بقلم - زاهي حواس
ثار العديد من الأثريين والمواطنين على قيام الصين بعمل تمثال ضخم لأبوالهول، وكان سبب الاعتراض هو قيام الصينيين بعمل هذا التمثال هناك دون الحصول على موافقة الحكومة المصرية. وطالب العديد بضرورة تدمير هذا التمثال والتخلص منه حتى نستريح. ولكن دعونا نناقش هذا الموضوع ببساطة وننظر إلى قانون الآثار الذى ينص على أنه ليس من حق أى إنسان فى الداخل أو فى الخارج نسخ أى أثر من الآثار المصرية نسخة طبق الأصل، وفى هذه الحالة يجب أن يحصلوا على موافقة الجهة المسؤولة عن ذلك وهى وزارة الآثار. نحن نعرف أن طول التمثال الأصلى يصل إلى 72 مترا و55 سم، وارتفاعه يصل إلى حوالى 20 مترا. أى أن لو أى مصرى أو أجنبى نحت تمثالا على شكل أبوالهول ووصل طول التمثال إلى 71 مترا فلن يكون فى استطاعة أى إنسان الاعتراض. وأعتقد أن التمثال الذى صُنع فى الصين ارتفاعه ليس بهذا الشكل، وكذلك الطول.
وفى نفس الوقت أود أن أوضح أن هذا التمثال ووجوده فى الصين هو خير دعاية للسياحة المصرية، فأعتقد أن أكثر السائحين الذين يزورون مصر الآن هم من الصين نتيجة للولع والغرام بالفراعنة. إنه جنون اسمه الفراعنة، ولو أنفقنا ملايين الدولارات لعمل دعاية فلن تكون مثل الدعاية التى حصلنا عليها لمجرد أن الصينيين صنعوا هذا التمثال، فلو ظهرت صورته فقط فى الصحف فهذه دعاية جبارة لمصر.
كما أعتقد أن الذى صنع هذا التمثال ونحته لم يكن فنانا ماهراـ حيث إن الوجه قبيح جدا، وكان يجب على السفارة المصرية هناك التدخل بشأن إعطائهم الخبرة اللازمة فى النحت. ولو طلبوا من د. محمود مبروك، النحات العظيم الذى رمم معنا تمثال أبوالهول، لأخرج لهم تمثالا عظيما. لذلك يجب ألا تأخذنا الفرعنة ونعترض، يجب أن ندرس هذا الموضوع ببساطة ونعرف الفوائد التى سوف تعود على مصر لمجرد وجود الفراعنة فى الصين فى صورة هذا التمثال.
نفس الشىء حدث مع الهرم الذى أُطلق عليه «الأقصر» والذى أُقيم فى لاس فيجاس، وهو عبارة عن كازينو للقمار، وقد صُمم الكازينو على شكل هرم يتقدمه تمثال أبوالهول، وهو عبارة عن مدخل للكازينو. ومن الداخل أقاموا نهر النيل ويطوف من خلاله مركب فى النهر لتشاهد الآثار الفرعونية. وقد قاموا بعمل نموذج رائع لمقبرة توت عنخ آمون مثل المقبرة الموجودة بداخل القرية الفرعونية. ويزور هذا الهرم آلاف السائحين. وفجأة، خرج علينا الذين يعترضون لمجرد الاعتراض، أو لمجرد أن يُكتب اسمهم فى الصحف دون النظر إلى الموضوع بعقلانية، بل قام البعض بالمطالبة بهدم هذا الهرم وقالوا إن هناك الملايين يزورون هذا الهرم، وإن هذا سبب قلة عدد السائحين لمصر.
أولاً، يجب أن نعرف أن كل دولة من دول العالم لها شعار أو عمارة تمثل عظمة هذا البلد، فهناك العمارة الهندية، والصينية، واليونانية، والرومانية ممثلة جميعا فى لاس فيجاس. وكل مبنى يدخله الآلاف يوميا، أى أن الأرقام التى أعلن عنها بعض المصريين هى من يزورون لاس فيجاس عامة وليس الهرم بالتحديد. وقد أقام هذا الهرم الراحل العظيم فؤاد سلطان، بل قامت هيئة تنشيط السياحة، فى ذلك الوقت، بإعطاء المسؤولين عن هذا الهرم قطعة حجر من مصرـ مازالت موجودة داخل الهرم. لن تتصور حجم السياحة والدعاية التى تحصل عليها مصر لمجرد وجود هذا الهرم «الأقصر» فى لاس فيجاس، أو تمثال أبوالهول فى الصين. فهذا ما يطلقون عليه «الإيجيبتومانيا» أو مرض عشق مصر.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع