بقلم - زاهي حواس
هناك العديد من البعثات الأجنبية التي تعمل وتنقّب وتسجل آثار المملكة العربية السعودية. وهذه البعثات تعمل مع فرق سعودية، حيث يتم توقيع اتفاقيات تعاون بينها وبين هيئة التراث التي تتبع وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، والرئيس التنفيذي لهيئة التراث الدكتور جاسر الحربش. وقد سبق ذلك الأمير سلطان بن سلمان، الذي ترك بصمة مهمة في بداية العمل الأثري، ويظهر وجود تناغم ورغبة في استكمال أعمال الأثريين منذ البداية حتى الآن. وقد وجدت من واجبي أن أعلن عن الاكتشافات التي تمت وتتم بالمواقع الأثرية والتي لا يعرف القارئ العربي عن تفاصيلها إلا القليل. فقد اتصل بي صديق سفير لإحدى الدول الأجنبية في القاهرة وعرف أني أكتب عن الاكتشافات التي حدثت في المملكة العربية السعودية، فطلب مني أن أكتب مقالات بالإنجليزية لنشرها في جريدة «الأهرام ويكلي» الناطقة بالإنجليزية لكي يعرف العالم الأسرار التي تبوح بها رمال الجزيرة العربية.
قامت البعثة السعودية - الأميركية من جامعة ميامي بالتنقيب في موقع جرش الأثري بمنطقة عسير. ومن أهم ما عثرت عليه البعثة هو الكشف عن جزء من وحدة معمارية ذات جدران سميكة مبنية بمداميك حجرية ضخمة، يرجح أنها كانت جزءاً من حصن أو معبد يعود إلى فترة ما قبل الإسلام، ويتضح للبعثة أن هذا المبنى قد أعيد استخدامه خلال العصر الإسلامي المبكر بعد أن تم إجراء بعض التعديلات والإضافات كي يناسب الاستعمال الجديد. وكشفت البعثة أيضاً عن بعض قواعد الأعمدة وأرضيات مطلية بالجص وأجزاء من الجدران المبنية بالحجارة والطوب الأحمر. وداخل تلك المواقع الأثرية تم العثور أثناء أعمال التنقيب على كميات كبيرة من الفخار الأحمر الخشن وأجزاء من طوب الآجر وأواني الحجر الصابوني. وبلا شك، فإن دراسة الفخار تساعد على معرفة تاريخ المنطقة عن طريق المقارنات مع مواقع معروف تاريخها، بالإضافة إلى معرفة أنواع الطعام والشراب التي كانت توضع في تلك الأواني الفخارية.
وقد أوضحت الدراسات التي قامت بها البعثة للطبقات والمراحل المعمارية والمعثورات، أن الموقع تم استخدامه خلال فترة ما قبل الإسلام واستمر استيطانه خلال العصر الإسلامي حتى القرن الرابع الهجري على الأقل، وهناك أجزاء عدة من الموقع ربما تم استيطانها حتى فترات متأخرة من العصر الإسلامي.