توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محاضرة فرنسية هامة.. وصريحة

  مصر اليوم -

محاضرة فرنسية هامة وصريحة

بقلم - زياد بهاء الدين

دُعيت أمس الأول من جانب جمعية «كيميت بطرس غالى»، التى أسسها ويرأسها رجل الأعمال السيد ممدوح عباس لحضور محاضرة مهمة ألقاها «جون إيف لودريون»، الوزير الفرنسى السابق للدفاع ثم الخارجية لمدة عشر سنوات كاملة، من ٢٠١٢ إلى ٢٠٢٢.

أهمية المحاضرة لم تكن فى أنها جاءت بجديد. فالرجل لم يقل ما لم يكن الحاضرون يعرفونه. بل كانت فيما عبر عنه- وبصراحة شديدة- عما يمكن توقعه من الجانب الفرنسى حيال المأساة الواقعة على أرض غزة. وقد تميزت فرنسا عبر عقود طويلة بمواقف أكثر اعتدالًا نسبيًا من القضية الفلسطينية مقارنة بغيرها من الدول الأوروبية الكبرى. ومع ذلك فأظن أن ما قاله يعبر عن الموقف الأوروبى عمومًا من الوضع الراهن، ربما مع استبعاد البلدان التى أخذت مواقف أكثر إنصافًا، وعلى رأسها إسبانيا وأيرلندا.

السيد «لودريون» قال إن على إسرائيل وقف إطلاق النار فورًا، وعليها السماح بتدفق المساعدات الإنسانية، وعليها قبول حل الدولتين، والبدء فى تنفيذه بحسن نية، وندد بسقوط الضحايا العزل، وطالب باتخاذ موقف دولى دبلوماسى أكثر حسمًا، وذكَّرنا بأن فرنسا لم تتخلَّ عن التزاماتها بدعم المنظمات الدولية العاملة فى غزة. وهذا كله كلام لا بأس به ومحل ترحيب.

ولكن الواقع أن ما طرحه لن يكفى لوضع نهاية للعدوان الإسرائيلى، ولا للبدء فى وضع أسس مستقبل فلسطينى عادل ومستدام. فلا ذِكر لما مارسته إسرائيل من سياسات عنصرية واستعمارية فى الضفة الغربية وغزة طوال العقود الماضية، بل الحرب الحالية تبدأ بهجوم حماس يوم ٧ أكتوبر ولا شىء قبل ذلك، ولا تذكر أن وضع غزة كان وضعًا مستحيل الاستمرار، وأن العالم «المتحضر» سكت عشرات السنين على بقاء أهل غزة محبوسين فى سجن لا إنسانى، ولا استعداد لقبول لأى ضغوط فعلية على إسرائيل لدفعها لوقف العدوان ثم الانسحاب، ولا اعتراف بأن هناك منذ البداية طرفًا معتديًا وآخر معتدى عليه، لا طرفين متكافئين يمكن معاملتهما على قدم المساواة. ورغم أسئلة الحاضرين من الدبلوماسيين والأكاديميين والصحفيين المتحفظة على مضمون المحاضرة، والمنادية بالمزيد من الضغط الفرنسى على إسرائيل، إلا أن المحاضر السياسى المخضرم لم يهتز أو يبدى ترددًا أو تغيرًا فى موقفه، بل انتقد بدوره من لم ينصتوا جيدًا لما قاله بوضوح!.

لهذا تحديدًا وجدت المحاضرة مهمة وقيمة، لأنها بينت لنا- وبصراحة ووضوح شديدين- المساحة التى من الممكن لغالبية الدول الأوروبية أن تتحرك فيها لوقف العدوان على غزة وأهلها، ولوضع نهاية لنزيف الضحايا وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة، كما عرفتنا من جهة أخرى على الخطوط الحمراء التى لن تتجاوزها مهما بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين، ومهما زادت الضغوط الطلابية والشبابية فى العواصم الأوروبية، ومهما ارتفعت حدة البيانات والمواقف العربية الرسمية. وهذه رسالة علينا الإنصات إليها بعناية وفهمها والتعامل معها بواقعية.

كلمة الوزير السابق تضمنت رسائل أخرى مهمة، على رأسها أهمية الدور المصرى للتوصل إلى اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلى مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، واستمرار اعتبار إيران المصدر الرئيسى للعنف والإرهاب فى المنطقة، وأخيرًا انتقاد مستتر للموقف الأمريكى السابق بتصور إمكان تسوية القضية الفلسطينية من خلال تطبيق برنامج تعمير وتنمية اقتصادية يتجاهل الواقع السياسى والاجتماعى. ولم يفته طبعًا أن يمر مرور الكرام على «الملفات» الأخرى الساخنة فى المنطقة: لبنان، وليبيا، والسودان، وسد النهضة، والملاحة فى البحر الأحمر.

الرسالة- بالنسبة لى على الأقل- كانت التالية: مع أن العدوان الإسرائيلى تجاوز أسوأ الكوابيس فى وحشيته، ومع أن الرأى العام العالمى تغير موقفه من القضية الفلسطينية، ومع أن الولايات المتحدة تحاول ان تبدو «ضاغطة» على إسرائيل، إلا أن هناك خطوطًا حمراء لن يمكن لعواصم الغرب أن تتجاوزها، وهى خطوط تحددت عبر عشرات السنين وارتبطت بالثقافة السياسية السائدة والمستقرة داخل وجدان غالبية الناس، وفى المؤسسات العميقة.

■ ■ ■

المحاضرة كانت فرصة لفهم الحالة السياسية الأوروبية السائدة، وللخروج من دائرة الحوار المحلى المغلق الذى ندور فيه. أما الآن فالأولوية لوقف العدوان الإسرائيلى ولنصرة أهل غزة، ولتجنب مذبحة كبرى فى رفح، ثم لإدخال المساعدات الإنسانية لعل هذا الكابوس ينتهى ويجد أهلنا فى غزة أملًا فى حياة طبيعية حُرموا منها لعقود طويلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاضرة فرنسية هامة وصريحة محاضرة فرنسية هامة وصريحة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon