توقيت القاهرة المحلي 20:00:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المستفيدون والمتضررون من أزمتنا الاقتصادية

  مصر اليوم -

المستفيدون والمتضررون من أزمتنا الاقتصادية

بقلم - زياد بهاء الدين

مع صعوبة الوضع الاقتصادى الراهن وتداعياته على الغالبية العظمى من الناس، إلا أن كل ظرف مماثل لا يخلو من جانبين، المستفيدون منه والمتضررون. هكذا الحياة.. وهكذا الاقتصاد.

المتضررون هم الغالبية الواسعة ممن شهدوا خلال العامين الماضيين تراجعا كبيرا فى القوة الشرائية لدخولهم، حتى بعد الزيادات المتوالية فى الأجور، بسبب الغلاء الجامح الذى اقتحم كل البيوت والطبقات الاجتماعية، ودفع لتغيير أنماط الاستهلاك خاصة فى محيط الطبقات الوسطى.

على الجانب الآخر، فإن هناك من استفادوا من الوضع الاقتصادى الراهن، وإن كانت التفرقة واجبة بين الاستفادة المشروعة من الظروف الاستثنائية وبين المكاسب التى تحققت بسبب مخالفة القانون.

فقد استفاد مثلا فى السنوات الماضية من تاجر فى العملة فى السوق السوداء حيث الأرباح خيالية، وكذلك استفاد من نجحوا فى اقتطاع أنصبة غير مستحقة من المواد المدعومة وإعادة بيعها بأسعار استغلالية. هذه الأنشطة، مهما تزينت بأسماء براقة، فإنها فى نهاية الأمر جرائم يعاقب عليها القانون.

ولكن فى المقابل، فقد استفاد كثيرون ممن نجحوا، سواء بعمل دؤوب، أو استشراف لطبيعة الأسواق، أو بحسن الحظ، فى تحويل المصاعب إلى فرص. على رأس هؤلاء بلا شك من كان لهم من الأصل نشاط تصديرى أو تمكنوا من تحويل إنتاجهم المحلى إلى الخارج. واستفاد أكثر من كان أقل احتياجًا للاستيراد أو تدبير عملة أجنبية لشراء معدات أو مواد خام. كذلك استفادت - خاصة فى السنوات السابقة على الأزمة- شركات المقاولات والأنشطة المرتبطة بالبناء والتشييد وصناعة مستلزماته التى تفاعلت بسرعة مع تغير الظروف وخاطرت بالتوسع والإنفاق على المعدات والكفاءات. واستفاد أيضا، ربما دون مجهود اضافى، من شاء حظه أن يكون دخوله بالعملة الأجنبية لأى سبب، كما استفاد المصريون العاملون فى الخارج ممن زادت القوة الشرائية لتحويلاتهم النقدية.

هناك إذن مستفيدون، كما أن هناك خاسرين. فما المشكلة؟ ليست مشكلة واحدة، بل ثلاث.

الأولى أن المستفيدين أقل بكثير من المتضررين. الشركات المصدرة بنجاح ودون عوائق فى استيراد مستلزماتها محدودة العدد ولا تقارن بالشركات التى تواجه ظروفًا صعبة بسبب ارتفاع تكلفة كل مستلزمات الإنتاج ومعها الرسوم والضرائب ومعها الأجور. ومن يتقاضون دخولا اجنبية من الأفراد هم أعضاء نخبة محدودة العدد. والشركات التى استفادت من عوائد المقاولات والتشييد والبناء دخلت مؤخرا مرحلة أكثر صعوبة بدأت تتآكل فيها أرباحها السابقة. أما المصريون فى الخارج فليسوا غالبية الشعب.

المشكلة الثانية أن طبيعة اقتصادنا وضعف آلياته «التوزيعية» لا تمكن من الاستفادة الأوسع من «ثمار النجاح» التى يحققها المستفيدون خاصة مع غياب الحافز الكافى لإعادة الاستثمار داخل الاقتصاد الوطنى وفى أنشطة إنتاجية. بل الأرجح أن تتجه تلك الأرباح إما لمزيد من الادخار العقارى أو إلى خارج مصر. وهذا كله يحد من فرصة إعادة تدوير المكاسب المحققة لخلق مزيد من فرص العمل لمن هم بأمس الحاجة إليها.

أما المشكلة الثالثة فتتعلق بسوق الصرف واستمرار وجود فجوة كبيرة بين الأسعار الرسمية والسوداء، بما يحد من رجوع حصة لا يستهان بها من حصيلة التصدير ومن مدخرات المصريين فى الخارج.

هذه العوامل الثلاثة تعنى أن ما يستفيد به جزء من الشعب المصرى لا يتحول إلى مكسب قومى ينتشر ويحفز ويساعد الغالبية العظمى من المتضررين.

والعمل؟

يظل الإصلاح الشامل والعميق الذى يعيد للاقتصاد توازنه ويطلق طاقات الإنتاج والاستثمار والتصدير هو المسار الذى يجب أن نسلكه إن عاجلا أم آجلا، والعاجل بالتأكيد أفضل.

ولكن إلى أن يتحقق ذلك فإن الحد الأدنى الواجب عمله هو تعظيم الاستفادة من الفرص التى أتاحتها الأزمة الاقتصادية الراهنة، وعلى رأسها تشجيع التصدير بكل قوة، ثم تشجيع من لديهم موارد بالعملة الأجنبية على رد حصيلتهم لمصر، ثم تشجيع من تتحقق لهم فوائض وأرباح على إعادة استثمارها فى أنشطة إنتاجية داخل البلد.

وأؤكد أن المطلوب هو التشجيع لا الترهيب، ونشر الثقة لا الخوف، وزيادة التسهيلات لا الضرائب، لأن الترهيب لن يأتى بنتيجة إلا المزيد من الخوف الذى يدفع لخروج الأموال والإحجام عن الاستثمار وضيق دائرة من يستفيدون من الفرص التى تتيحها الأزمة الراهنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المستفيدون والمتضررون من أزمتنا الاقتصادية المستفيدون والمتضررون من أزمتنا الاقتصادية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon