بقلم: زاهي حواس
هي لعبة شاعت بين الأمراء وأفراد البيت المالك، وأيضاً بين أفراد الشعب كافة، اعتمدت على التفكير، وكلمة سنت معناها: العبور، وهي كانت من الألعاب المحببة لدى المصريين القدماء، حيث كان يلعبها شخصان يحرك كل منهما قطعة حول رقعة مقسمة إلى خانات كالشطرنج، وعلى اللاعب أن يراوغ خصمه حتى يستطيع أن يتغلب عليه.
وقد اختلف شكل رقعة السنت باختلاف العصور إلا أن أكثرها شيوعاً تلك التي تتكون من ثلاثين مربعاً مقسمة إلى ثلاثة صفوف في كل صف عشرة مربعات. وكان هذا اللوح المستطيل يوضع على مائدة منخفضة أو صندوق مستطيل به مكان لحفظ قطع اللعب.
وكان لهذه اللعبة أهمية دينية؛ حيث كانت ترمز إلى الصراع من أجل الوصول إلى العالم الآخر، حيث يعتقد أنها وسيلة للمتوفى للوصول إلى حقول الأيارو (الجنة) إذا فاز على خصمه؛ لذا فقد احتوت اللعبة على مناظر لآلهة ونصوص دينية، وكثر ظهورها في مناظر المقابر وفي كتاب الموتى. وقد ظهر في عصر الرعامسة منظر على جدران إحدى المقابر يصور صاحب المقبرة جالساً أمام رقعة اللعب يلاعب خصمه، وهو عبارة عن ثعبان ضخم يعترض سيره في العالم الآخر. ومن خلال النصوص المصاحبة التي تتحدث عن اللعبة نعرف أنها كانت تبدأ من المربع الخامس عشر وتنتهي عند المربع السابع والعشرين الذي كتبت فيه العلامة الهيروغليفية التي تعني ماء؛ حتى يستطيع الغالب أن يلقي بخصمه في الماء. ولأهميتها الدينية والدنيوية أصبحت من ضمن الأثاث الجنائزي الذي يزود به المتوفى.
وأقدم نموذج لهذه اللعبة عثر عليه بالمحاسنة بسوهاج مصنوع من الطين المحروق قسم سطحه لـ18 مربعاً في ثلاثة صفوف. كما صورت هذه اللعبة على جدران مقبرة «حسي رع» من ضمن ألعاب أخرى صورت في مقبرته بسقارة، كما أشار إليها المدعو «رع حتب»، ضمن قائمة متاعه الجنانزي، كما عثر على نموذج خشبي لسفينة حربية عليها ضابطان جالسان يلعبان السنت أثناء الحراسة. ومن أجمل مناظر ممارسة هذه اللعبة منظر للملك رمسيس الثالث على جدران معبده الجنائزي بمدينة هابو يلعبها مع إحدى زوجاته التي تمنحه باقة من الزهور أثناء اللعب.
ومن أشهر وأجمل نماذج هذه اللعبة ما عثر عليه في مقبرة توت عنخ آمون، حيث عثر بمقبرته على ثلاث رقاع للعبة في ملحق الردهة كانت أكبرها مصنوعة من الأبنوس المذهب المكسو بالعاج بارتفاع 20 سم وعرض 16سم وطول 55 سم، وهي مرتكزة على أرجل أسد على إطار يشبه الزحافة وزخرف الصندوق المستقل عن الإطار بالألقاب الملكية بشكل جميل. وقد قسمت إحدى لوحات اللعب إلى ثلاثين مربعاً ولوح آخر مقسم إلى عشرين مربعاً، أما أدراج حفظ قطع اللعب فقد وجدت فارغة، حيث كان يحتمل أن القطع كانت مصنوعة من مواد نفيسة، لذا سرقها اللصوص. كما عثر على نموذج آخر بمقبرة تيا. وقد عثرت مؤخراً في حفائري بسقارة والتي أعلنتها للعالم كله على لوحة ذات وجه عليه لعبة العشرين (الجاما) وعلى الوجه الآخر لعبة السنت، التي يشبهها البعض بالشطرنج.