بقلم - زاهي حواس
لا تزال المملكة العربية السعودية تبهرني بما رأيته من إنجازات في كل المجالات الثقافية والأثرية والسياحية، التي جاءت من خلال رؤية هذا الرجل الذي استطاع أن يغير في المنظومة الأثرية ويكسب احترام العالم كله؛ الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة الوطنية للسياحة والآثار. وقد توقفت كثيراً عند مشروع إعادة تأهيل وادي حنيفة الذي قامت على ضفافه منذ القدم مراكز سكانية كانت تعتمد على الموارد الطبيعية للوادي. ويمتاز الوادي بوجود الأودية الفرعية بوفرة نباتاتها، كما أن وادي حنيفة يمثل مصرفاً طبيعياً لمياه السيول والأمطار.
وقد مر الوادي بكثير من المراحل التي أدت إلى تدهوره، وقد تعرضت أيضاً طبوغرافيته وتكويناته الطبيعية لتغيير كبير أدى إلى تدهور بناء التربة وتآكل حواف الوادي الطبيعية، بالإضافة إلى أن الوادي كان قد تحول إلى مكان لنقل وتراكم النفايات من أنشطة صناعية ومخلفات البناء!
وقد اجتمعت الهيئة العليا لتطوير الرياض وأصدرت قرارات لوقف هذا التدهور، وإيقاف نقل النفايات؛ ولذلك تم وضع الوادي محمية بيئية، بالإضافة إلى عمل دراسات وخطة طموح لتأهيل الوادي وروافده... وكان من ضمن الإجراءات التي قاموا بها نقل النفايات من منطقة الوادي إلى مناطق أخرى خارج المدينة، والحد من إنشاء خطوط جديدة للمرافق، ووضع ضوابط وقوانين للحفاظ على المواقع، وكذلك تم تحديد مجرى السيول للوادي الرئيسي والأودية الرافدة له.
ومن أهم القرارات التي صدرت للحفاظ على هذا الوادي وتظهر رؤية المسؤولين عن تطوير الرياض التي بدأت عندما كان الملك سلمان بن عبد العزيز أميراً لمنطقة الرياض؛ واستطاع أن يتبنى كثيرا من المشروعات التي حافظت على تاريخ وحضارة الرياض، مشروع وادي حنيفة الذي أخذ زاوية جديدة، وهو الحفاظ البيئي ووضع مخطط شامل لإدارة مصادر المياه في الوادي ووضع ضوابط صارمة للتأهيل والتطوير.
وكان الهدف الأساسي من المشروع البيئي بوادي حنيفة، إعادة الوادي إلى وضعه الطبيعي، وقد تم تهذيب مجرى السيل ونتج عن ذلك حفر كميات كبيرة من التربة من باطن الوادي بأحجام وصلت إلى 2.5 مليون متر مكعب.
وشمل المشروع أيضاً تنسيق الخدمات والمرافق العامة، وشملت الطرق، وإنشاء 22 جسراً ومعبراً، وتم إقامة ممرات للمشاة، وكذلك تشجير الوادي من خلال زراعة أشجار طبيعية وأعشاب صحراوية، كما تمت إنارة الطرق وممرات المشاة والخدمات والمرافق العامة. ومن أجمل ما تم أنهم حاولوا أن يأتي المواطن السعودي للتمتع بالجلسات العائلية، بالإضافة إلى خدمات مساعدة للمواطنين... وكما قلت فإن هذا المشروع قد نال التقدير الدولي، خاصة لأن مشروعات البيئة مهمة جداً؛ ولذلك فقد حاز هذا المشروع، كما أخبرني بذلك الأمير سلطان بن سلمان، جائزة مركز المياه بواشنطن لعام 2002، وقد تقدمت دول كثيرة بنحو 75 مشروعاً من 21 دولة، ولكن مشروع وادي حنيفة حصل على جائزة أفضل خطة لتطوير مصادر المياه على مستوى العالم، وفاز أيضاً في 2007 بالجائزة الذهبية للمنطقة الدولية للمحميات بوصفه أفضل مشروع من ضمن 160 مشروعاً في مجال البيئة والحفاظ على مصادر المياه.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية