توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمة عميقة وممتدة.. فدعونا نتكاتف لمواجهتها

  مصر اليوم -

الأزمة عميقة وممتدة فدعونا نتكاتف لمواجهتها

بقلم - زياد بهاء الدين

التقارير الدولية الصادرة طوال الأسبوع الماضى لم تأتِ بما يزيح السحابة السوداء الجاثمة على الاقتصاد العالمى، بل أضافت لكثافتها. أربعة عوامل لاتزال تسيطر على الساحة الدولية: استمرار الحرب فى أوكرانيا، استمرار اضطراب سلاسل الإنتاج العالمية، إغلاق بعض المدن الصناعية الصينية بسبب كورونا، والارتفاع المطرد لأسعار الطاقة ومواد الغذاء.
والنتيجة؟ توقعات النمو العالمى من جانب المؤسسات المالية الدولية انخفضت من 5.7٪ العام الماضى إلى 2.9٪ لهذا العام (أقل حتى من تقديرات إبريل الماضى بعد بدء الغزو الروسى)، والصين ستشهد انخفاضًا فى النمو من ٨٪ العام الماضى إلى ٤٪، ومتوسط معدل النمو فى أمريكا وأوروبا لن يتجاوز 2.5٪.

أما فى باقى العالم فالوضع أكثر سوءًا، حيث من المتوقع أن يزيد عدد من يواجهون الفقر المدقع (ليس المجاعة) بحوالى ٧٥ مليون شخص مقارنة بما قبل وباء كورونا، وأن يبلغ عدد اللاجئين من أوكرانيا ٧ ملايين، أما مهاجرو إفريقيا فيصعب تقدير عددهم، وإن كانوا فى ازدياد مطرد.

والوضع الاقتصادى العالمى لن يتحسن قريبًا- حتى لو انتهت الحرب فى أوكرانيا- لأن الاقتصادات الكبرى تواجه خطر ارتفاع الأسعار بشكل سريع فى ذات وقت انكماش النشاط الاقتصادى، وبالتالى انخفاض الإنتاج والدخول والحصيلة الضريبية ومعها الموارد المطلوبة للإنفاق العام.

الخلاصة أنه- مع استثناء الدول المصدرة للنفط- فإن الوضع العالمى خطير ولايزال فى بداياته، والمستقبل غير واضح المعالم، والبدائل المتاحة أمام الحكومات- كل الحكومات- محدودة وصعبة.

ونحن جزء من هذا العالم، ولكن هناك مع ذلك ما يمكن عمله للخروج من هذه المحنة، بل واقتناص الفرص والخروج بأفضل مما كنا. وأقول هذا دون التقليل من صعوبة المهمة التى تواجه حكومتنا ومسؤولينا فى هذا الظرف الحرج، وإليكم ما أقترحه:

علينا أولًا إدراك أن الحالة الراهنة خطيرة وممتدة، وأن الخروج منها بأقل الخسائر الممكنة يحتاج لتجاوز المناقشات والخلافات بشأن الماضى، وتوجيه الطاقات كلها نحو الحاضر والمستقبل لأن الوضع لا يحتمل ضياعًا للوقت ولا الجهد. والمستقبل هو الاستثمار والإنتاج ولا أى شىء آخر.

يلزم أيضًا التعامل مع الأزمة الراهنة من منظورها الإنسانى وليس فقط الاقتصادى، فهذا وقت الوقوف بجانب المواطنين ومساندة الكادحين والمهددين بالسقوط فى دائرة الفقر بكل الوسائل، حتى مع إرجاء تحقيق مستهدفات طموحة فى إدارة الموازنة العامة أو فى استكمال مشروعات كبرى، لأن الحفاظ على إنسانية وكرامة المواطنين فى هذه الظروف القاتمة هو الأهم.

أتمنى أيضًا أن يستوعب المسؤولون- والرأى العام معهم- أن هذا الإعصار لن تنجح فى مواجهته ولا حمايتنا منه ذات الأدوات المعتادة والتى كان نجاحها محدودًا حتى فى الظروف العادية. لن يصلح الحديث عن تعديل القوانين، ولا إرسال بعثات تجوب العالم، ولا تشكيل لجان دراسة مشاكل المستثمرين، ولا النظر فى إعفاءات ضريبية جديدة تأكل المزيد من مواردنا القومية.

الموضوع يحتاج لتعبئة حقيقية من كل أجهزة الدولة لتحقيق هدف واحد وهو الوقوف إلى جانب كل من يسعى للعمل والإنتاج والتصنيع والتصدير والتشغيل، لأن من يحافظ على قوة العمل اليوم- بل ويزيدها- يستحق أن يُعامل معاملة الأبطال.

نحتاج أيضًا لإغلاق الملفات المعلقة والمعطَّلة، فعليًا ونفسيًا، لتحقيقات لم تنتهِ، ومطالبات بلا قيمة، وملاحقات غير ذات جدوى، ولفتح أبواب التراخيص والموافقات خاصة لصغار المستثمرين، طالما ليس فيها ضرر معلوم للناس والبيئة والأمن العام، ولتخفيف قبضة البيروقراطية، ولحماية صغار المنتجين وكبارهم من الخوف والقلق الذى يُعطل المبادرات والاستثمارات.

وأخيرًا وليس آخرًا، نحتاج لشحذ كل الجهود وكل الأفكار والمبادرات المتاحة ليس فقط لتجاوز العقبات بل لاقتناص الفرص، نحتاج لفتح أبواب الاجتهاد فى الرأى وعدم الخشية من الحوار ومن الانتقاد، ونحتاج لاستعادة كل الخبرات والكفاءات المصرية لكى تشارك وتدلى برأيها، بما فيها المهاجر والمعزول والموقوف دونما سبب مقنع، ونحتاج لتواصل مع صغار المنتجين والمستثمرين من خلال جمعياتهم ونقاباتهم واتحاداتهم كى يشعروا بأن أجهزة الدولة تحميهم بدلًا من أن تلاحقهم.

نحن أمام تجربة كبيرة وصعبة، وثقتى كبيرة أننا سنخرج منها سالمين لو تضافرت الجهود ونجحنا فى إطلاق الطاقات الاستثمارية والإبداعية، وتعاملنا مع الأزمة الراهنة بتفكير جديد وأدوات جديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة عميقة وممتدة فدعونا نتكاتف لمواجهتها الأزمة عميقة وممتدة فدعونا نتكاتف لمواجهتها



GMT 19:01 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

همسات :من سيفوز بـ"كيكة" العراق؟

GMT 18:57 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

ضـرب «الأونروا» ليس قضية هامشية

GMT 15:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هموم الاقتصاد ... عالمياً وعربياً

GMT 09:01 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

(أردوغان: نصف ديموقراطي، نصف دكتاتور)

GMT 08:57 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

عن الحلول السياسية

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon