاهي حواس
عندما بدأت أكتب هذه المقالات، كان علىّ أن أبحث وأدقق فى تاريخ العديد من الشخصيات الذين أثروا فى حياتنا فى الكثير من مجالات الخير والحب والحقيقة. ووجدت أن البعض منهم قد واجهوا الكثير من الصعوبات فى الحياة من هجوم وشائعات؛ لذلك يصعب الاتفاق على شخصية ما؛ لأننا سهام الحقد توجه إلى أى عمل ناجح. وأعتقد أن ما يشوه المجتمع المصرى هو الحقد الدفين داخل بعض أصحاب النفوس المريضة الذين للأسف هم حزب الفاشلين الذين لا يعملون وينافقون للحصول على أية مكاسب، وبالتالى فعدوهم الأول هو النجاح. وهناك مقولة مشهورة منسوبة للرئيس الراحل العظيم السادات تقول: «إننى حاولت فعل كل شىء لمصر العظيمة، لكننى لم أستطع إزالة الحقد الموجود فى نفوس بعض الناس»، وللأسف، فإن هذه الصفة السيئة غير موجودة فى أى مكان آخر فى العالم؛ فالكل يعمل من أجل أن يصل الشخص إلى العلا، وكذلك يفيد المجتمع الذى يعيش فيه. ولم أسمع فى أى بلد أزوره عن كتابة شكاوى مجهولة أو أن البعض يضع العراقيل أمام النجاح، بل إنهم يساعدون الناجح على الاستمرار فى نجاحه، بل يساعدون الفاشل كى ينجح. وأعتقد أننا لو أعطينا الحق لأصحابه، ولو أزلنا هذا الحقد، لدخلت مصر عصر الدول الكبرى. أرى ما يحدث فى مصر الآن من إنجازات بقيادة رشيدة على رأس هذا البلد الطيب، وهو رجل لا يهمه مجده الشخصى أو الهتافات، ولكنه يهمه أن يعبر بمصر للمستقبل الباهر.. وهذا الرجل هو الرئيس عبدالفتاح السيسى. وعلى الرغم من ذلك، ما أزال أرى أن البعض الذى يحاول أن يمسك بمعاول الهدم من أجل إيقاف التقدم. وأعتقد أن الاتحاد معًا من أجل مصر هو الطريق الوحيد للقضاء على أصدقاء الإله «ست»، إله الشر الفرعونى؛ الذى قتل أخاه من أجل حكم مصر. مصر دولة عظيمة يرعاها الله سبحانه وتعالى. وبالإخلاص والحب، يمكن أن نرتفع بمصر إلى المجد والعلا.
أعتقد أن التاريخ سوف ينصف هذا الرجل المحترم الذى استمر رئيسًا للوزراء لعشر سنوات. واعتقد أن نجاحه قد جاء؛ لأنه كان يعمل بمركز الدراسات الخاص بالمجلس؛ ولذلك كان مطلعًا على الكثير من الثغرات المطلوب سدها ومعالجة القضايا المطلوبة. حصل على درجة الدكتوراه من جامعة ماكجيل الكندية عام 1982. وحظيت إنجازاته العلمية والأكاديمية بالتقدير. ونال جائزة العلوم والفنون من الطبقة الأولى عن هذه الإنجازات. وله خبرة واسعة فى عالم تكنولوجيا المعلومات لأكثر من ثلاثين عامًا. ووضع برنامجًا قويًا للإصلاح الاقتصادى. واستطاع أن يختار معاونيه من الوزراء على مستوى عالٍ. وخلال فترة رئاسته لمجلس الوزراء استطاع تشجيع الاستثمار، واستقر الجنيه فى عهده، وزاد النمو الاقتصادى. ووصلت الاستثمارات الخارجية إلى 13 مليار دولار، وتصاعد نمو الدخل القومى إلى 75%. وقام بإنشاء أول جامعة بحثية، وهى جامعة النيل. ولا يمكن لأحد أن ينكر إنجازات هذا الرجل. وقد تعرض للكثير من المشكلات بعد الثورة، غير أن إنجازاته تُحسب له. وقد قابلت هذا الرجل، وأنا أمين عام للمجلس الأعلى للآثار، وكان يستقبلنى بترحاب. وكان يعمل دائمًا على الحفاظ على الآثار. وهو مستمع جيد لأى رأى معارض. وعرضت رأيى فى طريق الكباش أمام الرئيس فى إعادة افتتاح متحف الفن الإسلامى، ولم يغضبه رأيى إطلاقًا. وينال د. نظيف الحفاوة الآن حين يذهب لشراء احتياجات المنزل ويوقف فى الطابور مبتسمًا؛ فيرى حب الناس له. ومن خلال هذا الحب، نسى أيامًا ظالمة مرت به حياته. هو رجل محترم، وهادئ يجبرك على احترامه، ومتواضع جدًا، ودقيق فى عمله. ويدرس قراراته جيدًا؛ لذا أوجه له حبى وتقديرى كمواطن. وأرسل له وسام الحب والاحترام.
السفير عبدالرؤوف الريدى:
هذا الرجل شخصية فريدة محترمة قدم لمصر الكثير. وسوف أبدأ هنا بسرد قصة تظهر لنا شخصيته. فقد تم اختياره فى مجلس إدارة إحدى الجامعات الخاصة، ووجد أن صاحب الجامعة يتخذ القرارات دون العرض على المجلس، فقرر الاستقالة كى يحافظ على اسمه، ويعطى لنا القدوة فى ضرورة أن تكون المشاركة هى القاعدة، وليس الانفراد باتخاذ القرار. تعرفت على هذا الرجل العظيم وأنا طالب دكتوراه بجامعة بنسلفانيا وجاء سفيرًا لمصر بعد الأسطورة السفير أشرف غربال. وأطلق السفير الريدى العنان لدبلوماسية جديدة تمامًا لم نعهدها من قبل، وهى الدبلوماسية الواضحة الهادفة. ومن الصعب جدًا أن يكون الوضوح من صفات الدبلوماسى؛ لأن هناك فترات يجب أن يجادل ويهادن ويناور. واستطاع السفير الريدى أن يدخل قلوب الأمريكيين. وانتهج الدبلوماسية الشعبية؛ لأنه عرف أن القرار ليس بيد الرئيس ومعاونيه فى العاصمة واشنطن دى سى فقط، وإنما فى يد الولايات والمدن أيضًا؛ لذا استغل وجود معرض الملك رمسيس الثانى كى يدخل يروج لمصر. وكان يذهب إلى صانعى القرار من أعضاء الكونجرس وعمد المدن. وكان يدخل إلى الكنائس والمعابد لشرح وتوضيح القضايا المصرية. واستطاع أن يحقق لمصر الكثير مثل جدولة الديون. وقد كانت مصر تعانى اقتصاديًا جدًا فى ذلك الوقت، وبلغت الديون أكثر من سبعمائة مليون دولار، وكانت فوائدها عالية، فحصل على موافقة الحكومة الأمريكية على إعفاء مصر من الديون فى النهاية. ويعتبر السفير الريدى مدرسة فى الوطنية المصرية. وبدأ حياته سياسيًا قبل أن يصبح دبلوماسيًا. السفير الريدى مثل أعلى لى. وأتصل به كى أعرف رأيه فى الكثير من الأمور الشخصية. وهو يمتاز بنظافة اليد والخلق والبعد عن النفاق. وهو رجل محترم. ومن الصعب أن تتكرر مثل هذه الشخصية فى حياتنا العامة. وتوضح سيرته أن الإنسان قد يصل إلى العلا إذا تمسك بالخلق الطيب واللباقة واللياقة فى التعامل. وهذا المثل هو السفير عبدالرؤوف الريدى؛ لذا أقدم له وسام الحب والاحترام.
ماما نعم الباز:
أديبة وكاتبة وصحفية متخصصة فى أدب الأطفال. واستطاعت أن تجعل الطفل المصرى يعيش معها فى العديد من المغامرات. ونجحت من خلال كتابتها للطفل المصرى أن تقدم له العديد من المؤلفات مثل «من أجلك يا صغير»، و«7 حكايات للصغار من ماما نعم». وكانت تتم دعوتها فى كل المؤتمرات التى تعقد للطفل فى العالم، مثل مؤتمر الطفل العربى فى تونس، وآخر فى المغرب، ومؤتمر برلمانات أطفال العالم فى بلغاريا. وهذا يظهر التخصص الدقيق الذى لم نعد نراه الآن. واستطاعت هذه السيدة أن تدخل كل بيت مصرى. وعُرفت بين الأطفال باسم «ماما نعم». وكان لها باب للطفل «عجلة الخيل». ثم انتقلت إلى أخبار اليوم. وأخذت تقوم بعمل مؤتمرات لثقافة الطفل. وكانت تكتب للطفل بطريقة سهلة، وبها المغامرة التى يحبها الطفل. وكان من ضمن أحلامها أن يعرف الطفل تاريخ وحضارة مصر الفرعونية. وقالت لى: «لو عرف الطفل المصرى أن مصر حكمت العالم كله بالحق والعدل، لو وصل بعلمه إلى القمة ليخدم مصر». وحصلت على العديد من الجوائز، ومنها جائزة شهادة تميز من السيدة سوزان مبارك عن أول قصة يرسمها الأطفال من خلال الإذاعة، وشهادة عن كتاب «حكايات نور القلب». وحصلت على جائزة مصطفى وعلى أمين للكتابة للطفل. وكتبت فى العديد من الموضوعات الأخرى واليوميات. ويمتاز أسلوبها بانتقاء الكلمات الجميلة والبساطة والسهولة والذى يفهمه المثقف والمواطن العادى؛ لذا دخلت قلوب كل المصريين. وكانت تتصل دومًا بكل من تحبهم. وكانت مجاملة للغاية وبسيطة. وكانت تحب كل الناس. وكانت لها شخصية جميلة ومميزة. ولا أعرف لماذا غابت عنا ماما نعم؟! وأتمنى لها من القلب أن يعطيها الله سبحانه وتعالى الصحة والعافية؛ لأنها أعطت كل الحب لأطفال مصر. وأقدم لها وسام الحب والاحترام.