توقيت القاهرة المحلي 19:48:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بداية غير مقنعة لعام اقتصادي جديد

  مصر اليوم -

بداية غير مقنعة لعام اقتصادي جديد

بقلم - زياد بهاء الدين

عبّرتُ الأسبوع الماضى عن أملى - وتوقُّعى أيضًا - أن يشهد مطلع العام الجديد إطلاق رسالة اقتصادية واضحة وقوية ومحددة تعبر عن عزم الحكومة تصحيح المسار وإطلاق سياسات جديدة ومغايرة لما تم انتهاجه فى السنوات الماضية.. ولكن الرسائل المتلاحقة التى صدرت خلال الأسبوع الأول من العام جاءت بعكس التمنيات والتوقعات، وبدلًا من أن تطرح رؤية إصلاحية جديدة، فإنها اتجهت للتقليل من حجم الأزمة التى نعانى منها، والتمسك بأن أسبابها خارجية، والإصرار على انتهاج ذات السياسات التى اتبعناها فى الأعوام الماضية، ربما ببعض التحسين والتطوير.

وإليكم حصاد الأسبوع:

فى اليوم الأخير من العام الماضى، صدر قرار مجلس الوزراء باعتبار ٧ سلع غذائية رئيسية من المنتجات الاستراتيجية، وفقًا لقانون حماية المستهلك، بما يعنى عدم جواز تخزينها أو حجبها عن التداول إلا وفقا للنظام الذى تضعه وزارة التموين. وبينما يستهدف القرار هدفا نبيلا وهو ضبط الأسعار المنفلتة، إلا أن اعتماده على قرارات إدارية لمواجهة الغلاء الشديد يثير القلق من كفاءة وفاعلية هذا النوع من التدخل، وما إذا كان سوف يخفّض الأسعار بالفعل أم يزيد من حدة الأزمة. والأفضل هو مواجهة التضخم بمزيد من الإنتاج والمنافسة وتشجيع صغار المنتجين والموزعين على دخول السوق.

ثم فى اليوم الأول من العام صدرت مجموعة قرارات بزيادة أسعار بعض الخدمات الأساسية، وعلى رأسها المواصلات والإنترنت والاتصالات، زيادات ليست بقليلة.

وبعدها بيومين، وفى أعقاب اجتماع مجلس الوزراء، قام السيد رئيس المجلس بشرح أسباب الزيادة فى الأسعار، منطلقا من مبدأين: أن حكومته كانت قد حققت «المعادلة السحرية» فى النمو والتشغيل وخفض البطالة حتى جاء وباء كورونا ومن بعده حرب أوكرانيا.. وأن الزيادات فى الأسعار تقابلها زيادات أكبر فى الدعم، وبالذات فى بنود الخبز والمواصلات والكهرباء والإسكان.

والرسالتان فى رأيى جانبهما التوفيق. الأولى لأن الإصرار على سلامة السياسات الاقتصادية السابقة ليس فى محله، كما أنه يؤكد تمسك الحكومة بذات النهج القديم وعدم وجود نية حقيقية للمراجعة والتصحيح. أما الرسالة الثانية الخاصة بالدعم، فغير موفقة بدورها؛ لأن الدعم مهما زاد، فإنه لا يقابل زيادات الأسعار، كما أنه فى كل الأحوال يأتى من جيوب الناس ودافعى الضرائب والرسوم وليس منحة من الدولة.

وأخيرًا، صدرت يوم الأحد الماضى وثيقة كبيرة (من ١٥٠ صفحة) عن مركز معلومات مجلس الوزراء بعنوان «أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى»، تضع تصورا طموحا من الحكومة الحالية للبرنامج الاقتصادى للدولة للسنوات الست المقبلة. والحقيقة أن الورقة فيها جهد دراسى وبحثى كبير يستحق التقدير.. ولكن يعيبها أنها تقدم مستهدفات عظيمة وطموحة دون أن توضح لنا كيفية بلوغ هذه الأهداف ولا مصادر تمويلها ولا السياسات الواجبة لها، ولا ما الذى يجعلنا نتصور إمكان تحقيقها مع بقاء ذات السياسات والتوجهات فى محلها دون تغيير.

دعونا نضع ما سبق كله فى جملة واحدة: إنكار مشاكل السياسات السابقة، محاولة ضبط الأسعار بالقرارات الإدارية، زيادة تكاليف الخدمات، برامج طويلة الأجل دون عناية بمصادر تمويلها، وإرجاء التصدى للمشاكل العاجلة.. وسوف نجد أن المحصلة النهائية هى الاكتفاء ببعض «المحسنات» على سياساتنا الاقتصادية فى السنوات الماضية دون تغيير جذرى.. وهذه عكس الرسالة المتوقعة والمأمولة، داخليا وخارجيا.

لا داعى لتكرار «روشتة» الإصلاح، فإن عناصرها معروفة ومدروسة وطُرحت تفصيليا من خبراء ومحللين ومؤسسات دولية بما لا يدع مجالا للمزيد. فقط، أضيف أن الوقت يمر، والأضرار تتراكم، والمخاطر معها، ولا أحد يهمه من كان محقا فى الماضى ومن كان مخطئا، فليس هذا وقته، بل وقت اتخاذ قرار حاسم وضرورى حول إصلاح اقتصادى حقيقى وشامل، يعيد للناس الأمل، وللأسواق الانتعاش، وللمستثمرين الثقة، وللاقتصاد القومى المكانة الإقليمية التى يستحقها.

مازلنا فى الانتظار.. ولعل القادم أفضل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بداية غير مقنعة لعام اقتصادي جديد بداية غير مقنعة لعام اقتصادي جديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon