توقيت القاهرة المحلي 04:47:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لغز أعمدة الرجاجيل!

  مصر اليوم -

لغز أعمدة الرجاجيل

بقلم - زاهي حواس

إن الاكتشافات الأثرية العظيمة غالباً ما تأتي عن طريق الصدفة وبلا أي تخطيط مسبق، وقليل من تلك الاكتشافات هو ما يتم بعد بحث شاق مضنٍ قد يستمر لسنوات عديدة حتى يخرج إلى النور، ولا عجب في ذلك، فعلم الآثار هو من أحدث العلوم على الأرض، إلا أنه يتطور وينمو بسرعة مذهلة، بل ويتفرع منه الآن علوم فرعية أخرى. وعلم الآثار كما هو واضح من التسمية يبحث عن وفي آثار الماضي بكل أشكاله وأنواعه، ومن المفترض أنه بمجرد العثور على الأثر تتم دراسته وتفسيره وبالتالي نشره، فيكون شهادة ميلاد جديدة لجزء من التاريخ. ولكن هناك حالات نادرة يوجد فيها الأثر ظاهراً أمامنا بل شامخاً ومستقراً، ومع ذلك لا نعرف عنه شيئاً! لا تاريخ وجوده، ولا حتى وظيفته. ويظل أمر تلك الآثار مرهوناً بظهور أدلة أثرية أخرى تميط اللثام عنها، وبالتالي يستطيع الأثري نشر معلومات مؤكدة أو على الأقل منطقية ومقنعة عن الآثار التي ظلت لسنوات، أو لقرون طويلة، مجهولة لا يعرف عنها شيء.
ومن أروع أمثلة الآثار المحيرة ما يعرف بأعمدة الرجاجيل، وهو موقع أثري معروف بمنطقة الجوف التي تصنف باعتبارها من أقدم المواقع الاستيطانية في المملكة العربية السعودية. ويرجع تاريخها إلى آلاف السنين في عصور ما قبل التاريخ. وأعمدة الرجاجيل هي عبارة عن خمسين مجموعة من الأعمدة الأسطوانية؛ سواء التي لا تزال قائمة في مواضعها الأصلية وبارتفاعات تصل إلى ثلاثة أمتار، أو تلك الملقاة على الرمال في صورة سليمة أو محطمة إلى أجزاء.
تم نحت الأعمدة من الحجر الرملي الأحمر، ويتراوح عدد كل مجموعة من الأعمدة من ثلاثة إلى سبعة أعمدة. وتغطي هذه المجموعات مساحة دائرية كبيرة تشرف على سهل رملي كبير. وعلى الرغم من وجود الأعمدة بهذا العدد والشكل بل والحالة الأثرية الجيدة، فإن المعلومات عنها لا تزال غير معروفة، ولا يزال الأمل معقوداً على دراسات أثرية جديدة مقبلة من خلالها نستطيع كشف سر أعمدة الرجاجيل. ولا بد هنا من لفت الأنظار إلى أن العمل الأثري بالمنطقة يعد من أصعب الأعمال نظراً للكميات الضخمة من الرمال التي تغطي الموقع، وتعد تحدياً لأي مشروع حفائر في المستقبل.
وكما ذكرت، فإن أعمدة الرجاجيل وعلى قدر ضخامتها فإن المعلومات التاريخية حولها شحيحة وتكاد تكون منعدمة. ولذلك فإن باب النظريات والآراء ما زال مفتوحاً على مصراعيه لتفسير وظيفة أعمدة الرجاجيل وكنهها. وإلى حين أن يكشف لنا المستقبل عن حقيقة هذا الموقع الأثري الضخم والثري، فإن الآراء تذهب إلى كون أعمدة الرجاجيل جزءاً من مجمع ديني ضخم، أو بمعنى آخر مجمع لمعابد دينية مختلفة تعود إلى قبائل مختلفة. وربما يكون قد تم تشييدها خلال عصر ما قبل التاريخ؛ خلال الألف الرابع قبل الميلاد. وقد حاول البعض ربط هذه الأعمدة الحجرية بموقع الأحجار الضخمة الموجودة في إنجلترا التي تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، أو بمعبد حتحور في وادي مغارة بسيناء.
مثل تلك المواقع هي التي تثير خيال الأثري وتحفزه على التفكير في كل تفصيلة خاصة بالموقع، فيبدأ مثلاً بالتفكير في تحديد مكان المحجر الذي اقتطعت منه الأعمدة، وهو في الغالب يكون قريباً من موقع الإنشاء، ثم يأتي البحث عن طرق قطع الأعمدة وطرق نقلها ونصبها في مواضعها. وبعدها يأتي سؤال آخر: هل تم البناء في وقت واحد؟ أم أنه تطور ونما بمرور الزمن؟ أسئلة كثيرة دائماً ما تكون هي في النهاية مفتاح اللغز.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغز أعمدة الرجاجيل لغز أعمدة الرجاجيل



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon