بقلم: زاهي حواس
يعرف العالم كله أن الإنجليزي هوارد كارتر قد قام بالكشف عن مقبرة الملك توت عنخ آمون كاملة، ولم تمس وذلك في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922، وأن تمويل الحفائر جاء عن طريق اللورد كارنافون الذي مات بعد نحو خمسة شهور من كشف المقبرة، وبعد ذلك حدث الكثير من الغرائب والعجائب وخاصة أن اللورد كارنافون قد أعطى حق النشر عن الكشف إلى صحيفة «لندن تايمز» فقط، وكانت الصحافة المصرية والأجنبية مستاءة من هذا التصرف، لأنها كانت تحصل على المعلومات من الصحيفة الإنجليزية فقط، لذلك كان موت اللورد كارنافون فرصة لكي يخلق الصحافيون الكثير من القصص الخيالية حوله، وانتشرت شائعة لعنة الفراعنة منذ ذلك الحين.
أما موضوع أن كارتر لم يكن هو مكتشف المقبرة فهذا ليس عنوان صحف بغرض الإثارة؛ لأن كارتر فعلاً لم يكتشف المقبرة، حيث حصل كارتر على موافقة اللورد كارنافون على تمويل الكشف للعام الخامس بعد عناء شديد، وخاصة أن كارنافون قام بالصرف على الحفائر لمدة أربع سنوات ولم يعثر كارتر على المقبرة؛ لذلك رفض اللورد كارنافون التمويل، ولكن عندما وجد إصرار كارتر واستعداده للعمل حتى ولو على حسابه الخاص، قرر اللورد أن يكون العام الخامس هذا هو العام الأخير.
وجاء كارتر إلى الوادي وهو يحلم بالكشف، وكان يعمل معه المئات من العمال في كل مكان، وأخذ يبحث عن المقبرة؛ لأنه كان متأكداً من وجودها بالوادي. وكان كارتر يجلس أغلب ساعات النهار داخل خيمة، وقد كلف شاباً صغيراً لا يزيد عمره على 12 عاماً اسمه حسين عبد الرسول وهو من عائلة معروفة في ذلك الوقت لأنها قامت بالكشف عن خبيئة المومياوات عام 1881.
وكان حسين يحضر المياه داخل الأواني الفخارية الضخمة التي يطلق عليها في الريف اسم (زير). وكان العمال يساعدونه في تنزيل الأواني من على ظهر الحمار، ويحفرون حفرة في الأرض لكي تستقر هذه الأواني لكي يشرب العمال منها يومياً، وأثناء الحفر عثر حسين على مدخل المقبرة، وجرى تجاه الخيمة، لكي يخبر كارتر عن الكشف.
وجاء مسرعاً إلى مكان الحفر ليعلن أن هذا قد يكون مدخل المقبرة، وبعد ذلك قام بالحفر حتى وجد الدليل الذي يثبت أن هذا هو مدخل المقبرة التي ظل يبحث عنها أربع سنوات، وكان ذلك اليوم هو 4 نوفمبر 1922. وعندما قام كارتر بحفر حجرة الدفن قام بوضع عقد من المقبرة على صدر حسين، ثم طلب من مصور البعثة أن يقوم بتصويره، وأعطى لحسين الصورة. أما الغريب أن حسين لم يعمل إطلاقاً، بل كان يمسك صورته ويقف أمام مدخل معبد الرامسيوم ليعلن للسياح أنه هو الذي اكتشف المقبرة، وظل يفعل ذلك حتى وصل إلى سن الـ80 عاماً. وبعد ذلك يقوم ابنه بحمل صورة أبيه، ويقف في المكان نفسه، ليعلن أن أباه حسين عبد الرسول هو الذي قام بكشف مقبرة الملك توت عنخ آمون. وهذا سر آخر من أسرار وادي الملوك.