توقيت القاهرة المحلي 18:39:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العدوان على غزة.. وما بعده

  مصر اليوم -

العدوان على غزة وما بعده

بقلم - زياد بهاء الدين

بغض النظر عما ستسفر عنه مفاوضات اللحظة الأخيرة - الجارية وقت كتابة هذه السطور - بشأن الإفراج عن رهائن إسرائيليين مقابل هدنة مؤقتة، فالأكيد أن عملية الانتقام الجماعية والوحشية التى ارتكبتها إسرائيل ضد أهل غزة ستظل نقطة فارقة فى تاريخنا المعاصر، ولحظة كاشفة عن انهيار المنظومة الأخلاقية والسياسية والقانونية للنظام الدولى الراهن.

أما على الأرض، فإن أثرها سيمتد لسنوات قادمة، فى ظل واقع جديد خَلّفته حرب الإبادة والتهجير التى ارتكبتها إسرائيل وسكتت عنها حكومات الدول الكبرى. واقع أن مليونين وربع مليون فلسطينى كانوا أسرى حتى أسابيع قليلة لأكبر سجن فى العالم، وصاروا بعد العدوان أسرى لأكبر مخيم لاجئين على الأرض. مليونان وربع إنسان على مساحة كانت ضيقة وبها واحدة من أعلى الكثافات السكانية عالميا، فصارت بعد تهجير سكان شمالها إلى جنوبها أكثر كثافة وضيقا، كما باتت محرومة من الكهرباء والمياه والخدمات الطبية والمواد الغذائية، مع هدم بيوتها ومستشفياتها ومرافقها.

صحيح أن التضحية الفلسطينية والصمود البطولى قد أحدثا تحولا هائلا فى الرأى العام العالمى لصالح أهل غزة والقضية الفلسطينية بين شعوب العالم وبما يؤثر ربما على مواقف حكوماتها.. وهذا مكسب سياسى وإنسانى لا يستهان به، وليس لأحد فضل فيه سوى أهل غزة.

ولكنه لن يغير شيئا من الواقع الجديد الذى خلفه العدوان الاسرائيلى. ولو تصورنا حتى زوال كل القيود على إدخال قافلات الإغاثة عبر الحدود المصرية، فلا أظن إمكان إعاشة مليونى شخص بهذه الطريقة لفترة زمنية قد تمتد لسنوات قادمة. يضاف إلى ذلك أن حملات الإغاثة بطبيعتها- ومهما كانت سخية وصادقة- لابد أن تتجه للتباطؤ، ثم النسيان بعد زوال التغطية الإعلامية المكثفة، وتحوّل أنظار العالم لقضايا أخرى.

هناك ضرورة إذن، حتى والعدوان مستمر ووزير الدفاع الاسرائيلى يهدد باستئنافه بمجرد انقضاء الهدنة المؤقتة، للتفكير فيما سيأتى بعد ذلك.

ونقطة البداية هى رفض العودة لما كانت عليه غزة قبل العدوان. فالحياة فى غزة لم تكن مقبولة من الأصل، بل كانت نتيجة مؤسفة لتجاهل العالم والوطن العربى لواقع غير إنسانى ولظروف سياسية واقتصادية ومعيشية بالغة السوء. وإذا كانت الإرادتان، الفلسطينية والمصرية، قد اتفقتا على ضرورة التمسك بالأرض الفلسطينية ورفض مشروعات التهجير المشبوهة.

فإن هذا يؤدى إلى نتيجة واحدة: ضرورة تضافر كل القوى والموارد العربية والمساندة الدولية لإعمار وتأهيل وترتيب أوضاع غزة بعد العدوان، ليس بمنطق الإعاشة والإغاثة، بل بمنطق الإعمار الحقيقى للمدارس والمستشفيات والبنية التحتية والمساكن والمرافق.. وبجانب كل ذلك توفير الظروف التى تجعل غزة منطقة نشاط اقتصادى كفيل بأن يوفر لشبابه فرص عمل، ولسكانه مصدرا للدخل، ولإدارته الموارد المالية اللازمة.

ليس موضوعيا هنا ما إذا كان المستقبل سيكون لصالح دولة أم دولتين، ولا طبيعة السلطة فى غزة والضفة الغربية.. فهذا حوار سياسى قد يستغرق أعواما، كما استغرق من قبل عقودا.. حديثى عن البناء الاقتصادى المطلوب التفكير فيه والتخطيط له عاجلا، والبدء فى توفير موارده، واتخاذ الاستعدادات للبدء فى تنفيذه فى أول فرصة سانحة.

التضحيات الفلسطينية بُذلت بالفعل وكانت جسيمة، ولم تنته بعد. ولكن التفكير فيما هو آتٍ بات ضروريًا كى لا تتحول غزة إلى مخيم كبير للاجئين، ولا تعود كما كانت سجنا مفتوحا ليس فيه مستقبل للشباب، بل منطقة تعمير وإنشاء وبناء مستقبل جديد لشعب دفع ثمنًا غاليًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العدوان على غزة وما بعده العدوان على غزة وما بعده



GMT 03:46 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

شعب مالوش كتالوج!!

GMT 03:18 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الغباء المدمر

GMT 03:13 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عندما قال كيسنجر: «أي شىء يتحرك»!

GMT 04:58 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

أيها العالم.. استيقظ

GMT 04:53 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

لماذا السيسي؟!

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon