عرفت أن البعض ممن أعطيناهم وسام الامتنان لم يقرأوا ما كتب عنهم نتيجة لظروف صحية، وأتمنى أن يحاول أبناء هؤلاء العظام توصيل حب الناس لهم، فهذا هو المغزى من فكرة الوسام.
هذه المقالات هى حب واعتراف بالجميل للعديد من الشخصيات التى قدمت حياتها من أجل ترك بصمة وأثر حقيقى على أرض مصر الحبيبة، هذا البلد الجميل الذى نعيش فيه، وهو وطن لجميع المصريين مسلمين كانوا أو أقباطا أو يهودا، فقد أعطتنا مصر الكثير لذلك يجب علينا أن نعمل جميعاً من أجل البناء ونقف جميعاً ضد أعداء الوطن.
هذا الوسام هو شكر وامتنان واحترام إلى رموز الوطن، حيث إن الرئيس عبد الفتاح السيسى قدم لنا القدوة فى الاعتراف برموز مصر حين أعاد الاعتبار للسيد محمد نجيب، أول رئيس للجمهورية، وقد يتعجب البعض من هذا الأمر، لكن الرئيس محمد نجيب هو الذى قاد تلك الثورة المباركة فى البداية والآن تم وضع اسمه على قاعدة من أكبر القواعد العسكرية داخل مصر. كما تحدث الرئيس عن المفكر الكبير ميلاد حنا، هذا الرجل الذى قدم العديد لمصر وكتب عن الأعمدة السبعة للشخصية المصرية.
هناك العديد من الرموز التى غابت عن هذه الدنيا ولم يجدوا أو يسمعوا كلمة امتنان واحدة، لذلك جاء تكريم الرئيس السيسى لكل من محمد نجيب وميلاد حنا كأعظم وسام لهذين الرجلين العظيمين. ومن الغريب أننى كتبت مقالاً عن الراحل العظيم د. يوسف والى قبل وفاته، وللأسف الشديد لم يقرأ د. يوسف ما كتبته وكتبه غيرى من إشادة بهذا الرجل الذى ظُلم فى حياته واغتالته بعض الأقلام ولم يرد الرجل على أحد. كان هذا الرجل زاهداً فى كل شىء وفعل الكثير من أجل مصر.
سمير صبرى
كنت أجلس مع بعض الأصدقاء وجاءت سيرة سمير صبرى، فوجدت أن الجميع يتفق على أنه فنان غير عادى، أبدع فى الغناء والتمثيل وتقديم البرامج الإذاعية والتليفزيونية، وأعطاه الله سبحانه وتعالى صوتاً جميلاً مميزاً دخل به قلوب الناس فى كل مكان. وفى نفس الوقت هو إنسان ودود تجده دائماً بجوار زملائه فى وقت الشدة، ويساعد كل من يحتاج المساعدة، فهو دائماً يبث طاقة حب فى قلوب الناس. ولا أعتقد أن هناك شخصا يمكن أن يكون قد تعرض لأى إساءة من هذا الفنان العظيم.
أتذكر أول مرة قابلته أمام أبو الهول حين جاء ليقدم برنامج «النادى الدولى» وكنت صغيراً فى السن ولم أظهر فى التليفزيون من قبل، لذلك وقفت أمامه وأنا أشعر بخوف الفشل أمام نجم النجوم، فقد كان هذا هو أول حديث تليفزيونى أجريه، وبعدها أصبح سمير صبرى صديقا عزيزا جداً يجرى معى العديد من حوارات فى برنامجه الإذاعى. وقد طلب ذات مرة أن يقدم برنامجا مع عمر الشريف فى الفترة التى عانى منها من ألزهايمر، واستطاع أن يخرج ببرنامج رائع كان هو آخر حوار يجريه مع الفنان العالمى الراحل وكان ذلك بسبب لباقة سمير المعهودة.
سمير صبرى من الفنانين القلائل، الذى يتحدث وبطلاقة العديد من اللغات، وهو ما مكنه من تقديم برامج أجنبية بإذاعة البرنامج الأوروبى. وقد قدمته فى البداية الإعلامية الكبيرة آمال فهمى فى برنامج «النادى الدولى» بإذاعة الشرق الأوسط وبعد ذلك قرر الدكتور عبد القادر حاتم أن يقوم سمير صبرى بتقديم النادى الدولى فقام بعمل العديد من الخبطات الإعلامية منها آخر حديث لكوكب الشرق أم كلثوم قبل وفاتها مباشرة، كما قدم برنامج «هذا المساء» التليفزيونى، والذى أصبح يقلده الآن العديد من مقدمى البرامج.
ترك لنا سمير صبرى فى السينما أفلاماً تعتبر من أهم الأفلام المصرية منها (دموع صاحبة الجلالة، وبالوالدين إحساناً، التوت والنبوت) بالإضافة إلى غيرها من الأفلام الكوميدية بصحبة الفنان الراحل محمود يس، حيث تميز بأدائه التمثيلى البسيط وغير المتكلف.
أما بالنسبة للغناء، فأعتقد أن أغانى سمير صبرى بالإنجليزية والعربية لا يستطيع أحد أن يقلدها نظراً لتفردها، فقد حصل سمير صبرى على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية من جامعة الإسكندرية.
سمير صبرى فنان متكامل وموسوعة شاملة يستطيع أن يكتب تاريخ السينما المصرية وهو حبيب وصديق لكل الفنانين، وله أسلوب مميز فريد وهو يقدم لنا النجوم، فلندعو له جميعاً بالصحة لكى يظل يقدم لنا الحب والوفاء.
اللواء عبد السلام المحجوب
يعرفه ويحترمه كل المصريين لأنه هو نفسه الريس زكريا فى مسلسل دموع فى عيون وقحة، وهو العمل الدرامى الذى يخلد بطولة البطل جمعة الشوان، وقام ببطولة هذا المسلسل الفنان الكبير عادل إمام.
تقلد «المحجوب» العديد من المناصب العامة وأبدع فى كل منصب شغله وترك فيه بصمة واضحة وسطر اسمه بحروف من ذهب، حتى أطلق عليه لقب صانع النهضة.
عمل المحجوب نائباً لرئيس جهاز المخابرات العامة ثم محافظاً للإسماعيلية وكذلك بالإسكندرية واختير وزيراً للتنمية المحلية. قاد المحجوب العملية المخابراتية التى أخرجت الزعيم ياسر عرفات من بيروت بعد حصار إسرائيل لها ومحاولة اغتياله، وهو صاحب فكرة الإصرار على اصطحاب الرئيس الأسبق حسنى مبارك لسيارة مصفحة أثناء رحلته الشهيرة لإثيوبيا.
يعتبر «المحجوب» هو مؤسس الإسكندرية الحديثة، حيث أصبحت فى عهده بالفعل عروساً للبحر الأبيض المتوسط، واجتمع على احترامه الجميع وأحبه الشارع السكندرى بصدق، خاصة لأنه شخص يعشق وطنه ولديه حب شديد للعمل المجتمعى، ونفذ «المحجوب» العديد من المشاريع المهمة التى جعلت عروس البحر تشرق من جديد، مثل تطوير الكورنيش وتوسيع ميدان محطة مصر وإنشاء العديد من الطرق المختلفة بالإضافة إلى موقف سيارات محرم بك. وتعامل المحجوب مع كافة المواطنين بحب، حيث كان قريباً منهم فى الشارع يقف بجوارهم ويحل مشاكلهم ويستمع إليهم ويفتح أبواب مكتبه للجميع، فكان أى مواطن يتوقع رؤية المحافظ فى شوارع المدينة يسير بدون حراسة ويتمكن من عرض مشكلته عليه دون خوف، لذلك كان السكندريون يضعون أياديهم على قلوبهم مع كل تغيير وزارى خوفاً من أن يتم اختياره وزيراً. ومن بين إنجازات «المحجوب» فى الإسكندرية منظومة النظافة المتطورة، حيث تعاقد مع شركة أجنبية جعلت كل شوارع الإسكندرية تلمع من شدة نظافتها كما جمّل ميادين المدينة وزاد من المساحات الخضراء وتعاقد مع القطاع الخاص لإدارة شواطئ الإسكندرية، وقام بنقل موقف السوبرجيت من وسط البلد وأزال مساكن الصفيح وقام بتسهيل أوضاع المخالفين والحصول على تبرعات مادية للصرف على كل هذه المشروعات العملاقة.
اللواء محمد عبد السلام المحجوب رجل محترم متواضع وجاد، دائم الابتسام وهو يشاهد المواطن المصرى يلمس بقوة كل هذه الإنجازات، لذلك نقول له شكراً على ما قدمته لمصر والمصريين ونقدم له وسام الامتنان.