توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فتح ملف الصناعة (١) «القانون هو الحل»

  مصر اليوم -

فتح ملف الصناعة ١ «القانون هو الحل»

بقلم - زياد بهاء الدين

فى مؤتمر دعت إليه جمعية رجال الأعمال المصرية من يومين- حول مستقبل الصناعة والاستثمار والتصدير- طرح الحاضرون العديد من الأفكار حول ما تحتاجه الصناعة الوطنية للانطلاق.

افتتح المؤتمر السيد/ على عيسى، رئيس الجمعية، معبرًا بهدوئه الشديد (الذى يُجبر المستمعين على الإنصات)، وبلباقة عن تطلعات المصنعين المصريين وهمومهم. وألقى السيد/ أحمد سمير، وزير الصناعة، كلمة استعرض فيها تطورات الفترة الأخيرة من ناحية الإفراج عن البضائع الجمركية المعطلة، وتوفير أراضٍ صناعية جديدة، وإصدار تراخيص تشغيل، وتوفير تمويل بفائدة مدعومة. وتحدث نواب برلمانيون ورؤساء غرف تجارية وخبراء ومصنعون فى مختلف المجالات.

لا أظن أن أحدًا يختلف على أهمية النهوض بالصناعة الوطنية من أجل تعديل مسار الاقتصاد. وهو تعديل ضرورى إذا كان طموحنا ليس مجرد تجاوز أزمة مالية بل التعامل مع أسبابها وجذورها والخروج من دائرة الغلاء والبطالة والديون بشكل عميق ومستدام.

استوقفنى مع ذلك فى المداخلات المختلفة تكرار الحديث عن ضرورة تعديل القوانين المؤثرة فى الصناعة.. قوانين الاستثمار، والصناعة، والضرائب، والعمل، والشركات، والاستيراد والتصدير.. وغيرها. البعض يطالب بتعديلات جذرية، وآخرون بـ«نسف القديم» وإصدار تشريعات جديدة تحل كل المشاكل.

وجدت نفسى مختلفًا مع ما قيل فى هذا المجال، رغم أنه مجالى المهنى، والطبيعى أن أتحمس للإصلاح القانونى. ولكن الحقيقة- ربما لمشاركتى فى كثير من التشريعات الاقتصادية على مدى عشرين عامًا- أن قناعتى اتجهت مع الوقت إلى أن الإصلاح الاقتصادى الجاد لا يحتاج فى الغالب إلا لتغييرات قانونية محدودة، إن احتاجها أصلًا.

الأهم من التشريع هو الاتفاق على ما نريد أن نحققه، أى تحديد السياسات الاقتصادية السليمة. وهذه لا تحتاج بالضرورة لتعديل تشريعى، بل توجه مختلف لإدارات الدولة وأسلوب مختلف فى التنفيذ.

هل نحتاج مثلًا لتغيير القوانين كى نطلق يد القطاع الخاص الصناعى فى الاستثمار والتشغيل والتصدير؟ لا أظن، بل غل يد البيروقراطية عن العرقلة اليومية. وهل نحتاج تشريعًا للحد من منافسة الدولة غير المتكافئة مع القطاع الخاص؟ لا أرى ذلك، بل نحتاج توجهًا سياسيًا لتحديد وتنظيم دور الدولة فى النشاط الاقتصادى. وهل نحتاج نصوصًا جديدة لكى نطبق نصوصًا قائمة بالفعل وشديدة الوضوح عن سرعة إصدار التراخيص، وتوفير الأراضى والمرافق، ودعم تدريب العمالة؟ إطلاقًا، بل مجرد تطبيق تلك النصوص القديمة بجدية.

قبل تعديل القانون أو حتى التفكير فيه نحتاج سياسة واضحة، وأولويات أكثر وضوحًا، وقناعة داخل مؤسسات الدولة بأن المستثمر الصناعى ليس خصمًا بل شريكًا، وأن مكسب المصنعين لا ينتقص من الدخل القومى بل يضيف له، ويعظم مكاسب المجتمع والدولة والاقتصاد الوطنى.

فإذا تحددت هذه السياسة وباتت دستورًا ينظم ويقيد كل أجهزة الدولة، عندئذ فقط يمكن النظر فيما يلزم تعديله فى هذا التشريع أو ذاك، وما يحتاج مزيدًا من الإيضاح أو التفصيل فى لائحة أو قرار، وما يتطلب مجرد متابعة تنفيذية على أرض الواقع.

إصدار تشريعات جديدة أو مجرد الحديث عنها جذاب، ويُعطى شعورًا بالإنجاز، وبأن هناك شيئًا كبيرًا يجرى الإعداد له، وأن صفحة بيضاء على وشك أن تنفتح ومعها مرحلة جديدة تتجاوز عيوب الماضى.

ولكن هذا نادرًا ما يتحقق على أرض الواقع، لأن الانشغال بقوانين جديدة يعطل البحث التفصيلى فيما هو معوق أو مقيد، كما أن المشاكل والعوائق لا تختفى بتشريع جديد بل تعود لتجد طريقها من خلال النصوص المستحدثة، إن لم تكن النية متوافرة لانتهاج سياسة وفلسفة جديدتين.

التشريعات الجديدة لها بالتأكيد ما يبررها، حينما يكون لها ضرورة. ولكن ما أقترحه أن يكون البدء بالفكرة، وبالسياسة الاقتصادية، وبالحوار مع الأطراف المعنية، وبالاتفاق على إعادة الاعتبار للصناعة والقطاع الصناعى والمستثمرين الصناعيين. بعد ذلك يأتى القانون ليعبر عن الفكرة لا ليستبدلها ولا ليصبح هدفًا فى حد ذاته أو إنجازًا ترحب به المنظمات الدولية دون اهتمام بآثاره الواقعية.

وأدعوكم خلال الأسابيع القادمة للمشاركة معى فى فتح ملف الصناعة الوطنية.. كى نتفق أولًا على الفكرة والفلسفة والمسار.. ثم ننظر فى كيفية إقناع الدولة بذلك.. وأخيرًا يأتى التشريع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتح ملف الصناعة ١ «القانون هو الحل» فتح ملف الصناعة ١ «القانون هو الحل»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon