بقلم : زاهي حواس
لا يزال هناك العديد من نجوم المجتمع الذين أثروا حياتنا الثقافية والفنية والدبلوماسية والسياسية، وتركوا بصمات واضحة فى المجتمع، ووضعهم المصريون فى قلوبهم، واستطاعوا أن يسطروا أسماءهم بأحرف ذهبية لما قدموه لمصر من خدمات جليلة. ومنهم من ذاع صيته ليس فى مصر وحدها، بل فى العالم كله. وعلى الرغم من أنهم اعتزلوا الحياة العامة، فما يزال بعضهم يؤدى واجبًا وطنيًا لكل المصريين؛ لأنهم وهبوا حياتهم لإسعاد كل من حولهم. ودعوت من قبل أن نكتب عن هؤلاء العظام أثناء حياتهم متمنيًا من الله سبحانه وتعالى أن يمد فى عمرهم. ويأتى الرثاء عادة بعد الموت، غير أن هذا الرثاء فى حياتهم؛ كى يعرفوا أنهم عظماء، وأن التاريخ سوف يُكتب من خلال إنجازاتهم ومواقفهم وسيرهم؛ لذا فقد قررت الاستمرار فى الكتابة عن نجوم المجتمع من الرجال والنساء. والسبب فى كتابة هذا المقال هو أننى عرفت العديد من النجوم العظام، وعشت معهم، وعرفت مدى حبهم لمصر وما قدموه من فن وعلم وصحافة، وكم تمنيت أن يكونوا بيننا؛ كى يعرفوا رأى كل المصريين فيهم.
واخترت هنا مجموعة أخرى من هؤلاء العظام الذين يعيشون بيننا وكلنا أمل أن يمتعهم الله سبحانه وتعالى بالصحة والعافية والعمر المديد.
■ جيهان السادات
عندما تدخل قاعة الأوبرا أو أى تجمع ثقافى، تجد الكل يقف ويصفق احترامًا لهذه السيدة العظيمة. أعطت الحب لمصر، فنالت عشق المصريين بتواضعها وأدبها. ولعبت دورًا مهمًا فى حياة الرئيس البطل محمد أنور السادات، ووقفت إلى جواره وهو يتخذ قرار الحرب ثم قرار السلام. وكان لها أيضًا دور كبير جدًا فى أعين المثقفين والسياسيين الذين نالت احترامهم خصوصًا بعد اعتقالهم واعتراضها على القرار، وكانت لا تعرف وجهة نظر الرئيس من أن ثمن الاعتقال هو عودة التراب المغتصب. وبعد اغتيال الرئيس، تركت مصر وقامت بالتدريس فى أهم جامعات أمريكا. واعتبرت من أهم وأغلى المحاضرين لما تملكه من كاريزما. وعندما وقعت كتابها، حضر الآلاف كى يرحبوا بها ويتصوروا معها وهى تبتسم. وعندما ألمت بها وعكة صحية، أمر الرئيس عبد الفتاح السيسى بعلاجها على نفقة الدولة. وعندما أحست بانحسار السياحة، أعلنت أن من سوف يزور مصر، سوف تقابله؛ لذا جاء إلى مصر الآلاف من الأمريكيين بفضلها. إنها سيدة الحب والسلام والاحترام.
■ سوزان مبارك
أعطت لمصر الجهد والوقت والحب فساهمت فى إسعاد المصريين حين قدمت مكتبة الأسرة والمكتبات العامة والألف كتاب ومكتبة الإسكندرية ومستشفى سرطان الأطفال 57357. وكان لها دور كبير فى أغلب المشروعات الثقافية والوقوف بجانب الطفل والمرأة. وشرفت بالعمل معها فى متحف الطفل بمصر الجديدة. وقدمت لنا أفكارًا وتضحيات لتبنى فى مصر أهم متحف للطفل فى الشرق الأوسط يقدم للطفل ماضى وحاضر ومستقبل مصر. ومن خلال عملى معها، أقول إنها فعلاً سيدة عظيمة وطيبة ومتواضعة جدًا وتحترم الجميع. ووقفت بجوار الرئيس الراحل حسنى مبارك فى مرضه وبجوار ولديها فى محنتهما. وتقبلت الظلم وكانت تعرف أن النور سوف يأتى. وفعلاً نصر الله الرئيس الراحل، وقامت الدولة وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى بجنازة عظيمة للرئيس الراحل قبل أزمة كورونا بأيام قليلة. وهذا يوضح أن الله سبحانه وتعالى قد أظهر الحق. وقد حاولت لمدة ساعة أن أدخل الحجرة؛ كى أقبل يد السيدة التى أسعدت كل المصريين. وأتمنى لها الصحة والتوفيق. وقلت فى لندن إننى فخور بأننى من مصر حين شاهدت وسمعت كلمتها التى ألقتها فى مجلس العموم البريطانى.
■ المشير محمد حسين طنطاوى
استطاع أن يقود مصر بصبر وقوة وصمود فى فترة من أقسى الفترات التى مرت بها، ولم يحاول أن يتكلم وظل صامتًا إلى الآن؛ لأن هذه من سمات هذا الجندى المصرى والجيش المصرى العظيم. وقام ببناء جيش قوى لمصر وقت السلم. ودافع عن أرض مصر فى الداخل. وجعل الجيش يبنى مصر المعاصرة ويساهم فى العديد من المشروعات. وعندما قابلته لحلف اليمين كوزير للآثار، كان أهم تكليفاته الحفاظ على آثار مصر. وقد كلف جنود الجيش بإزالة التعديات على أراضى الآثار، وحماية المتحف المصرى بالتحرير. ولولا المشير طنطاوى، لكانت آثار مصر تُباع الآن على أرصفة شوارع أوروبا. وبعد أن ترك قيادة البلد، لم يرد على منتقديه، وكان رده العملى هو قيامه بحماية مصر وعودة مصر قوية بجيشها العظيم كى تقود المنطقة بأسرها.
■ مجدى يعقوب
أعطوه فى المملكة المتحدة لقب «سير»؛ لأنه أحرز فى الطب والعلم نبوغًا ليس له مثيل. وعلى الرغم من ذلك، ففى زمن الكورونا، لم يعش فى لندن، وإنما جاء إلى مدينته أسوان؛ كى ينقذ أطفال مصر ويجعل مستشفى مجدى يعقوب يساهم فى علاج كل المصريين بالمجان ودون وساطة. وأهم ما قام به هذا الرجل العظيم هو تدريب وتعليم العديد من شباب الأطباء حتى قدم لنا أكثر من مائة مجدى يعقوب من خلال بث حب الوطن والانتماء والتفانى فيهم لعلاج الغلابة. هو رجل محترم وهادئ ولطيف ويدخل القلب من أول نظرة بطريقة كلامه المذهبة وحبه الكبير لمصر والمصريين.
■ وحيد حامد
كاتب فريد بارع. قدم لنا كتابات وأعمالا درامية تمس الواقع، ومنها «معالى الوزير». وقال إن هذه الشخصية كانت موجودة وتكررت مرتين. وقدم لنا جزأين من مسلسل «الجماعة». وقد قرأ كل ما كُتب عن الإخوان المسلمين؛ لذا قدم هذا المسلسل بحياد تام؛ كى يوضح مساوئ الجماعة. وقال إن هناك بعضًا من المثقفين يعانون من التقزم؛ وذلك لأن المثقف، فى رأيه، هو الذى لديه مبدأ وموقف ولا يغير من أفكاره بسهولة كى يرضى السلطة؛ ولأن البعض الآخر، فى رأيه، يمسك بـ«طبلة وزمارة»؛ كى «يزمر» لأى مسؤول. ولا يتدخل فى عمل مخرجى أعماله الدرامية. وساعده اختلاطه بالعديد من طبقات المجتمع ووعيه ودراسته لعلم الاجتماع فى ظهور عبقريته وفى اختيار شخصياته الواقعية. وأعتقد أنه شخصية جريئة جدًا بإظهاره لمثالب المجتمع ومعالجته للقصور من خلال إبداعاته الجميلة.
■ أحمد أبوالغيط
هادئ الطبع. عميق التفكير جدًا فى أى موضوعات تحتاج إلى قرار. يعشق الطيران؛ لأن والده كان طيارًا؛ لذا فهناك نماذج للطائرات فى مكتبه. مخلص لأصدقائه، ومن أهمهم اللواء الراحل عمر سليمان. قابلته أول مرة وهو المندوب الدائم لمصر فى الأمم المتحدة فى نيويورك، ثم وهو سفير لمصر فى روما. وأعطى مذاقًا خاصًا برؤيته لهاتين الوظيفتين. ثم أصبح وزيرًا للخارجية، وبعد ذلك أمينًا عامًا للجامعة العربية. وقدم لنا الجزء الأول من سيرة حياته وهو عن الحرب والسلام. واستطاع بصدق أن يكتب عن غزو الكويت ومصر وفلسطين وكامب ديفيد وحرب أكتوبر ومعاهدة السلام. واعتمد على وثائق واجتماعات ليؤرخ لهذه الحقبة المهمة من تاريخ مصر. يستيقظ مبكرًا ويمارس الرياضة. أبوالغيط شخصية دبلوماسية سياسية هادئة وبارعة وفريدة ومتميزة.