توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغلاء.. هل هناك ما يمكن عمله؟

  مصر اليوم -

الغلاء هل هناك ما يمكن عمله

بقلم - زياد بهاء الدين

لا أظن أن هناك ما يشغل الناس أكثر من الغلاء.. لا السياسة، ولا الحوارات، ولا حتى مباريات كرة القدم وأخبار الفنانين.

الغلاء سيد الموقف، والناس تلهث وراء الأسعار المرتفعة بشكل متواصل، فى متابعة حثيثة لآخر مستجدات مختلف أنواع الغذاء والخدمات والفواتير المنزلية، متنقلة كل بضعة أيام بين هذه السلعة وتلك، وبين المقارنات للمعروض فى الأحياء السكنية والمناطق المختلفة، كأنها مباراة ساخنة ومحمومة لا يكاد المواطن يقدر على متابعتها.

التضخم الرسمى مرتفع للغاية، وقد بلغ فى شهر يونيو الماضى - وفقًا لبيانات البنك المركزى - أحد أعلى المعدلات التى بلغتها مصر فى العقود الماضية.. ولكن تجارب المواطنين ومعاناتهم اليومية تتجاوز ذلك بكثير، والخوف مما سيأتى به العام الدراسى المقبل من زيادات فى أسعار المدارس والدروس ومستلزماتها يقلق كل بيت.

الخطاب الحكومى المعروف أن الاقتصاد كان على مسار سليم، إلى أن طرأت أزمتا «كورونا» و«أوكرانيا»، فتعقد الوضع، واضطرب الاقتصاد العالمى، وزادت الأسعار فى كل أنحاء العالم، ونحن جزء منه.. وهذا التفسير - كما كتبت وكتب آخرون من قبل - محل خلاف.. ولكن دعونا اليوم نرجئ هذا النقاش ونفكر فى الغلاء الحالى وما يمكن عمله حياله.

أكيد أن الحل الحقيقى والحاسم هو الإصلاح الهيكلى للاقتصاد وإعادته لمسار الاستثمار والإنتاج والتشغيل والتصدير.. ولكنه حل طويل المدى، حتى لو بدأنا تنفيذه اليوم. فهل هناك ما يمكن عمله لمواجهة انفلات الأسعار فى المدى القصير؟.

لنتفق أولًا على أن جانبًا لا يستهان به من الغلاء الحالى والانفلات المبالغ فيه لأسعار العديد من السلع والخدمات ليس مما يمكن تفسيره أو تبريره اقتصاديا، لا بتراجع الإنتاج، ولا بانخفاض قيمة الجنيه المصرى، ولا بالقيود على الاستيراد. هناك زيادة مفرطة نابعة بالتأكيد من خلل بالغ فى السوق المحلية، وهناك أرباح هائلة يحققها كل مَن لديه القدرة على تخزين السلع وتقييد توافرها والتلاعب فى أسعارها.. ولكن إلقاء اللوم على جشع التجار ليس الحل، لأن فساد الأخلاق وقلة الضمائر مما يلزم توقعه والتعامل معه والتدخل لمواجهته ومنع وقوعه.

نعود إذن إلى الدولة وما يلزم عليها أن تقوم به لكى تمنع «جشع التجار» من السيطرة على مصائر الناس إلى هذا الحد. وهنا نجد أن الخطاب الشعبى والبرلمانى يعود بنا إلى مطالب وحلول لا تنتمى للعصر: الضرب بيد من حديد.. إحكام الرقابة على الأسواق.. تغليظ العقوبات.. فرض أسعار جبرية.. كلام للأسف نظرى ولن يكون له أثر على أرض الواقع، لأن الواقع نفسه اختلف عن العصر الذى كان يمكن فيه للدولة الاعتماد على هذه الأدوات التقليدية.

أدوات العصر هى كسر الاحتكارات والقيود القائمة التى تتيح لبعض المنتجين والتجار وأصحاب المخازن التحكم والتلاعب فى الأسعار. واقع اليوم أن المنافسة محدودة وغير قادرة على زعزعة سيطرة التجار على الأسواق، لأن دخول لاعبين جدد إلى الساحة - بما يهز العروش القائمة - مكبل بقيود كثيرة ومعقدة ومكلفة ومعطلة.

تخيلوا ما يمر به الراغب فى فتح محل جديد أو منفذ متواضع فى المدينة لكى «يستورد» فيه منتجات القرى المجاورة مباشرة دون أن يمر على سلسلة الوسطاء المعروفة والمستقرة. تخيلوا الوقت والتكلفة والإجراءات التى يتطلبها الحصول على ترخيص بذلك، والمعارك الضارية التى سوف يلزم عليه أن يخوضها ضد البيروقراطية والروتين والقواعد الجامدة قبل أن يبدأ المعارك التالية مع المنافسين.

التضخم حقيقى وموجع، والأرجح مستمر، إلى أن تتخذ الدولة السياسات والإجراءات اللازمة لتصحيح المسار الاقتصادى، ثم تأتى هذه الإصلاحات بمفعولها بما يعالج الخلل من جذوره.. ولكن إلى أن يحدث كل هذا، فإن بيدنا اتخاذ ما يلزم للحد من انفلات الأسعار المبالغ فيه، ومن جشع التجار والمحتكرين، ليس بالوسائل القديمة التى لم تعد تناسب واقعنا، بل بفتح باب المنافسة بين صغار التجار وصغار الموردين وصغار البائعين، و«صغار» كل من يرون فرصة لتحقيق ربح ولو بسيط، لو فقط أتيحت لهم فرصة المنافسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغلاء هل هناك ما يمكن عمله الغلاء هل هناك ما يمكن عمله



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon