توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وماذا عن المرأة باقى أيام العام؟

  مصر اليوم -

وماذا عن المرأة باقى أيام العام

بقلم : زياد بهاء الدين

كعادة كل ٨ مارس، احتفلنا الجمعة الماضية باليوم العالمى للمرأة على نحو ما جرى عليه العمل فى السنوات الماضية: تأكيد على المساواة، وتكريم للمتفوقات فى مجالهن، واحتفالات وندوات ولقاءات تلفزيونية، واستعراض للإنجازات التى تحققت فى مجال حقوق المرأة.
وللإنصاف فإن ما تحقق ليس بقليل: فى الحكومة المصرية ولأول مرة ثمانى وزيرات يمثلن ٢٥٪؜ من أعضاء الحكومة، وفِى مجلس النواب ٨٩ نائبة يمثلن ١٥٪؜ من البرلمان، والمجلس القومى للمرأة يتمتع بمساندة ودعم الدولة، ولأول مرة لدينا سيدة تشغل منصب المحافظ، والنساء يتصدرن العديد من المواقع القيادية فى الجهاز الحكومى وفِى الاعلام وفى القطاع المصرفى وفِى العمل الأهلى، والفتيات المصريات يحصدن الجوائز الرياضية العالمية، وأخرى أدبية وفنية. والأهم أن صوت المرأة أصبح عنصرا مؤثرا ومعترفا به فى حسم التوجهات السياسية وفِى تشكيل المزاج العام. وهذه علامات طيبة ومكاسب حقيقية لا ينبغى التقليل من شأنها أو القول بأنها لم تتحقق إلا بمباركة الدولة لأن مثل هذا التبسيط يتجاهل الأثر التراكمى لعشرات السنوات من النضال النسوى والاصرار على تحقيق مكاسب تدريجية، كما يتجاهل المشاركة الفعالة للمرأة المصرية فى النشاط الاقتصادى وما جلبته من تغير فى الوعى السائد.
ومع ذلك فإن هذا التقدم ليس متوازنا أو متسقا عبر المؤسسات والعلاقات الاجتماعية، بل لا يزال محصورا فى مساحات معينة على نحو ما يعبر عنه مثلا استمرار غياب المرأة عن منصة القضاء، وعدم المساواة الاقتصادية بين عمل المرأة وعمل الرجل، واستمرار الفجوة الواسعة بينهما فى الارياف، وعدم ملاءمة الكثير من الخدمات العامة لاحتياجات المرأة، واصطدام العاملات فى القطاع الخاص بما يعرف بالسقف الزجاجى الذى يجعل المرأة المتفوقة تتقدم فى عملها وتصعد السلم الوظيفى حتى درجة معينة يتوقف بعدها نموها المهنى. فالتقدم لم ينفذ بعد لعمق المجتمع ولَم ينجح فى تغيير الصورة الذهنية السائدة لدى الأغلبية الواسعة بأن المرأة، مهما تفوقت وأنتجت وتقدمت، لا تزال تحتل مكانة ثانية ولا يجوز لها تجاوز حدود تفرضها الاعراف والتقاليد أو علاقات القوى فى المجتمع.
تحقيق المزيد من التقدم فى هذا الموضوع لن يكون ممكنا باستخدام ذات المنطق والأدوات والقناعات التى ساهمت فى تحقيق المكاسب التى ذكرتها، بل يلزم الانتقال إلى مستوى جديد من الوعى والعمل كى تكون مكتسبات المرأة المصرية أكثر عمقا واستدامة وأكثر اتساقا عبر المؤسسات والعلاقات. وفِى تقديرى أن مثل هذا التقدم الأكثر شمولا واتساعا يجب أن يستند إلى أمرين:
الأول العمل على إصدار قانون طال انتظاره وكثر الحديث عنه دون جدوى حتى الآن، وهو قانون المساواة الذى يحظر كل أشكال التمييز فى المجتمع، النوعى والدينى والعرقى والطبقى والجغرافى، ويفرض عقوبات محددة على التمييز فى التعليم والعمل وتقلد الوظائف العامة والأجر، وفى العبادة والعقيدة، وفِى الحماية القانونية للنفس والسلامة، وفِى الأهلية للتملك والتصرف. فهذا وحده الكفيل بأن تتحول مكتسبات المرأة من الارتباط بالظروف المتغيرة والأولويات السياسية لأن تصبح حقا قانونيا لا يقبل الجدال أو المساومة.
والثانى هو النظر بجدية وأمانة فيما يجعل قضية المرأة وحقوقها ومكتسباتها أكثر انتشارا فى المجتمع وأكثر نفاذا لمختلف الطبقات الاجتماعية وأكثر اقترابا من قضايا وهموم وأولويات المرأة المصرية بشكل عام. وهذا يحتاج أن يكون لدينا ثقة واهتمام واحترام بالعمل النسوى والنشاط الاجتماعى المهتم بأوضاع المرأة اليومية فى كل بقاع الوطن وليس فقط ما يجذب منه الاعلام أو يهم الدولة أو يحظى بمباركة المنظمات الدولية. فالمرأة المصرية لا تنتظر فى صراعها اليومى مع متطلبات الحياة أيا من هذا، بل تخرج كل يوم من بيتها لتدافع عن نفسها وعن أسرتها وعن عملها وعن استقلالها فى كل موقع وكل مناسبة مهما كانت عادية أو غير جاذبة للانتباه، وعلينا أن نقدر هذا الجهد اليومى باعتباره صميم قضية المرأة وليس تفاصيل غير جديرة بالاهتمام.
أن يتحول الانتصار للمرأة فى المجتمع إلى قضية تمس كل نساء مصر وتدعمهن فى كل موقع وتحترم اختياراتهن، وان تصبح حقوقهن محمية بقانون ملزم ورادع، سوف يجعل احتفالنا بالمرأة وبحقوقها مستمرا كل أيام العام وليس يوم ٨ مارس فقط.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وماذا عن المرأة باقى أيام العام وماذا عن المرأة باقى أيام العام



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon