توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«لعبة الأمم» بين الإمارات وقطر!

  مصر اليوم -

«لعبة الأمم» بين الإمارات وقطر

بقلم - وفاء محمود

 لعبة الأمم إنها لعبة تختلف عن غيرها من أنواع اللهو واللعب مثل البوكر أو الحرب أو التجارة، فى عدة نواح هي: أولا: أن كل لاعب فى هذه اللعبة له أهدافه الخاصة، التى تختلف عن أهداف الآخرين وتحقيق هذه الأهداف مقياس نجاحه، ثانيا: كل لاعب فى هذه اللعبة مجبر بظروفه داخل بلاده على القيام بأعمال وتحركات ضمن مجال اللعبة، دون أن يكون لها علاقة بأسباب النجاح، بل يمكن أن تقلل من فرص النجاح نفسه، ثالثا: فى لعبة الأمم لا يوجد فائزون ألبتة، بل الكل خاسرون، لهذا لم يحرص كل لاعب على النجاح، بقدر ما يتجنب الضياع والخسارة، الهدف المشترك لجميع اللاعبين فى لعبة الأمم هو رغبتهم فى المحافظة عليها مستمرة، دون توقف، ذلك أن توقف هذه اللعبة لا يعنى سوى شيء واحد، ألا وهو الحرب!

كان ذلك جزءا من محاضرة ألقاها (زكريا محيى الدين) بالكلية العسكرية المصرية عام 1962، وهو أحد أبرز الضباط الأحرار على الساحة السياسية المصرية، وأول رئيس للمخابرات المصرية، وفيها حدد الخطوط العريضة للعلاقات الدولية، ورغم هذا الإدراك لقوانين اللعبة الأممية، إلا أن ذلك لم يمنع وقوع كارثة نكسة 67، فلا يكفى أن تعلم، فلابد من إتقان فنون اللعبة، لتظل لاعبا على مسرح الأحداث!.

كل دولة من حقها بل إن دورها هو التخطيط السياسى للحفاظ على قوتها، وتوسيع مناطق نفوذها فى العالم، للحفاظ على حياة أطفالها، وإكرام شيوخها، ولتسير الحياة الطبيعية فى شوارعها باطمئنان، فالحياة الآمنة ليست إنجازا ثابتا، ولكن وراءه جيشا من المجاهدين فى السياسة والدبلوماسية والمخابرات، يعمل بعيدا عن الأضواء ليتجنب الوصول للحلول العسكرية بالجيش النظامي، كحل أخير، عندما تفشل السياسة فى تحقيق أهدافها!.

وقد أثبتت الهوجات العربية أن مسرح لعبة الأمم قد انتقل إلى منطقتنا، وجرت على أرضنا حروب بالوكالة فى كل مكان، وتعتبر هذه المسرحية من أبرع المخططات المخابراتية التى تسمى «حروب الجيل الرابع»، باختراق المجتمعات واللعب على توتير النسيج الاجتماعى بصدام التناقضات الاجتماعية بعضها ببعض، لتأكل نفسها وتهدم السلم الأهلى من جذوره، لعبة الأمم الأخيرة فاقت ما كشفه ضابط المخابرات الأمريكى (مايلز كوبلاند) فى كتابه الخطير «لعبة الأمم»، الذى أصدره عام 69، وكشف فيه كواليس النشاط الأمريكى لبسط النفوذ، باختراق وكالة المخابرات لأنظمة الحكم والمجتمعات العربية من عام 47 وحتى نكسة يونيو 67!.

كانت خطورة الكتاب أنه كشف مسرح العرائس، الذى تدور عليه علاقات الدول الكبرى بالدول المحدودة الإمكانات، وجعلها تقوم بدور أكبر من حجمها، كما أوضح طبيعة الصراع الدولى الذى يمكن دولة من ممارسة نفوذ يفوق قدرتها، وقد تحرز نصرا دبلوماسيا على حساب الدول الكبري! كما حدث مع الزعيم الراحل «جمال عبد الناصر»، والذى راح ضحية هذا الصراع مع الكبار!.

فرجال الدولة هم من يدركون حقيقة الوضع الانتهازى للعالم.

يبقى فى سجل التاريخ للزعيم الخالد (عبدالناصر)، الذى دار الكتاب حوله، شرف انتهاز الفرص لمصالح وطنه المصرى وأمته العربية، رغم الإخفاق، والذى أعطانا درسا فى استثمار القدرات مع إدراك حدود القوة، وهو ما نجحت فى تحقيقه دولة (الإمارات العربية) الشقيقة فى خلق كيان عربى ناجح ينأى بنفسه عن الصراعات الداخلية للآخرين، ويمد يد التعاون مع حلفائه لتحقيق الأهداف المشتركة، والأهم هو تطبيق فلسفة العصر الاجتماعية والاقتصادية، فحققت سلما أهليا متفردا ونجحت فى تطبيق القانون وتحقيق الأمن بأدوات حديثة، وترسخ الحريات فى إطار القانون بتقدم ملحوظ، وأصبح الكيان الوطني، قائما على أصول راسخة، وجزءا آمنا فى العالم جاذبا للكفاءات فى مختلف ميادين النشاط الإنساني، مع التطوع لإرساء الأمن الإقليمى كجزء لا يتجزأ من أمنها الوطني، والمهم فى مسيرة التطور، هو عدم التوقف، بل الاستمرار فى فهم متغيرات الزمن لتدعيم الكيان الوطنى داخليا وخارجيا، ونجاح الإمارات الملحوظ هو النقيض لسقوط قطر، التى تقوم على عائلة انتهزت لعبة الأمم كفرصة انتهازية لتقدم نفسها سمسارا لبيع مقدرات الأمة العربية، فى سبيل الإبقاء على عائلة الخيانة وحمايتها بالقواعد الأجنبية والدعم السياسى والدبلوماسي، ما يبقيها على مسرح الأمم حتى الآن، لا لقوتها المالية، ولكن لخدمتها للسادة الكبار على حساب الأمة العربية، التى يدفع الضحايا فى الحروب الأهلية فى كل مكان ثمن الخيانة القطرية!.

هناك فرق بين الدولتين الخليجيتين الغنيتين، فالإمارات تحالفت مع قيم التقدم، باستثمار الأموال فى مشروعات اقتصادية، وتحالفات سياسية تحترم المصالح العربية، وعلاقات دولية حذرة، وكذلك قيادة المجتمع الداخلى نحو التجانس والانتماء واحترام الحرية الفردية فى العقيدة والرأى وحقوق الإنسان فى إطار القانون العام، بينما قطر تحالفت مع التخلف بالإبقاء على التكوين الاجتماعى متنافرا، وكانت بذراعها الإعلامية سما هاريا، واستغلال طبيعة التطور الحضارى لمكونات المجتمع العربي، التى تنجرف وراء المشاعر الدينية، وبعد أن سقط القناع، انكشف حقيقة الصراع، بين الإمارات وقطر فى لعبة الأمم، فالإمارات تناضل لوضع نموذج عربى متصالح داخليا وعالميا حسب فلسفة العصر الحديثة، بينما قطر تنافس إسرائيل بكل جدارة فى خدمة الأطماع الدولية، على حساب المصالح العربية، برعاية التخلف والإرهاب!! فالنضال العربى - كما أرى - يتمحور الآن فى تغيير الأحداث على مسرح العرائس الدولى فى لعبة الأمم لإجبارهم على التخلى عن الإرهاب وأدواته بما فيها «قطر»..


نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لعبة الأمم» بين الإمارات وقطر «لعبة الأمم» بين الإمارات وقطر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon