توقيت القاهرة المحلي 18:39:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اختبارات الديمقراطية.. ربع سكان العالم ينتخبون هذا الأسبوع

  مصر اليوم -

اختبارات الديمقراطية ربع سكان العالم ينتخبون هذا الأسبوع

بقلم - زياد بهاء الدين

الأسبوع الماضى، كان حافلا بالانتخابات فى مختلف أنحاء العالم. فى المكسيك والهند وجنوب إفريقيا، وكلها بلدان كانت حتى وقت قريب تعتبر «نامية»، حيث فازت سيدة لأول مرة (كلوديا شاينباوم) بمنصب رئيس جمهورية المكسيك، بينما فى الهند جرت انتخابات برلمانية على مدى ستة أسابيع، والأرجح أن يفوز بها الحزب الحاكم برئاسة «مودى»، أما فى جنوب إفريقيا فالتوقعات ألا يتمكن حزب «نيلسون مانديلا» من الحصول على الأغلبية البرلمانية المطلقة التى تمتع بها لمدة ثلاثين عاما ويضطر لتشكيل حكومة ائتلافية. من جهة أخرى، وفى بلدان الديمقراطيات القديمة، فإن سكان الاتحاد الأوروبى يستعدون خلال الأيام القادمة لانتخاب برلمان جديد.

هذه الانتخابات الأربعة وحدها تضم بلدانا يقطنها حوالى اثنين مليار ومائتى مليون شخص، بما يعنى أنه خلال هذا الأسبوع وحده سيكون أكثر من ربع الناخبين فى العالم كله قد أتيحت لهم فرصة الإدلاء بأصواتهم فى انتخابات رئاسية أو برلمانية.

هذه اختبارات هامة للديمقراطية، لأنها تأتى فى أعقاب حقبة تعرضت فيها ممارسات الديمقراطية لانتكاسات عديدة، وباتت الفكرة فى حد ذاتها محل انتقاد حتى بين من كانوا فى الأصل مؤيدين لها.

فى بعض البلدان الأوروبية وفى الولايات المتحدة جاءت الانتخابات بأشخاص وقوى وتيارات معادية للعدالة وحكم القانون وطارحة لأفكار بعيدة كل البعد عن المثل العليا التى نهضت عليها فكرة الديمقراطية خلال العقود الماضية. وفى بلدان أخرى فوجئنا بحكومات تقصر مبادئ الحرية والقانون والعدالة على شعوبها داخليا، ولكن تطبق على شعوب العالم الأخرى (النامية بالذات) معايير مختلفة تماما بل ومعادية لكل ما تروج له داخليا. وهذه الازدواجية فى المعايير ظهرت فى حالات كثيرة ولكن تفجرت على السطح فى مسلك بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة حيال العدوان الإسرائيلى على غزة وسكانها، بل بلغت انحدارا غير مسبوق فى التهديد الأمريكى بمعاقبة أى محكمة دولية تدين إسرائيل!

من جهة أخرى فإن سيادة الديمقراطية كنموذج مثالى للحكم شهدت منافسة لا يستهان بها مع صعود الصين كقوة اقتصادية ثانية عالميا ونجاحها المذهل فى أن توفر لمئات الملايين خلال الأربعين عاما الماضية مخرجًا من المجاعة والفقر والتخلف. وقد قدمت بذلك نموذجًا مغايرًا لا يعتبر الديمقراطية البرلمانية هدفا أو إطارًا مطلوبًا من الأصل، بل اعتمدت نظاما معقدا لتصعيد قيادات الدولة والحكم من خلال الحزب الشيوعى الصينى (الذى يتجاوز عدد أعضائه المائة مليون!). وفى بلدان أخرى جرى الحديث عن نماذج مخالفة للمشاركة فى الحكم، ليس فيها انتخابات ولا برلمانات، ولكن تعتمد على شراكات وتوازنات قبلية وطائفية واقتصادية.

لماذا إذن، بعد كل ما تعرضت له فكرة الديمقراطية من اضطراب وانتقاد وضياع للمصداقية، تظل مطلبا وأسلوبا معتمدا لتنظيم الحكم ليس فقط فى البلدان العريقة فى هذا النظام السياسى وإنما فى البلدان «النامية» حديثة العهد نسبيا بها؟ لماذا لا يعدل العالم عن هذا النموذج الغربى فى الأصل بعد تراجع قيمته وفاعليته؟

أظن أن ونستون تشرتشل – رئيس الوزراء البريطانى خلال الحرب العالمية الثانية وأحد رموز الانتصار على الفاشية النازية – هو الذى قال «إن الديمقراطية نظام سيئ للغاية، بل إنه نظام بشع (ترجمة awful(، ولكنه بالتأكيد أفضل أنظمة الحكم المتاحة».

لعلها بلاغة من «تشرتشل» تحمل قدرا من المبالغة، خاصة وأن التعبير من سياسى محنك كان معروفا باللغة والحنكة والذكاء والقدرة على صك التعبيرات المتميزة.. ولكن الفكرة الرئيسية تظل قائمة؛ أن الديمقراطية لو لم تعد نموذجا مثاليا للحكم، فما البديل لضمان مشاركة الناس فى اختيار من يحكمهم، وفى تداول السلطة، وفى تصحيح الأخطاء التى تقع فيها الحكومات وتعديل مساراتها، وفى حماية الحريات العامة والحقوق الخاصة، وفى فرض العدالة والمساواة وحكم القانون؟.

الحقيقة لا أعرف نظاما بديلا يمكن الركون إليه، وأجدنى فى هذا الموضوع متفقا مع «تشرتشل» فى إدراك نواقص وعيوب وحدود الديمقراطية.. ولكن الاعتراف مع ذلك بأنها أفضل المتاح. ولهذا فإن الحوار العاقل الدائر فى العالم بين المفكرين والسياسيين والأكاديميين المنشغلين بالتدهور الذى طرأ فى العقدين الماضيين على قيمة الديمقراطية ليس حوارًا منكرًا لها بالكامل، بل باحث عن كيفية تصحيح المشاكل والنواقص التى أصابتها.

ونقطة البداية أن الديمقراطية ليست مجموعة من الطقوس والإجراءات التى يلزم اتباعها كى يكون الحكم «ديمقراطيا»، وليست صناديق اقتراع ودعاية انتخابية ومقاعد برلمانية، بل جوهرها تحقيق نتائج معينة: الشراكة فى الحكم وتداول السلطة وخضوع الدولة للقانون. وكل ما يحقق هذه النتائج يكون ديمقراطيًا.. وكلما جرى تطويرها وتصحيحها نجحنا ربما فى جعلها أقل «بشاعة» مما قدره السياسى البريطانى المخضرم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختبارات الديمقراطية ربع سكان العالم ينتخبون هذا الأسبوع اختبارات الديمقراطية ربع سكان العالم ينتخبون هذا الأسبوع



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon