توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وثيقة دور الدولة فى الاقتصاد ثلاث ملاحظات منهجية

  مصر اليوم -

وثيقة دور الدولة فى الاقتصاد ثلاث ملاحظات منهجية

بقلم - زياد بهاء الدين

من حوالى عشرة أيام، انتشرت بين المتابعين للشأن الاقتصادى مسودة وثيقة تحمل عنوان «سياسة ملكية الدولة» وصادرة من رئاسة مجلس الوزراء. ومع أنها لم تطرح بعد بشكل رسمى، إلا أن الحكومة صرحت مؤخرا بأنها مسودة مبدئية وسيعقبها نص جديد يتم طرحه قريبا للحوار المجتمعى لمدة ثلاثة شهور.

إعداد المسودة وإطلاقها للنقاش العام أمر يستحق الإشادة والتقدير لأنها تخاطب واحدا من أهم وأدق المواضيع الاقتصادية التى أثارت الكثير من القلق والتحفظ من مختلف الدوائر المحلية والدولية، وهو دور الدولة فى الاقتصاد، وتطرح تصورا واضحا لمحددات هذا الدور، كما أنها تقترح مستهدفات معينة لتخارج الدولة من بعض الأنشطة أو استمرارها فى البعض الآخر، وأخيرا فإنها قواعد الحوكمة والتنافسية الحاكمة لما ستحتفظ به من أنشطة بما يحفظ حقوق المساهمين معها أو المنافسين.

ولأن الوثيقة كبيرة الحجم (٤٨ صفحة) وسوف تتاح فرصة مناقشة تفاصيلها فى الأسابيع القادمة، فسوف أكتفى اليوم بثلاث ملاحظات ذات طبيعة عامة، لعلها تكون مفيدة عند إعداد المسودة التالية:

الملاحظة الأولى تتعلق بنطاق تطبيق السياسة المقترحة، وتحديدا المقصود بمفهوم «الدولة». ملكية الدولة بمفهومها الواسع تتحقق من خلال أشكال مختلفة. هناك الأنشطة والشركات والأسهم المملوكة لوزارات الدولة بشكل مباشر مثل وزارة المالية أو الزراعة، وقد تكون من خلال الهيئات العامة كهيئة البترول، ويوجد أيضا شركات مملوكة وفقا لقانون القطاع العام، ثم شركات أخرى وفقا لقانون قطاع الأعمال العام، وتوجد شركات مملوكة لمؤسسات ذات طبيعة خاصة مثل البنك المركزى والصندوق السيادى وبنك الاستثمار القومى، وشركات وأنشطة مملوكة لجهات سيادية، وأخيرا الملكية غير المباشرة من خلال البنوك وشركات التأمين التابعة للدولة. كل هذه أنشطة تدخل فى المفهوم الواسع للدولة. فهل المقصود بالوثيقة كل ما سبق؟ المسودة تشير، فى أكثر من موضع، إلى «شركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام»، لكن دون أن تصرح بأن نطاقها يقتصر على هذين النوعين من الشركات فقط. لذلك فإن اقتراحى أن تجيب الوثيقة بوضوح عن هذا السؤال الجوهرى وتعرف المقصود بـ«الدولة» التى يجرى تنظيم ملكياتها الاقتصادية حتى لا يثور لاحقا أى لبس أو خلاف فى التطبيق بما يؤثر على مصداقية الوثيقة.

الملاحظة الثانية أن المسودة تتحدث عن «تخارج» الدولة من بعض الأنشطة والقطاعات، سواء بشكل تام أم بشكل جزئى، حسب القطاع الاقتصادى. لكن ما المقصود بـ«التخارج»؟ هل هو بالضرورة البيع لمستثمرين، أى الخصخصة؟ أم أن تعبير التخارج هنا يمكن أن يشمل آليات أخرى لتقليص دور الدولة فى الأنشطة الاقتصادية دون أن يعنى بالضرورة بيع الأصول؟ وأقصد بذلك مثلا تقليص النشاط والانسحاب منه تدريجيا، أو الاحتفاظ بالأصول مع منح القطاع الخاص حق الشراكة أو الإدارة. فلو كان الغرض من التخارج هو «تسييل» الأصول والحصول على أفضل سعر من بيعها - وهذا هدف مشروع - فإن هذا يتطلب البيع أو الخصخصة. أما إن كان الغرض هو خروج الدولة من ساحة المنافسة ومزاحمة القطاع الخاص فى المجالات غير الاستراتيجية أو التنموية، فإن هذا يكون إما بالبيع، أو باحتفاظ الدولة بالملكية مع إسناد إدارتها للقطاع الخاص. وأقترح أن توضح الوثيقة آليات التخارج المقصودة.

أما الملاحظة الثالثة فهى بشأن قائمة الأنشطة التى تنوى الدولة التخارج منها. والحقيقة أنها قد فاجأتنى من حيث طموحها الواسع وشمولها لمجالات عديدة منها أنشطة زراعية وحيوانية وتجارية وفى التشييد وصناعات عديدة معدنية وغذائية وكيماوية ونسيجية ودوائية، وغيرها، خاصة أن الدولة تلتزم بتحقيق ذلك خلال ثلاث سنوات. ونصيحتى ألا يغلبنا الحماس فنلزم أنفسنا بما لا يمكن تحقيقه. صحيح أن الوثيقة - حينما تصدر - لن تكون ذات قوة نفاذ قانونى لأنها تعبير عن سياسة حكومية لا تشريع ملزم، لكنها ستكون مع ذلك ذات أهمية سياسية واقتصادية محليا ودوليا، بما لا يقل عن أهم القوانين، وبما يستحق الحفاظ على مصداقيتها بأى ثمن. لهذا أنصح بالتريث فى تحديد المجالات التى ستنسحب منها الدولة خلال الفترة الوجيزة المذكورة.

ختاما فإن الوثيقة مهمة جدا، وتشير إلى توجه سليم للمستقبل، لكن تحتاج إعادة نظر فى بعض محدداتها الرئيسية.. كما تحتاج لأن تكون أقل تعقيدا لأن السهولة والوضوح مهمان كما أن المرونة فى التطبيق مطلوبة، خاصة فى ظل معطيات اقتصادية متغيرة دائما.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وثيقة دور الدولة فى الاقتصاد ثلاث ملاحظات منهجية وثيقة دور الدولة فى الاقتصاد ثلاث ملاحظات منهجية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon