بقلم: زاهي حواس
هناك العديد من البعثات الأثرية السعودية والأوروبية التي تعمل في تبوك، منها البعثة السعودية النمساوية التي تقوم بالتنقيب في موقع قرية بمنطقة تبوك، والبعثة السعودية البولندية التي تعمل في موقع عينونة بمنطقة تبوك. وقد أسفرت أعمال التنقيب في الموقع الأول عن اكتشاف عدد من الأفران، التي يحتمل معها أن تكون ذات صلة بإنتاج ما يسمى بالفخار الملون وهو نوع من الفخار يعود إلى الفترة ما بين أواخر العصر البرونزي وبداية العصر الحديدي ويطلق عليه فخار مدين. كما كشف أيضاً في هذا الموقع عن مدافن جماعية عثر بداخلها على عدد من العظام والجماجم البشرية وعدد من اللقى الأثرية كالفخار والخرز وأجزاء من المعادن. وأشارت الدراسات الأولية إلى أن هذا الموقع يعود إلى نهاية الألف الثاني قبل الميلاد ويعرف باسم الفترة المدينية. وتم الكشف أيضاً عن منشأة سكنية تضم عدداً من الغرف، بالإضافة إلى اكتشاف أكثر من 1000 أداة حجرية متنوعة تمثل أدوات للصيد وطحن وحصد الحبوب ورؤوس سهام.
أما البعثة السعودية البولندية من جامعة وارسو، فتقوم بأعمال المسح الأثري والتنقيب في موقع عينونة، حيث كشفت أعمالها عن خمس مجموعات من الأسواق ليست معاصرة لبعضها البعض وبها غرف متعددة استعملت لتخزين السلع التجارية القادمة من البحر الأحمر والمتجهة إلى البتراء عاصمة الأنباط (بالأردن حالياً). وكذلك تم الكشف عن التفاصيل المعمارية لواجهات الغرف الشمالية من المبنى والمطلة على ساحة متوسطة. وكذلك العثور على المخطط الداخلي ومساحات الغرف لمنطقة السوق، حيث بلغت مساحة الغرف نحو 7X 7 م وكانت عبارة عن مستودعات لتخزين البضائع القادمة عن طريق البحر كما ذكر من قبل. ويدل هذا الأمر على النشاط التجاري في تلك الفترة. كما كشفت البعثة السعودية البولندية أيضاً عن بقايا جدران تحت الطبقة الأرضية الحالية مما يوحي بوجود مراحل سكنية سابقة في الموقع. وكذلك عثر على قطع من الفخار ذات جدران رقيقة تعرف باسم الفخار النبطي. وتمثل أغلب قطع الفخار السطحية حوافاً لجرار كبيرة تعود للعصور الإسلامية المبكرة. ونجد أيضاً ضمن الاكتشافات مجموعة من الفخار السميك المحروق، حيث ما زالت بقايا الحرق واضحة على جدران الأواني وكذلك العثور على عملات برونزية تعود إلى القرنين الثالث والرابع الميلادي.