توقيت القاهرة المحلي 18:39:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بداية غير مقنعة لعام اقتصادي جديد

  مصر اليوم -

بداية غير مقنعة لعام اقتصادي جديد

بقلم - زياد بهاء الدين

عبّرتُ الأسبوع الماضى عن أملى - وتوقُّعى أيضًا - أن يشهد مطلع العام الجديد إطلاق رسالة اقتصادية واضحة وقوية ومحددة تعبر عن عزم الحكومة تصحيح المسار وإطلاق سياسات جديدة ومغايرة لما تم انتهاجه فى السنوات الماضية.. ولكن الرسائل المتلاحقة التى صدرت خلال الأسبوع الأول من العام جاءت بعكس التمنيات والتوقعات، وبدلًا من أن تطرح رؤية إصلاحية جديدة، فإنها اتجهت للتقليل من حجم الأزمة التى نعانى منها، والتمسك بأن أسبابها خارجية، والإصرار على انتهاج ذات السياسات التى اتبعناها فى الأعوام الماضية، ربما ببعض التحسين والتطوير.

وإليكم حصاد الأسبوع:

فى اليوم الأخير من العام الماضى، صدر قرار مجلس الوزراء باعتبار ٧ سلع غذائية رئيسية من المنتجات الاستراتيجية، وفقًا لقانون حماية المستهلك، بما يعنى عدم جواز تخزينها أو حجبها عن التداول إلا وفقا للنظام الذى تضعه وزارة التموين. وبينما يستهدف القرار هدفا نبيلا وهو ضبط الأسعار المنفلتة، إلا أن اعتماده على قرارات إدارية لمواجهة الغلاء الشديد يثير القلق من كفاءة وفاعلية هذا النوع من التدخل، وما إذا كان سوف يخفّض الأسعار بالفعل أم يزيد من حدة الأزمة. والأفضل هو مواجهة التضخم بمزيد من الإنتاج والمنافسة وتشجيع صغار المنتجين والموزعين على دخول السوق.

ثم فى اليوم الأول من العام صدرت مجموعة قرارات بزيادة أسعار بعض الخدمات الأساسية، وعلى رأسها المواصلات والإنترنت والاتصالات، زيادات ليست بقليلة.

وبعدها بيومين، وفى أعقاب اجتماع مجلس الوزراء، قام السيد رئيس المجلس بشرح أسباب الزيادة فى الأسعار، منطلقا من مبدأين: أن حكومته كانت قد حققت «المعادلة السحرية» فى النمو والتشغيل وخفض البطالة حتى جاء وباء كورونا ومن بعده حرب أوكرانيا.. وأن الزيادات فى الأسعار تقابلها زيادات أكبر فى الدعم، وبالذات فى بنود الخبز والمواصلات والكهرباء والإسكان.

والرسالتان فى رأيى جانبهما التوفيق. الأولى لأن الإصرار على سلامة السياسات الاقتصادية السابقة ليس فى محله، كما أنه يؤكد تمسك الحكومة بذات النهج القديم وعدم وجود نية حقيقية للمراجعة والتصحيح. أما الرسالة الثانية الخاصة بالدعم، فغير موفقة بدورها؛ لأن الدعم مهما زاد، فإنه لا يقابل زيادات الأسعار، كما أنه فى كل الأحوال يأتى من جيوب الناس ودافعى الضرائب والرسوم وليس منحة من الدولة.

وأخيرًا، صدرت يوم الأحد الماضى وثيقة كبيرة (من ١٥٠ صفحة) عن مركز معلومات مجلس الوزراء بعنوان «أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى»، تضع تصورا طموحا من الحكومة الحالية للبرنامج الاقتصادى للدولة للسنوات الست المقبلة. والحقيقة أن الورقة فيها جهد دراسى وبحثى كبير يستحق التقدير.. ولكن يعيبها أنها تقدم مستهدفات عظيمة وطموحة دون أن توضح لنا كيفية بلوغ هذه الأهداف ولا مصادر تمويلها ولا السياسات الواجبة لها، ولا ما الذى يجعلنا نتصور إمكان تحقيقها مع بقاء ذات السياسات والتوجهات فى محلها دون تغيير.

دعونا نضع ما سبق كله فى جملة واحدة: إنكار مشاكل السياسات السابقة، محاولة ضبط الأسعار بالقرارات الإدارية، زيادة تكاليف الخدمات، برامج طويلة الأجل دون عناية بمصادر تمويلها، وإرجاء التصدى للمشاكل العاجلة.. وسوف نجد أن المحصلة النهائية هى الاكتفاء ببعض «المحسنات» على سياساتنا الاقتصادية فى السنوات الماضية دون تغيير جذرى.. وهذه عكس الرسالة المتوقعة والمأمولة، داخليا وخارجيا.

لا داعى لتكرار «روشتة» الإصلاح، فإن عناصرها معروفة ومدروسة وطُرحت تفصيليا من خبراء ومحللين ومؤسسات دولية بما لا يدع مجالا للمزيد. فقط، أضيف أن الوقت يمر، والأضرار تتراكم، والمخاطر معها، ولا أحد يهمه من كان محقا فى الماضى ومن كان مخطئا، فليس هذا وقته، بل وقت اتخاذ قرار حاسم وضرورى حول إصلاح اقتصادى حقيقى وشامل، يعيد للناس الأمل، وللأسواق الانتعاش، وللمستثمرين الثقة، وللاقتصاد القومى المكانة الإقليمية التى يستحقها.

مازلنا فى الانتظار.. ولعل القادم أفضل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بداية غير مقنعة لعام اقتصادي جديد بداية غير مقنعة لعام اقتصادي جديد



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon