بقلم : زاهي حواس
أعود مرة أخرى لأرد على أسئلة العديد من الأصدقاء الذين يتابعون المقالات التى تنشر عن عمالقة مصر الذين عشقوا تراب هذا البلد وقدموا له خدمات جليلة وقد تعرض البعض منهم إلى سهام الحقد التى يطلقها طابور أعداء النجاح الذين لم يتركوا أحداً دون تجريح ولم يتركوا ناجحاً إلا وحاولوا هدمه. وكان سؤال البعض هو كيف تختار هؤلاء النجوم فكانت إجابتى هى أولاً أننى أتلقى العديد من المكالمات التليفونية التى ترشح لى بعض النجوم، وفى نفس الوقت أتابع البعض من خلال أعمالهم القيمة التى تركوها لنا ولم يحصلوا على كلمة شكر واحدة.
لقد سمعت أن أحد الأشخاص الذين كتبت عنهم قالت له زوجته: «الآن وجدت من يرد لك حقك..»، وقد قمت بإجراء مقابلة مع فيروز ابنة العالم المصرى فاروق الباز عبر تطبيق الزووم وهى مخرجة تليفزيونية، حيث فكرت فى أن تقوم بعمل فيلم تسجيلى عالمى عن والدها وبدأت فى تحضير هذا الفيلم منذ حوالى ثلاثة أعوام. وقد تحدثت عن أول مرة قابلت فيها فاروق الباز عالم الفضاء المصرى عندما وضعه الراحل أنيس منصور على غلاف مجلة أكتوبر، وبعد ذلك فى عام ١٩٧٧ حين قمت بعمل جولة فى عشر ولايات أمريكية أتحدث خلالها عن الآثار. وكانت محاضرتى داخل متحف السميثونيان الذى يعمل فيه الباز فى ذلك الوقت وكان حاضراً للمحاضرة ومعه زوجته Pat. وسوف أقص عليكم قصتين لطيفتين، فبعد المحاضرة تقدم فاروق الباز ليصافحنى وكنت سعيد جداً أن أقابل الشخص الذى ترك مصر خوفاً وهرباً من أعداء النجاح الذين كان لهم الفضل فى أن يصل إلى ما وصل إليه الآن ويعتلى القمة. أما القصة الثانية هى أننى وجدت أننى لست المحاضر القوى المؤثر وأن هناك الكثير يجب أن أتعلمه لكى أصبح محاضراً على المستوى العالمى. وعندما سافرت الولايات المتحدة لدراسة الدكتوراة فى جامعة بنسلفانيا بدأت أتدرب على كيفية إلقاء المحاضرات وذلك عن طريق إلقاء المحاضرات فى مكتبات الولاية وكان بيننا من كل طلاب الدراسات العليا الصديق فاروق العقدة، وبعدها ذهبت إلى شركة وقدمت نفسى لها من أجل تدريبى وإعطائى دروسا فى كيف تصبح محاضرا عالميا..
■ شريف عرفة
هو من المخرجين المحترمين القلائل والذى أصفق له وأطلبه تليفونياً لأشكره على عظمة الإخراج والابتكار والتنوع الذى يقدمه، حيث إنه قد ينافس أعظم مخرجى السينما فى هوليوود. وكانت آخر مكالمة لى معه حول إخراج فيلم الكنز فى جزءيه. والسبب هو أنه استطاع أن ينقل لنا ثلاث فترات تاريخية بمنتهى الدقة سواء من ناحية الملابس أو الديكورات. وقد نجح فى نقل البيئة الفرعونية بدقة شديدة حيث لم أجد أى خطأ يمكن أن أشاهده، لذلك فقد أمتع الجمهور بإخراج أفلام تصل إلى العالمية. أما السبب الثانى فهو أننا قد تعودنا على أن نشاهد الفنان محمد سعد فى أدواره الكوميدية، ولم نكن نتصور أنه يمكن أن يؤدى دوراً تراجيدياً جاداً. وقد استطاع محمد سعد أن يبدع فى هذا الدور الجديد فى الكنز.
تخرج شريف عرفة فى معهد السينما عام ١٩٨٢ وعمل مساعد مخرج للعديد من عمالقة الإخراج، لكنه استطاع أن يكون له لون خاص وخاصة فى أفلام الحركة والأكشن. ومن بين هذه الأفلام قدم لنا ولاد العم وطيور الظلام ومافيا وحليم. وقد استطاع أن يتعاون مع المبدع الراحل وحيد حامد وفى نفس الوقت عمل مخرجاً مع العديد من النجوم مثل عادل إمام وحسين فهمى وسعاد حسنى وأحمد زكى ويسرا. وقد كان له الفضل فى اكتشاف العديد من النجوم ومنهم الراحل علاء ولى الدين ومنى زكى ومحمد سعد وأحمد حلمى. ويبدو أن والده الراحل سعد عرفة قد زرع فيه حب وعشق السينما حتى استطاع شريف عرفة أن يسعد جماهيره وخاصة عندما عرض عليه فيلم الممر الذى جعل المصريين يجلسون فى أمسيات جميلة لمشاهدة هذا الفيلم الذى جعلنا نفتخر بالجيش المصرى ونبجل الشهداء الذين ضحوا بدمائهم لحماية سيناء العزيزة.
اتجه شريف عرفة للإنتاج حيث قدم لنا مسلسل لحظات حرجة وبرنامج الناس وأنا، كما حصل على العديد من الجوائز العالمية والتى تؤكد موهبته وخاصة الجائزة الفضية من مهرجان ميلانو عن إخراج الإرهاب والكباب وكذلك الجائزة البرونزية لأحسن فيلم فى مهرجان فينيسيا عن فيلم طيور الظلام وجائزة أحسن إخراج عن فيلم حليم وجائزة فاتن حمامة التقديرية وجائزة أحسن مخرج عن أفلام اللعب مع الكبار والمنسى والإرهاب والكباب. شريف عرفة إنسان متواضع يعيش مع معشوقته السينما لذلك قدم لنا سيمفونية سينمائية عبر كل فيلم قدمه وأخرجه ورغم أن أبطاله النجوم إلا أنه استطاع أن يكون هو البطل الأول لكل أفلامه.
■ يوسف القعيد
يعتبر من أهم الأدباء المصريين والذى برع فى كتابة القصة وقد كان له اهتمام خاص بالمحيط القروى وقضايا القرية وخاصة أنه من قرية تابعة لمركز إيتاى البارود بالبحيرة. ويعتقد يوسف القعيد أن الأدب هو أيقونة الإصلاح الاجتماعى. كانت له علاقة خاصة مع كل من الأديب العظيم توفيق الحكيم ومحمد حسنين هيكل ويطلق عليه البعض أنه من أهم كتاب الرواية فى العالم العربى، حيث أثرى بأعماله الأدبية المكتبة العربية. وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية وأعتقد أنه يستحق أن يحصل على جائزة النيل، لذلك أتمنى من جامعة دمنهور أن ترشحه لهذه الجائزة الهامة التى يستحقها بجدارة، كما حصل على جائزة سلطان بن على العويس. وقد كرمته الدولة أيضاً باختياره عضواً بمجلس الشعب.
يوسف القعيد شخص ودود لطيف خجول خاصة عندما يمتدحه أى شخص. هو عبارة عن موسوعة متنقلة فى كل المجالات ويتحدث فى كل الموضوعات. وقد نالت رواية الحرب فى بر مصر المرتبة الرابعة ضمن أفضل مائة رواية عربية. وقد قرأت له العديد من الروايات وخاصة أيام الجفاف والتى نشرت باسم محمد يوسف القعيد، وقد اعترض البعض وخاصة الكاتب العظيم يحيى حقى على طول هذا الاسم لذلك اختصره إلى يوسف القعيد، حيث رأى أنه تكريم لوالده الذى كان له أثر كبير فى تكوين شخصيته. له أيضاً العديد من الروايات الرائعة والتى تنير أى مكتبة شخصية ومنها القلوب البيضاء ولبن العصفور وشكاوى الفلاح الفصيح وعنتر وعبلة. أعتقد أن قرية الضهرية هى التى صنعت هذا الأديب حيث أطلق عليها هذا الاسم نسبة للظاهر بيبرس إبان حكم المماليك وهناك سبع قرى أخرى تحمل نفس الاسم. وقد سمعته يتحدث فى برنامج جميل هو ابن مصر والذى يقدمه المبدع مصطفى المنشاوى حيث تحدث عما كان يحدث فى قريته وهو صغير عندما كانت تأتى قوافل هيئة الاستعلامات ووزارة الثقافة ومن بين ما تحمله الأفلام السينمائية ومكتبات، وقد جعلنى أتذكر هذه الأيام وأضم صوتى له بأن تعود تلك القوافل مرة أخرى لأنها كافية للقيام بالتنوير والقضاء على الإرهاب والجهل. تحدث القعيد عن الشيخ بخاطره والذى علمه قراءة القرآن الكريم وقد ذكرنى أيضاً بالشيخ يونس فى قريتى. أقرأ له حالياً رواية «أربع وعشرون ساعة فقط» وهى تتحدث عن الزلزال الذى ضرب القاهرة. يوسف القعيد أديب مبدع لو ترجمت رواياته لوصلت إلى العالمية