بقلم : زاهي حواس
يبدو أن موضوع الكتابة عن العظماء الذين يعيشون بيننا قد نال إعجاب العديد من الأصدقاء؛ فقد اتصل بى العديد، واتفقوا على أن نقلل من عدد المكرمين أسبوعيًا؛ كى تكون هناك مساحة كبيرة للحديث عن هؤلاء الرجال العظام والسيدات العظيمات. وهنا أود أن أشكر المهندس صلاح دياب، مؤسس جريدة «المصرى اليوم»، والذى أطلق عليه الكاتب صلاح منتصر «مصنع الأفكار»؛ لأنه يتصل بى ويقترح علىّ أسماء بعض العظام.
أما الكاتب الدمياطى النظيف عباس الطرابيلى فقد كتب عمودًا جميلاً فى «المصرى اليوم» بعنوان «تكريم دخل التاريخ». وأشار إلى نقطة مهمة، وهى أن هناك العديد من المثقفين والعظماء الذين يستحقون جوائز الدولة، غير أن هذه الجوائز تذهب فى كثير من الأحيان لبعض ممن لا يستحقونها. وقد كتب الطرابيلى قصة طريفة عندما أخبره البعض بأنه سوف يحصل على وسام، ولكنه لم يحصل عليه؛ لأنه كان صغير السن، وكان فى ذلك الوقت يبلغ من العمر 65 عامًا!!. وأشار الكاتب المبدع إلى نقطة مهمة أخرى وهى أن فى مصر نجومًا لا هم تخطوا «دور الميزانين» ولا هم نالوا ما يستحقون من تكريم، والخلل فى نظام ترشيح من يجب تكريمهم حيث لا توجد ضوابط ولا قواعد. وهنا أقول لصديقى الطرابيلى من الصعب جدًا أن تضع القواعد لذلك؛ لأننا هنا أمام ضمير المثقف، عضو هذه اللجان، الذى يجب أن يعطى صوته بأمانة لمن يستحقه؛ لأن العديد ممن ينالون هذه الجوائز هم «كذابو الزفة»، على رأى الطرابيلى، صديقى الذى يفخر بأن عموده فى «المصرى اليوم» هو أجمل تكريم له والذى يقرؤه العديد من المصريين. وأعتقد أن هناك جنديًا مجهولاً وراء نشر هذا التكريم وهو صديقى الكاتب عبد اللطيف المناوى والذى يضع هذا المقال فى مكان يليق بعظمة من نكتب عنهم. وقد وجدت أن هناك ضرورة أن أقلل عدد المكرمين حتى يكون هناك مجال لسرد عظمتهم وأعمالهم بصورة أوسع.
■ ليلى تكلا
هذه السيدة سبقت عصرها؛ لأنها مصنع للأفكار. وتتصل بى دائمًا بفكرة جديدة وحب جديد لمعشوقتها مصر. وآخر أفكارها هى تدريس مادة جديدة لطلاب الجامعات عن كل الحضارات التى مرت على مصر. د. ليلى تكلا هى المرأة المصرية ذات الشعبية. وقدم عنها الكاتب الكبير عادل حمودة موضوعًا رائعًا عن حياتها وتحدث عنها كل من يعرفونها وذلك فى البرنامج التليفزيونى الشهير «حكاية وطن». ويعتقد صديقى د. مصطفى الفقى أنها المرأة الحديدية والقادرة على تعبئة الجماهير بحب الوطن. وتزوجت د. عبد الكريم درويش بعد أن تقابلا للدراسة فى شيكاغو. وهى أول سيدة تنتخب لرئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب. وهى أول امرأة يتم انتخابها للانضمام إلى الاتحاد البرلمانى الدولى. وعندها مبدأ تقوله عندما تتصل بى تليفونيًا وتبدأ بـ«عزيزى زاهى». وتقول: «لا تجعل القلب والفكر والسلوك مكانًا للتعصب والكراهية والرفض». وشاركت فى كتابة دستور 1971 و2013. وهى أول من تحدث عن مشاكل البيئة وحقوق الإنسان. وفجرت تحت قبة البرلمان العديد من قضايا المرأة. وتقوم بتدريس مادة الإدارة العامة. وهى أستاذة فى أكاديمية السادات للعلوم الإدارية. وعلى الرغم من مشاغلها، فإن أولادها يقولون عنها إنها أم عظيمة ودائمًا موجودة لأولادها. ومن أهم ما تعلنه أن الرئيس السيسى قد أعاد لمصر مكانتها الدولية. ليلى تكلا شخصية غير عادية. عندها نشاط وتركيز وذكاء حاد؛ لذلك أرشحها لجائزة «المصرى اليوم» التى أنشأها صلاح دياب، وهى الجائزة الشعبية، أى حب المصريين.
■ فاروق الباز
النقاش الذى صعد بعلمه إلى القمر. شخصية غير عادية. يعشق مصر وحب هذا البلد دائمًا فى قلبه. شخص لم يتغير فى أفكاره، وما يزال يعشق اللهجة المصرية. وعندما حصل على الدكتوراه من أمريكا فى الجيولوجيا من جامعة ميزورى وعاد لمصر، وجد أنه سوف يدرس الكيمياء، وظل يذهب إلى مكتب الوزير لمدة ثلاثة أشهر؛ كى يعرض عليه شكواه، ولما لم يقابل الوزير، هاجر إلى أمريكا. وعمل نقاشًا أول ما عمل هناك. وتزوج من سيدة أمريكية عظيمة، هى السيدة باتريشيا التى هى دائمًا فى قلبه. وأنجب منها أربع بنات، ومنهن فيزور التى تخرج فيلمًا حاليًا عن والدها. وكان قد أرسل أكثر من مائة طلب للوظيفة. وجاء له الفرج بعد جهد وصبر؛ لذلك فنصيحته للشباب «لا تيأس». واستطاع أن يسطع نجمه فى وكالة «ناسا» للمساعدة فى التخطيط. وشارك فى بعثات الصعود إلى القمر وفى رحلة أبوللو. يعرف كيف ينتقى الكلمات الرنانة والتى جعلته يتصدر الصحف العالمية. له مئات المقالات العلمية فى الجيولوجيا والاستشعار عن بعد. جاء لى مرة ومعه سى دى وقال: «مبروك، اسمك تم اختياره ليكتب على المريخ». له العديد من الأبحاث حول مستقبل مصر. وعمل فى الصحراء للبحث عن المياه؛ لذلك نطلق عليه «راهب الصحراء». وقد اختير عضوًا فى المجلس الاستشارى العلمى لرئيس الجمهورية. وقد عاش مع أخيه الدكتور أسامة الباز مدة طويلة فى دمياط والمنصورة. ويقول دائمًا للشباب: «ليس هناك عمل حقير». فاروق الباز شخصية ذات كاريزما، وبسيط ومتواضع، ويحمل حب المصريين فى كل مكان.
■ طارق نور
هو «وزير الدعاية» بامتياز، وهو لقب أطلقه عليه كل العاملين فى مجال الدعاية والإعلان. وهو صاحب الصوت الإعلانى الأكثر شهرة وجاذبية والذى أصبح علامة مميزة فى ذهن المصريين. وقصة كفاحه عبارة عن سيمفونية فى الحب والإصرار وتصلح كى تنير الطريق للشباب. ويشغل دومًا مواقع التواصل الاجتماعى. وقد درس فنون التصوير الإعلانى فى أمريكا. وعمل لمدة طويلة فى وكالة الأهرام للإعلان. وكان حلمه أن يؤسس جامعة للإعلان والتسويق بدلاً من وجودها كمادة بالجامعات. أسس قناة «القاهرة والناس» عام 2009، وأعطى لها شخصية مميزة. وقال عنها: «لقد راهنت بكل تاريخى المهنى على هذه القناة، ولم تخذلنى، بل أعطتنى كثيرًا من النجاح». ويعتقد أن المشروع الناجح يعتمد فى المقام الأول على التسويق. لا يشغل وقته بأية معارك جانبية. ويفكر دومًا فى مشروع جديد أو فكرة فى مجال الدعاية؛ لذلك فهو الوحيد الذى حمل لقب «وزير الدعاية». وعندما تجلس معه، تحس أنه يعيش مع أفكاره؛ لذلك تجده يعشق الصمت كى يصل لفكرة جديدة. وهو من القلائل الذين سوف تنقش أسماؤهم بحروف ذهبية فى هذا المجال الذى تربع على عرشه ووصل فيه إلى أعلى مكانة ليست محلية فقط بل عالمية.