توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بعد الأزمة الراهنة.. ما المسار الاقتصادى المطلوب؟

  مصر اليوم -

بعد الأزمة الراهنة ما المسار الاقتصادى المطلوب

بقلم - زياد بهاء الدين

تابعت ما تداوله الإعلام الأسبوع الماضى من تطورات إيجابية تستهدف بث رسالة طمأنة بين الناس، وعلى رأسها استقرار سعر الصرف على مستوى جديد، وورود عدة مليارات من الدولارات للبنك المركزى فى صورة ودائع من الدول الشقيقة، ووعود باستثمارات بأضعاف ذلك من صناديقها السيادية، بالإضافة لإجراءات توفير احتياجاتنا من القمح.

والحقيقة أن تحرك الدولة بسرعة على كل الأصعدة كان ملحوظا ويستحق التقدير، وقد تضمن تحركات خارجية فى دول الخليج العربى وفتح أبواب التعاون مع المؤسسات المالية العالمية، أما داخليًا فظهر فى الترتيبات الخاصة بتوريد القمح وطرح سلع غذائية مع حلول شهر رمضان ومحاولة ضبط الأسعار المنفلتة.. ولكن من جهة أخرى، فإن من الخطأ تصوير ما سبق باعتباره تجاوزًا للأزمة، لأن ما اتخذته الدولة من إجراءات خفف من ضغط المخاطر المُلحة، ولكنه لم يخاطب المشاكل الهيكلية التى تسببت فيها من الأصل والتى أزعم أنها لم تكن وليدة الغزو الروسى لأوكرانيا، بل متراكمة من قبل ذلك.

الودائع الخليجية التى دخلت خزائن البنك المركزى، مهما كانت شروطها مريحة، فإنها فى النهاية ديون جديدة تضاف إلى رصيد المديونية الخارجية الذى كان كبيرا قبل وقوع الحرب الأوكرانية. والشروط الميسرة يمكن فى ظل تغيرات سياسية مقبلة أن تتحول إلى شروط مجحفة وأدوات للضغط كما شهدنا من قبل حتى من بعض أشقائنا العرب. وبرامج المساندة الدولية هى الأخرى تأتى بشروط قد تكون سليمة من الناحية الفنية ولكنها لا تأخذ فى الاعتبار الأوضاع الاجتماعية، كما أنها فى كل الأحوال ديون وتزيد بدورها من رصيد مديونيتنا الخارجية. حتى الاستثمارات الموعود بها أو التى تحققت بالفعل جاءت فى شكل شراء أسهم بعض الشركات الخاصة الأكثر نجاحا وتأثيرا وسيطرة على السوق المصرية، وهى بالطبع محل ترحيب، ولكن يصعب تجاهل حقيقة أنها استفادت من انخفاض أسعار الأسهم الوطنية ومن احتياجنا لتلك الاستثمارات بشكل ملح.

ما أقبلت عليه الدولة كان ضروريا لوقف تفاقم أزمة شَعرَ الناس بتداعياتها بسرعة وبشدة،. ولكن علينا إدراك أن هذه الإجراءات لم تحل أصل المشاكل التى أدت بنا لهذا الوضع، بل أرجأت وقوع المخاطر فى الوقت الراهن، كما أنها أضافت لأعبائنا مستقبلا.. لذلك فالمهم أن ننظر إلى الأزمة الحالية باعتبارها فرصة جديدة - ولا أقول الأخيرة - كى نتأمل الأسباب، ونتعامل معها بجدية وصراحة وحرص من كل الأطراف على المصلحة العامة.

لابد من تشجيع الاستثمار الخاص - المحلى والأجنبى - خاصة فى القطاعات الإنتاجية، لأن كل جهد تبذله الدولة، وكل تضحية يقدمها الشعب، سيكونان ضائعين إن لم تصاحبهما طفرة فى الاستثمار الصناعى والزراعى والخدمى بما يجلب المزيد من التشغيل والتصدير ويحقق استقرارا اقتصاديا واجتماعيا. ورغم الجهود الهائلة المبذولة من هيئة الاستثمار وتحركاتها المستمرة والدؤوبة، إلا أن القضية تتجاوز ما يمكن لهيئة واحدة أن تقوم به ويحتاج تنسيقا على أعلى المستويات بين مختلف الوزارات والمصالح والأجهزة - وهو غير حادث فى الوقت الحالى - كما يحتاج قبل كل شىء إلى تغيير فى توجهات الدولة حيال الاستثمار.

وهناك حاجة ملحة لتحديد دور الدولة فى الاقتصاد، ليس فقط لمنح القطاع الخاص المساحة التى يتحرك فيها بحرية، وإنما أيضا لكى تكون أولويات إنفاق الدولة أكثر تناسبا مع الموارد المتاحة فى المرحلة المقبلة. وقد تابعت إعلاميا أن مركز معلومات مجلس الوزراء بصدد إعداد إطار يحدد دور الدولة فى النشاط الاقتصادى.. ولعلها بداية طيبة، والمهم أن تكتمل وتأتى معبرة عما تحتاجه السوق بالفعل.

وعلينا التعامل مع قضية الأسعار وانفلاتها بشكل واقعى ومدروس لا خطابى وحماسى، والذى أقصده هو إدراك أن الأدوات التقليدية لضبط الأسعار ومراقبة التجار وتشديد العقوبات وإطلاق الحملات لم تعد أدوات مناسبة ولا كافية، رغم الجهود المبذولة وراءها، بل لابد أن يحل محلها اعتماد أكبر على تشجيع المنافسة، وإطلاق طاقات الشباب وإبداعهم وحماسهم لاقتحام الأسواق، لو توافرت لهم سبل ذلك دون معوقات ودون تكاليف غير مطلوبة.

التدفقات الدولارية التى وردت لمصر فى الأسبوع الماضى وهدّأت من روع الأسواق نتاج جهد وسرعة تصرف من الدولة، نحترمها ونقدرها.. ولكن دعونا لا نسارع باعتبار الأزمة انتهت أو حتى خفت وطأتها، بل لتنتهز الفرصة لفتح حوار مجتمعى واسع حول مستقبل اقتصادنا وكيفية إطلاق طاقاتنا الإنتاجية المعطلة واستغلال إمكاناتنا الاستثمارية كى نخرج من هذه الأزمة باقتصاد على مسار سليم يساعدنا على تجنب ما قد يأتى من أزمات فى المستقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعد الأزمة الراهنة ما المسار الاقتصادى المطلوب بعد الأزمة الراهنة ما المسار الاقتصادى المطلوب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon