توقيت القاهرة المحلي 20:57:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغلاء.. هل هناك ما يمكن عمله؟

  مصر اليوم -

الغلاء هل هناك ما يمكن عمله

بقلم - زياد بهاء الدين

لا أظن أن هناك ما يشغل الناس أكثر من الغلاء.. لا السياسة، ولا الحوارات، ولا حتى مباريات كرة القدم وأخبار الفنانين.

الغلاء سيد الموقف، والناس تلهث وراء الأسعار المرتفعة بشكل متواصل، فى متابعة حثيثة لآخر مستجدات مختلف أنواع الغذاء والخدمات والفواتير المنزلية، متنقلة كل بضعة أيام بين هذه السلعة وتلك، وبين المقارنات للمعروض فى الأحياء السكنية والمناطق المختلفة، كأنها مباراة ساخنة ومحمومة لا يكاد المواطن يقدر على متابعتها.

التضخم الرسمى مرتفع للغاية، وقد بلغ فى شهر يونيو الماضى - وفقًا لبيانات البنك المركزى - أحد أعلى المعدلات التى بلغتها مصر فى العقود الماضية.. ولكن تجارب المواطنين ومعاناتهم اليومية تتجاوز ذلك بكثير، والخوف مما سيأتى به العام الدراسى المقبل من زيادات فى أسعار المدارس والدروس ومستلزماتها يقلق كل بيت.

الخطاب الحكومى المعروف أن الاقتصاد كان على مسار سليم، إلى أن طرأت أزمتا «كورونا» و«أوكرانيا»، فتعقد الوضع، واضطرب الاقتصاد العالمى، وزادت الأسعار فى كل أنحاء العالم، ونحن جزء منه.. وهذا التفسير - كما كتبت وكتب آخرون من قبل - محل خلاف.. ولكن دعونا اليوم نرجئ هذا النقاش ونفكر فى الغلاء الحالى وما يمكن عمله حياله.

أكيد أن الحل الحقيقى والحاسم هو الإصلاح الهيكلى للاقتصاد وإعادته لمسار الاستثمار والإنتاج والتشغيل والتصدير.. ولكنه حل طويل المدى، حتى لو بدأنا تنفيذه اليوم. فهل هناك ما يمكن عمله لمواجهة انفلات الأسعار فى المدى القصير؟.

لنتفق أولًا على أن جانبًا لا يستهان به من الغلاء الحالى والانفلات المبالغ فيه لأسعار العديد من السلع والخدمات ليس مما يمكن تفسيره أو تبريره اقتصاديا، لا بتراجع الإنتاج، ولا بانخفاض قيمة الجنيه المصرى، ولا بالقيود على الاستيراد. هناك زيادة مفرطة نابعة بالتأكيد من خلل بالغ فى السوق المحلية، وهناك أرباح هائلة يحققها كل مَن لديه القدرة على تخزين السلع وتقييد توافرها والتلاعب فى أسعارها.. ولكن إلقاء اللوم على جشع التجار ليس الحل، لأن فساد الأخلاق وقلة الضمائر مما يلزم توقعه والتعامل معه والتدخل لمواجهته ومنع وقوعه.

نعود إذن إلى الدولة وما يلزم عليها أن تقوم به لكى تمنع «جشع التجار» من السيطرة على مصائر الناس إلى هذا الحد. وهنا نجد أن الخطاب الشعبى والبرلمانى يعود بنا إلى مطالب وحلول لا تنتمى للعصر: الضرب بيد من حديد.. إحكام الرقابة على الأسواق.. تغليظ العقوبات.. فرض أسعار جبرية.. كلام للأسف نظرى ولن يكون له أثر على أرض الواقع، لأن الواقع نفسه اختلف عن العصر الذى كان يمكن فيه للدولة الاعتماد على هذه الأدوات التقليدية.

أدوات العصر هى كسر الاحتكارات والقيود القائمة التى تتيح لبعض المنتجين والتجار وأصحاب المخازن التحكم والتلاعب فى الأسعار. واقع اليوم أن المنافسة محدودة وغير قادرة على زعزعة سيطرة التجار على الأسواق، لأن دخول لاعبين جدد إلى الساحة - بما يهز العروش القائمة - مكبل بقيود كثيرة ومعقدة ومكلفة ومعطلة.

تخيلوا ما يمر به الراغب فى فتح محل جديد أو منفذ متواضع فى المدينة لكى «يستورد» فيه منتجات القرى المجاورة مباشرة دون أن يمر على سلسلة الوسطاء المعروفة والمستقرة. تخيلوا الوقت والتكلفة والإجراءات التى يتطلبها الحصول على ترخيص بذلك، والمعارك الضارية التى سوف يلزم عليه أن يخوضها ضد البيروقراطية والروتين والقواعد الجامدة قبل أن يبدأ المعارك التالية مع المنافسين.

التضخم حقيقى وموجع، والأرجح مستمر، إلى أن تتخذ الدولة السياسات والإجراءات اللازمة لتصحيح المسار الاقتصادى، ثم تأتى هذه الإصلاحات بمفعولها بما يعالج الخلل من جذوره.. ولكن إلى أن يحدث كل هذا، فإن بيدنا اتخاذ ما يلزم للحد من انفلات الأسعار المبالغ فيه، ومن جشع التجار والمحتكرين، ليس بالوسائل القديمة التى لم تعد تناسب واقعنا، بل بفتح باب المنافسة بين صغار التجار وصغار الموردين وصغار البائعين، و«صغار» كل من يرون فرصة لتحقيق ربح ولو بسيط، لو فقط أتيحت لهم فرصة المنافسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغلاء هل هناك ما يمكن عمله الغلاء هل هناك ما يمكن عمله



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:57 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
  مصر اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:00 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

موعد إجراء قرعة كأس العالم 2018 والقنوات الناقلة

GMT 02:32 2020 الثلاثاء ,21 تموز / يوليو

سلطنة عُمان تسجل 1739 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 07:10 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

رشا مهدي تعلق على انسحاب الزمالك من مباراة القمة

GMT 19:06 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

الجونة يضم حارس الأهلي عمر رضوان رسميًا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon