بقلم: زاهي حواس
ما زلنا نظهر العديد من الرسومات الهزلية ومناظر الكاريكاتير التي تركها لنا الفراعنة وفيها منظر مرسوم بالحبر على شقافة من الحجر الجيري محفوظة حاليا بمتحف المتروبوليتان بنيويورك. وهذا المنظر يمثل حماراً على ظهر مركب، ويشير بلا شك إلى سخرية الفنان من المجتمع، خصوصاً لأن المركب في مصر القديمة كان من أهم وسائل الانتقال في نهر النيل، وكذلك يظهر في كل مناظر العالم الآخر حيث إنه هو الذي ينقل المتوفى. ونرى أيضاً المراكب الشمسية التي يستعملها الفرعون في رحلة الليل والنهار ويستعمل المجاديف في قتل الحيوانات الشريرة الموجودة في هذا العالم لكي ينظّف العالم من الشر، وبالتالي يعبده الناس. وأهم وظيفة للمراكب كما نشاهدها في الأعمال الفنية، أي الرسومات الموجودة على المقابر منذ عصر ما قبل الأسرات حتى نهاية العصر الفرعوني، هي أنها سفن ذات صبغة دينية أو جنائزية، حيث تقوم بنقل الآلهة المختلفة أو الملك خلال الممرات المائية الموجودة في العالم السفلي ومن أهم الآلهة التي نشاهدها وهي تستقل المراكب إله الشمس رع. ولذلك فمن الغريب أن نرى هنا الفنان وهو يضع، بدلاً من الفرعون أو الإله، حماراً، وبلا شك فإنه هنا يقصد السخرية حتى لو قام بتدنيس المقدسات الدينية التي اعتاد عليها المصريون القدماء.
والغريب هنا أن الفنان قد اعتنى برسم الحيوان الذي يجلس في وسط المركب وهو في شكل حيوان كسول وقد مدّ رجله الأمامية مثنيّة أمامه حتى يسند عليها رأسه في منظر فريد من نوعه لم نره من قبل، وهنا قد نعرف أن الفنان قصد عمل هذه النكتة لكي يمتع بها أهله وأصدقاءه.
ولدينا منظر آخر موجود بالمتحف المصري وهو رسم عبارة عن قاربين مرسومين بالحبر الأسود والأحمر ويعود إلى نحو 3 آلاف عام تقريباً، وعُثر على هذا المنظر أيضاً بدير المدينة، وقد تركه لنا العمال والفنانون الذين عاشوا في هذه القرية، وهم المسؤولون عن رسم وحفر كل مقابر الملوك في وادي الملوك ووادي الملكات بالبر الغربي في الأقصر. وإذا نظرنا إلى هذا المنظر فقد نعتقد أنه منظر هزلي، ولكن هنا قد يشير هذا المنظر إلى تصميم قام به الفنان الفرعوني القديم لعمل حلية من المجوهرات التي كانت تزيّن على شكل مركبين، أحدهما فوق الآخر. وسوف نجد أن المركب العلوي فوقه قرص الشمس وجعران يرمز إلى إله الشمس رع. أما القارب الثاني، وهو أكبر من الأول، فسوف نجد على سطحه اثنين من القردة، وهذا النوع هو الذي يظهر مع شروق الشمس، وسوف نجد هذين القردين ممثلَين أعلى معبد الملك رمسيس الثاني بأبو سنبل. وسوف نلاحظ أيضاً أن مقدمة ومؤخرة المركب على شكل زهرة اللوتس، ولذلك نرجّح أن هذا المنظر ليس منظراً هزلياً بل هو تصور للفنان بالرسم حتى إنه ينفذ تصميم حلية الصدر التي نراها على رقبة المتوفى.