توقيت القاهرة المحلي 15:32:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى مئوية «هيكل».. اجتمع الفرقاء

  مصر اليوم -

فى مئوية «هيكل» اجتمع الفرقاء

بقلم - زياد بهاء الدين

الاحتفال بمئوية ميلاد الأستاذ محمد حسنين هيكل الذى أقيم الأسبوع الماضى فى متحف الحضارة كان مختلفا عن كثير من المناسبات المماثلة التى يجرى فيها تكريم شخصيات سياسية أو أدبية أو علمية مرموقة. فالعرف عندنا أن التكريم يكون بالإسهاب فى وصف أعمال ومواقف وتراث المكرمين، والمبالغة فى التمجيد، والتوقف عند الماضى دون التطلع لما تركوه من أثر على الحاضر والمستقبل.

استثناء من ذلك، نجحت أسرة الأستاذ «هيكل» وعلى رأسها زوجته السيدة «هدايت» فى كسر هذه القاعدة بإحياء ذكراه فى أمسية اشتملت على فيلم شيق وملىء بالأحداث والمعلومات عن سيرته المهنية وارتباطها بالأحداث الجسيمة التى شهدها الوطن العربى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى الربيع العربى وتوابعه، كما تضمنت كلمات تجاوزت المعانى الرثائية التقليدية إلى التأمل فى الأحوال الراهنة، وندوة بين كاتبين مرموقين بريطانيين عن التغيرات العالمية، وكان ختامها تسليم جائزة مؤسسة «هيكل» السنوية إلى صحفيين شابين ودعوتهما لإلقاء كلمتين كانتا أفضل ختام لأمسية بالغة الثراء. وبهذا نجحت السيدة «هدايت» مع أسرتها وأصدقائهم فى تقديم نموذج نادر للتكريم الذى يتجاوز ذكر محاسن وفضائل المكرم إلى تناول قضايا العصر والمستقبل وفتح آفاق التقدم للشباب باسمه.

على أن أكثر ما استوقفنى كان تنوع الحاضرين سياسيا وعبر الأجيال على نحو نادر التكرار هذه الأيام. تقدم الصفوف السيد المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية السابق، معبرا بذلك عن حضور الدولة ومكانة الأستاذ هيكل المستمرة لديها، وبالطبع حضر المعارضون أيضا. وحضر التيار الناصرى ممثلا بكافة قياداته التاريخية والمعاصرة، وحضر رموز حزب الوفد «الحقيقى» (إذا جاز التعبير)، وبعض المسؤولين من الحقبة الساداتية ومسؤولون أكثر من الحقبة المباركية، والليبراليون واليساريون، والإعلاميون من كل الأجيال ومن مختلف وسائل الإعلام الحكومية والمستقلة، كما حضر الشباب، والضيوف العرب.

دار فى بالى التساؤل حول ما جعل هؤلاء «الفرقاء»، بل أحيانا الخصوم السابقين، يجتمعون حول مئوية الأستاذ «هيكل» مع اختلاف الآراء والتوجهات، حتى إن بعض المتحدثين حرصوا على أن يبدأوا كلماتهم بذكر المسافة الفكرية بينهم وبين صاحب المناسبة.

وأظن أن وراء هذا التجمع نادر الحدوث، وغير المتوقع، أكثر من سبب: بالتأكيد أنها مئوية وأن المحتفى به ليس مجرد كاتب أو صحفى، بل الرجل الأكثر حضورا محليا وعربيا على الصحافة لأكثر من نصف قرن، وصاحب التأثير المباشر الأكبر على الحقبة الناصرية، ثم المؤثر بشكل غير مباشر وإن كان بفاعلية شديدة على الحقب التالية، من موقع الداعم أحيانا والمعارض أحيانا، وصاحب الرؤية الثاقبة فى كل الأحوال.

ولكن بالإضافة لذلك فإن تجمع المئوية جاء - فى تقديرى - معبرا عن اعتبارات ومشاعر أخرى. الحاجة ربما لتجمع الفرقاء للتشاور والتعاون حيال ظروف اقتصادية وسياسية ضاغطة، محليا وإقليميا، ودوليا، وتجاوز خلافات حقيقية أو وهمية سابقة. وقد تكون الرغبة فى استحضار أفكار الأستاذ «هيكل» ومنهجه التحليلى الدقيق والصارم لفهم الأوضاع العالمية وفك ألغاز مستقبل صرنا متفرجين له ومتلقين لتداعياته.

وأخيرا فإن اللقاء كان فيه جانب من استعادة الماضى (ترجمة ربما غير دقيقة لتعبير «نوستالجيا»)، وأقصد بذلك استرجاع ذكريات أزمنة ربما كانت فيها الآراء السياسية متباينة، والمصالح الاقتصادية متعارضة، والتحديات الخارجية كبيرة. ولكن كانت مصر فيها بلا شك رائدة الصحافة والإعلام، وصوت العرب الكاسح، وكانت للمؤسسات الصحفية حتى وهى مملوكة للدولة ساحات لمعارك سياسية ولعمالقة يشتبكون فكريا ولإبداع وتجديد تجاوز كل القيود المفروضة عليه.

مئوية الأستاذ «هيكل» كانت مناسبة للاحتفال ليس فقط بالصحفى والكاتب «الظاهرة»، ولكن بمصر وتنوعها وثراء ثقافتها وقوتها الناعمة والتأمل فى كيفية استعادتها برغم كل الظروف الصعبة.

فشكرا للسيدة «هدايت» وأسرتها وأصدقائهم على إتاحة هذه الفرصة للتأمل والتذكر والتطلع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى مئوية «هيكل» اجتمع الفرقاء فى مئوية «هيكل» اجتمع الفرقاء



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon