توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جزيرة العرب كما لم نعرفها (2)

  مصر اليوم -

جزيرة العرب كما لم نعرفها 2

بقلم - زاهي حواس

ما زلنا نتحدث عن مشروع التعاون المشترك بين الفريق البحثي لهيئة التراث بالمملكة العربية السعودية، وفريق خبراء معهد «ماكس بلانك» الألماني لعلوم تاريخ الإنسان، وعنوان المشروع هو «الجزيرة العربية الخضراء». والحقيقة التي صارت ماثلة أمام علماء الآثار اليوم وبعد مرور ما يقرب من قرنين من الزمان على نشأة علم الآثار، هو أن معول الحفر وحده لم يعد الوسيلة الوحيدة للكشف عن أسرار العالم القديم، ولكنّ هناك علوماً أخرى يمكنها أن تساعد علماء الآثار في بحثهم عن حقيقة النشاط الإنساني في الأزمنة القديمة، ومن تلك العلوم المهمة علم المناخ والدراسات البيئية وكذلك علم جيولوجيا الأرض، وعلم النظم الجغرافية، وغيرها من العلوم كما سنرى.
لعل من أهم نتائج مشروع «الجزيرة العربية الخضراء» هو ما أكده الباحثون القائمون على هذا المشروع العلمي أن ما أظهرته الاكتشافات الأثرية من معلومات حول البيئة القديمة والوجود البشري بالجزيرة العربية تشير إلى عدم مواجهة الجماعات البشرية صعوبات في التأقلم مع طبيعة المنطقة سواء المناخية أو الجيولوجية، بالإضافة إلى أن العثور على بقايا حيوانية بالجزيرة العربية، والتي تتشابه مع الحيوانات التي تنتمي إلى البيئات المدارية الأفريقية والصحراوية، يشير إلى احتمال حدوث هجرات بشرية خلال العصر الرباعي الوسيط، الذي بدأ قبل نحو 800 ألف سنة مضت، كذلك خلال العصر الرباعي المبكر الذي بدأ قبل نحو 2.6 مليون سنة مضت إلى الجزيرة العربية، قادمة من أفريقيا، ومنها انتقلت الجماعات البشرية إلى أنحاء قارتي آسيا وأوروبا. هذه النتائج جد مهمة في تتبع النشاط البشري على أرض الجزيرة العربية منذ العصور الأولى وإلى العصر الحديث. ويجب التأكيد أن هذه النتائج هي مجرد البداية لسلسلة طويلة من البحث العلمي والتي سيترتب عليها إما ظهور أدلة جديدة تؤكد ما سبق من نتائج، وإما العكس، وتلك هي متعة البحث العلمي خصوصاً علم الآثار المثير.
لقد تمكن الباحثون ضمن «مشروع الجزيرة العربية الخضراء» ومن خلال المسوحات المُكثفة وأعمال الحفائر العلمية المنظمة، من فهم الظروف المناخية القديمة وطبيعة البيئة السائدة في الجزيرة العربية خلال العصور المختلفة، وذلك من خلال تحليل ودراسة البقايا الحيوانية المتحجرة بموقع تل الغضا، الواقع غرب صحراء النفود. وقد أظهرت تلك الدراسات وجود أنواع متعددة من الحيوانات ومنها الفيل مستقيم النابين وحيوان النّو، والأسماك، والطيور، مما يؤكد انتشار وكثافة النباتات وتوفر المياه بشكل دائم. كذلك فإن العثور على بقايا متحجرة لما تُعرف بالسنوريات كبيرة الحجم مثل النمر الأوروبي والضبع يعدّ دليلاً على أن صحراء النفود في السعودية كانت موطناً لأنواع كثيرة من الحيوانات.
أيضاً كشفت النتائج العلمية، من خلال استخدام نماذج حسابية خاصة ونظم المعلومات الجغرافية للبحيرات والأنهار القديمة، أن موقع طعس الغضاة لم يكن واحة منعزلة، وإنما يرتبط بسلسلة متصلة من البحيرات القديمة التي تشكلت في الفترات المطيرة، وبذلك أصبح في الإمكان التأكيد أن وجود إدارة «نظم المعلومات الجغرافية» التي تُعرف اختصاراً بـ(GIS) ضروري ومهم ضمن الإدارات المختلفة المرتبطة بالعمل الأثري. وقد شرفت بكوني أول من قام بإنشاء هذه الإدارة في مصر عندما كنت أشغل منصب الأمين العام للآثار. وسرعان ما نمت هذه الإدارة وساعدت الكثير من البعثات الأثرية في عملها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جزيرة العرب كما لم نعرفها 2 جزيرة العرب كما لم نعرفها 2



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon