توقيت القاهرة المحلي 03:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشيخ على جمعة والأهرامات!

  مصر اليوم -

الشيخ على جمعة والأهرامات

بقلم : زاهي حواس

لا أعرف لماذا يقحم الشيخ على جمعة نفسه فى موضوع الآثار، وهذا ليس تخصصه، ولم يبحث فيه؛ فهو رجل يقدم لنا النصائح الدينية، ونحن نحترم ذلك فيه ونقدره. أما إذا تحدث عن الآثار، فهنا يجب أن نقول له إن كل ما قاله عبارة عن أخطاء يرددها العامة وليس لها صلة بالعلم. وقد ردد الشيخ على جمعة ما كتبه د. سيد كريم فى كتاب باسم «لغز الأهرامات». وبعد ذلك قام الراحل د. مصطفى محمود بسرد كل أحداث الكتاب فى برنامجه «العلم والإيمان». وما يزال هناك البعض الذى يردد هذه المعلومات التى لا تستند إلى أى دليل علمى واحد. وهذه المعلومات تجعل علماء المصريات ينظرون إليها ولا يردون عليها. ولكن عندما يردد هذه المعلومات رجل فاضل مثل د. على جمعة، الذى أقدره واحترمه على المستوى الشخصى، فإننى أقول له: «قف». وأطلب منه الاعتذار عن تقديم مثل هذه المعلومات المضلِّلة التى تفيد بعض الأشخاص الذين يحاولون أن يسرقوا منا حضارتنا، ويقولون إن الأهرامات بناها قوم جاءوا من الفضاء أو من القارة المفقودة أطلانتس، وأن «أبوالهول» يعود عمره إلى 15 ألف عام، وأنه ليس من صنع الفراعنة، أو أن أصل الحضارة المصرية زنجى. وما يقوله الآن الشيخ على جمعة هو إعطاء فرصة لكل من يحاول النيل من الحضارة الفرعونية، وأقول لهم: «ابعدوا أيديكم عن الفراعنة؛ لأن هناك علماء فى كل دول العالم، ومنذ أكثر من قرنين من الزمان، يبحثون فى الرمال، ويقدمون لنا يوميًا الأدلة العلمية الجديدة سواء اللغوية أو الأثرية التى تثبت عظمة هذه

وقال الشيخ على جمعة فى حديثه التليفزيونى إن النبى إدريس هو أول من بنى الأهرامات، وأن تمثال «أبوالهول» الذى يسبق، فى رأيه، عهد الملك خوفو وعهد الملك خفرع ما هو إلا تجسيد للنبى إدريس، وأنه علم التحنيط، وأضاف أن إدريس هو نفس أوزيريس.. وقد أضاف بأن قال إن ما يقوله ليس انتقاصًا من أحد.

فأود أن أرد عليه متسائلاً وموضحًا، أولاً: ما القرائن التى استند إليها، والتى تشير إلى أن إدريس هو أول من بدأ بناء الأهرامات؟! والأدلة اللغوية والأثرية تشير إلى أن ملوك الأسرتين الأولى والثانية قد بنوا فى أبيدوس وسقارة مقابرهم من الطوب اللبن. وبعد ذلك جاء المهندس إيمحتب، وهو من عامة الشعب، ولكن عبقريته جعلت منه الرجل الثانى بعد الملك، وغيّر البناء من الطوب اللبن إلى الحجر، وهو ما يعرف بهرم سقارة المدرج. وبعد ذلك حدث تطور فى البناء، ورأينا عظمة أهرامات الأسرة الرابعة فى الضخامة، وبعد ذلك، قام الفراعنة فى عصر الأسرتين الخامسة والسادسة بتقليص الشكل الهرمى فى أهراماتهم، وزادوا من مساحة المناظر المصورة على جدران معابد مجموعاتهم الهرمية. واستمر بناء الأهرامات حتى عهد الملك أحمس الأول، أول ملوك عصر الأسرة الثامنة عشرة. ولدينا أعظم كشف أثرى يربط الهرم الأكبر بالملك خوفو مباشرة، وهو بردية وادى الجرف التى عُثر عليها منذ سنوات قليلة، وفيها نصوص بالهيروغليفية والهيراطيقية. وفيها يحدثنا رئيس العمال، المدعو «مرر» عن بناء الهرم، وقطع الأحجار ونقلها إلى الجيزة، وأن منطقة الهرم كانت تعرف باسم «خوفو عنخ»، أى «خوفو يعيش» وأن الملك كان يعيش فى قصره بالهرم. وقال «مرر» إنه كان يعمل فى العام السابع والعشرين من حكم الملك خوفو. فهل يمكن يا شيخ على أن تنسى ذلك؟!

وهناك مقابر العمال بناة الأهرام التى اكتشفت بجوار الهرم، والتى تثبت أن الهرم كان المشروع القومى لمصر، بالإضافة إلى مقابر الكهنة والموظفين الذين يتحدثون عن أعمالهم ووظائفهم مع الملوك خوفو وخفرع ومنكاورع. ومن الجدير بالذكر أننا لم نعثر على اسم نبى الله إدريس داخل أية مقبرة، فضلاً عن أسماء فرق العمال التى عُثر عليها داخل الحجرات الخمس التى تعلو سقف الحجرة الثالثة، وهى فرق العمال التى اشتركت فى بناء الهرم، وكلها مرتبطة باسم الملك خوفو. ولدينا أيضًا قوائم الملوك، وهى عبارة عن سرد لأسماء الملوك حكام مصر منذ عصر الأسرة الأولى إلى عصر الأسرة الثلاثين. وهناك العديد من الأدلة التى يمكن أن يقرأها سيادته.

أما عن موضوع «أبوالهول» فأقول إن كل الأدلة العلمية تشير إلى أن «أبوالهول» قد تم نحته فى عهد الملك خفرع، وأنه يمثل الملك خفرع فى شكل الرب حورس يتعبد لأبيه الملك خوفو الذى اتخذ صفة وشكل الإله رع فى المعبد الواقع أمام «أبوالهول» وأن الفراعنة منذ عصر ما قبل الأسرات كانوا يمثلون الملوك على شكل أسد، كرمز للقوة والبطش والعظمة، ولكن بدءًا من عهد الملك جدفرع، ابن الملك خوفو، بدأ الملوك يضعون وجه الملك على جسم الأسد. وبعد ذلك، قام بذلك الملك خفرع، وتبعه ملوك الأسرتين الخامسة والسادسة. واستمر هذا التصوير الفنى حتى عصر الأسرة الثلاثين، ويتضح ذلك فى طريق «أبوالهول» الذى يربط بين معبد الأقصر ومعابد الكرنك. وإذا أراد الشيخ على جمعة أن يعرف المزيد عن «أبوالهول» فأرجوه أن يرجع إلى كتابى باللغة العربية عن هذا التمثال العظيم؛ لذا فإنه ليس لدينا هناك أى دليل على أن تمثال «أبوالهول» يجسد نبى الله إدريس، عليه السلام.

أما عن علم التحنيط، فلم يحدث أن جاء شخص ما أو أى كاهن وقال هذا هو علم التحنيط؛ وذلك لأن التحنيط مرّ بمراحل وتجارب منذ عصر الأسرة الأولى، حين تم اكتشاف مقبرة وداخلها تابوت ومومياء، وتم تحنيط الجزء السفلى منها فقط. وبعد ذلك وضعوا أقنعة على الوجه، ولم يصل التحنيط إلى أوج عظمته إلا فى عصر الأسرة الثامنة عشرة فى عصر الدولة الحديثة. وهذا واضح جدًا من مومياوات الملوك الفراعنة الموجودة فى المتحف المصرى فى ميدان التحرير. وليس هناك جملة مصرية قديمة واحدة أو أى دليل أثرى على أن نبى الله إدريس هو الذى علّم الفراعنة التحنيط.

أما عن موضوع أن نبى الله إدريس هو الإله المصرى القديم أوزيريس، فهذا هو ما ردده د. سيد كريم. وقام بذلك بناء على السجع اللغوى فى نهاية اسميّ النبى إدريس والإله أوزيريس، ولكن للأسف فإن أوزيريس هو الذى كان يصنع العرش؛ ولذلك أصبح مكلفًا على العالم الآخر، وأصبح كل ملك يموت يصير «أوزيريس». ولدينا أسطورة الخلق التى تشير إلى دور أوزيريس فى العالم الآخر، وإلى أماكنه المقدسة التى يوجد بها جزء من جسمه بعد أن قطّعه إله الشر، ست، إلى أربع عشرة قطعة.

لم أكن أتمنى أن أكتب هذا المقال، غير أننى وجدت أن هناك ضرورة كى يعرف كل من سمع هذا الحديث أن الشيخ على جمعة لم يحدثنا بالعلم ولا بالأدلة العلمية، بل تمادى فى سرد معلومات غير صحيحة وغير علمية، وكان يجب عليه ألا يتحدث فى غير تخصصه. لا توجد صلة بين نبى الله إدريس والأهرامات وأبوالهول والتحنيط، وإن نبى الله إدريس ليس هو الإله «أوزيريس».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيخ على جمعة والأهرامات الشيخ على جمعة والأهرامات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 02:00 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
  مصر اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت

GMT 18:17 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

بسنت شوقي تكشف تفاصيل زواجها من محمد فراج

GMT 06:26 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صبحي يطمئن على الأولمبي والفريق يختتم معسكره

GMT 09:26 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الحكومة المصرية تُقدم تسهيلات وخدمات لكبار السن

GMT 06:08 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن نصف البالغين لا يغسلون أسنانهم مساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon